الصناديق الاجتماعية طرف فاعل في الإقراض.. ديناميكية تمويل جديدة

الصناديق الاجتماعية طرف فاعل في الإقراض.. ديناميكية تمويل جديدة

تاريخ النشر : 13:50 - 2024/01/25

أعلن وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي عن دخول الصناديق الاجتماعية على خط الإقراض المباشر لمنخرطيها بعد الزيادة المرتقبة في سقف القروض وتنويع عناوينها لتصل إلى 100 آلف دينار، حيث تأتي هذه الخطوة التي وصفت بالجريئة في ظل وضع اقتصادي يتم بشح السيولة وارتفاع نسب الفائدة ما ساهم في إقصاء شريحة واسعة من المواطنين من دائرة التمويل .
وتثير هذه المبادرة، التي كشف عنها وزير الشؤون الاجتماعية، مالك الزاهي، تساؤلات حول التوازن بين إرادة الدعم الاجتماعي لفئات واسعة من المواطنين، من جهة وواقع ميزانية هذين الصندوقين والموارد التي ستتأتى منها التمويلات الجديدة، من جهة أخرى.
ديناميكية تمويل جديدة
يمثل الإعلان عن هذه القروض الجديدة خطوة مهم نحو الدعم الاجتماعي وتوفير السيولة للمواطنين من منخرطي صندوقي التقاعد والحيطة الاجتماعية والضمان الاجتماعي في ظل صعوبات تتعلق بمستوى النفاذ للتمويلات ناجمة عن شطط نسب الفوائد واشتراط رهون كبرى من المؤسسات المالية، بمختلف اصنافها.
وكشف، وزير الشؤون الاجتماعية في هذا الإطار، مالك زاهي، عن رؤية جريئة بحكم انها وضعت الصناديق الاجتماعية في وضع منافسة مع الجهاز المالي فضلا عن كونها تهدف إلى تقوية خدمات الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من خلال وضعهما كطرفين رئيسيين في تعزيز الرفاه الاقتصادي للمواطنين وتحسين مستوى الاستهلاك لديهم بتكلفة تتناسب مع مداخيلهم.
ويرافق هذا الواقع الجديد من الدعم الاجتماعي وعود بإجراء تعديلات كبيرة في سياسة الإقراض على مستوى الصناديق الاجتماعية خصوصا ان القروض المعلن عنها هي نتيجة دراسة متأنية لكيفية جعل الخدمات الاجتماعية أكثر سهولة ومرونة واستجابة للاحتياجات المتغيرة للمواطنين.
في هذا الصدد، أكد الوزير مالك الزاهي، في عرضه لهذه المبادرة، على أهمية تنويع إيرادات الصناديق وتحديث خدماتها للاستجابة بفعالية للتحديات الاقتصادية رغم عدم افصاحه على مصدر الموارد التي ستوظف لمنح التمويلات التي ينتظر ان تصل الى مستويات عالية علما ان الصناديق الاجتماعية لا يمكنها، وفق التراتيب القانونية المعمول بها، النفاذ للسوق النقدية للحصول على السيولة إضافة الى صعوبة تمويلها من قبل الجهاز المالي لاعتبارات تتعلق بالكلفة، وتبقى الامكانية الوحيدة المتاحة فنيا، على هذا المستوى، هي اصدار قروض رقاعية بشروط ميسرة شرط إقبال المكتتبين عليها وسط شح السيولة الذي تشهده عدة  قطاعات اقتصادية في البلاد، بشكل عام.
قروض مفيدة لتحفيز الاقتصاد
وفقا للتفاصيل التي كشفها المدير العام للضمان الاجتماعي، نادر العجابي، خلال تصريح اعلامي في 17 جانفي الجاري، ستتميز هذه القروض بزيادة قيمتها وتحسين فترات سدادها مع اعتماد نسب فائدة تفاضلية وهو ما يطرح عدة تساؤلات حول استدامتها على المدى البعيد، في ظل ترجيح ارتفاع الطلب عليها، بشكل متواصل، وضعف التدفقات النقدية في موازنات الصناديق الاجتماعية، وهو ما تؤكده قائماتها المالية.
وترمي الإجراءات الجديدة، حسب المسؤول، الى تلبية الاحتياجات المتنوعة للمؤمن عليهم وتعزيز الدورة الاقتصادية في البلاد. وتقدر، وفقا للمدير العام، قيمة القروض الشخصية بنحو 25000 دينار، فيما تصل قيمة قروض اقتناء السيارات الى حد أقصى يناهز 50000 دينار، بينما تبلغ القيمة القصوى للقروض العقارية 100000 دينار، وهو ما يندرج، على حد تقديره، في إطار تقديم عرض متنوع من الخدمات المالية مع احترام المعايير المتعلقة بالقدرة على السداد التي تحدد، وفق مستوى الدخل.
واقع الصناديق
ستقوم وزارة الشؤون الاجتماعية قريبا بنشر بيانات توضح بالتفصيل المبالغ المخصصة لكل فئة من المؤمن عليهم وشروط السداد. وستسلط هذه المعطيات الحاسمة الضوء على المغزى الفعلي من هذه المبادرة وميزاتها.
ومع ذلك، تأتي هذه الخطوة التي تهدف الى توطيد الدعم الاجتماعي للمواطنين في سياق أوضاع مالية معقدة للصناديق الاجتماعية.
وبين تقرير وزارة المالية الصادر بداية شهر جانفي الحالي، تسجيل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لعجز قدره 1.27 مليار دينار في عام 2021، مرتفعا عن المستوى الذي شهده في العام السابق. وتشير التوقعات لعام 2022 إلى مزيد تفاقم العجز مع بلوغ الخسائر الصافية للصندوق 961.5 مليون دينار. وبلغ، حسب معطيات التقرير الوزاري، العجز المتراكم للمؤسسة 5.35 مليار دينار في عام 2022. وبالمثل، فإن الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية تشهد تقريبا نفس الوضعية، على الرغم من انخفاض عجزها بشكل طفيف في عام 2021 تبعا لزيادة الأموال المحول له من قبل الدولة. في نفس السياق، تشير التقديرات لعام 2022 إلى زيادة عجز الصندوق إلى حدود 578.7 مليون دينار. ويقدر، على هذا الأساس، العجز المتراكم للصندوقين الاجتماعيين بحوالي 5.62 مليار دينار في عام 2022.
الصناديق الاجتماعية تغزو سوق الإقراض
تشير المبادرات الجديدة للصناديق الاجتماعية إلى الرغبة في الاستحواذ على حصة من سوق القرض، التي تهيمن عليها تقليديا المؤسسات المالية، من خلال تقديم تمويلات بشروط مناسبة للمقدرة الاستهلاكية، مثل أسعار الفائدة التفاضلية وفترات السداد الميسرة، وتسعى الصناديق الاجتماعية عموما إلى استقطاب المؤمن عليهم لترويج خدماتها المالية الجيدة والتنافس مع عروض المؤسسات المالية.
ومن خلال توسيع نطاق الاقراض، ترمي الصناديق الاجتماعية الى تنويع إيراداتها والى التحول الى بديل فاعل ومنافس قوي للجهاز المالي الذي يحتكر الخدمات المالية بمختلف اصنافها وهو ما تبينه جهود زيادة مبالغ القروض، مما يوفر فرصا لتحقيق مداخيل إضافية من خلال تعبئة الفوائد الموظفة على التمويلات. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية لا تخلو من المخاطر، وستكون الإدارة الحكيمة للمخاطر المرتبطة بها حاسمة لإنجاحها وضمان ديمومتها وعدم التسبب في مزيد تعميق عجز الصناديق الاجتماعية.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

أعلنت المنظمة التونسية للأطباء الشبان، في بيان أصدرته، اليوم السبت، عن سلسلة من القرارات التصعيدي
17:46 - 2025/05/03
تكون السماء، ليل السبت، مغشاة بسحب عابرة على كامل البلاد.
17:20 - 2025/05/03
أفادت وزارة الصحة، في بيان صادر اليوم، انه تم الاتفاق مع الهيئة العامة لمراقبة المصاريف العمومية،
16:52 - 2025/05/03
تسرب سهوا خطأ في صورة تم نشرها بالصفحة الرسمية لموقع الشروق أون لاين على موقع التواصل الاجتماعي "
13:30 - 2025/05/03
ستشهد بعض المناطق بالضاحية الجنوبية للعاصمة، إضطرابا وإنقطاعا في توزيع الماء الصالح للشرب، وذلك ب
13:14 - 2025/05/03
يجتاز 143 ألفا و 935 تلميذا، انطلاقا من يوم الإثنين المقبل، امتحان البكالوريا التجريبية " البكالو
13:01 - 2025/05/03
أدى وزير التربية، نور الدين النوري، مساء امس الجمعة 2 ماي 2025، زيارة إلى فضاء معرض تونس الدولي ل
12:38 - 2025/05/03