مع الشروق: عالقـون يحترقون !...
تركز وسائل الإعلام الأجنبية في هذه الفترة وبشكل كبير على المهاجرين غير الشرعيين العالقين بين تونس وليبيا ، وتضع هذه القنوات الأفارقة جنوب الصحراء أمام عدسات الكاميرا وتفتح لهم الميكروفون للحديث عن معاناتهم التي تجاوزت العطش والجوع والشمس الحارقة ، إلى الموت في قلب الصحراء وعلى خطوط التماس بين القطرين الشقيقين.
إعلاميا ، هذا واجبهم ، فعليهم نقل هذه الصورة المأساوية بكل تفاصيلها الحارقة للعالم لحث الجهات المعنية الرسمية وغير الرسمية للتدخل لفائدة هؤلاء اللاجئين والمهاجرين الذين يعيشون أوضاعا إنسانية سيئة للغاية لا تليق بالبشر ولا غير البشر..
شباب وأطفال ونساء ورضع تحت أشعة الشمس الحارقة بلا إمدادات للماء والغذاء والدواء ..لا هم قادرون على الدخول إلى التراب التونسي ولا هم يستطيعون وطء أرض الشقيقة ليبيا ، هم ببساطة في منزلة بين المنزلتين مطاردون من هنا وهناك وعاجزون أمام ثلاثة خيارات إما الدخول إلى تونس أو إلى الشقيقة ليبيا أو الهجرة إلى أوروبا وفق رغباتهم الأصلية وأحلامهم التي تحطمت بين كثبان رمال الصحراء الحارقة .
قلت إعلاميا هذا واجب الصحفيين أو "مؤرخي اللحظة" في هذه اللحظات الحرجة لمواطنين دفعت بهم أوضاعهم الصعبة إلى الهجرة من بلدانهم الأصلية هربا من الفقر والبؤس وقصف المدافع والخلافات السياسية التي ما تركت شعبا يعيش ..
وسائل الإعلام التي تركز على هذه الوضعية الحارقة ، تبدي وتستبطن "لوما" لتونس وليبيا في ذات الآن ، لكنها في المقابل تكتفي بالإشارة فقط بل وعلى استحياء شديد إلى غياب دور الدول الغربية الرافضة لـ " المد " الافريقي على أراضيها ..
موضوع الهجرة ، بات مشكلا يؤرق كل دول العالم تقريبا، وفي غياب الحلول الجدية والجذرية للدول التي يتدفق منها المهاجرون سيبقى الإشكال دائما لتعاني منه دول العبور خاصة ومنها تونس التي مر منها منذ بداية هذا العام إلى حدود الأسبوع الأول من شهر جويلية ما يقارب الـ59 ألفا إلى السواحل الإيطالية وفق ما نشرته وكالة "نوفا "الإيطالية نقلا عن وزارة الداخلية الإيطالية.
وزير الداخلية كمال الفقي التقى بنظيره الليبي اللواء عماد الطرابلسي خلال هذا الأسبوع ، "للنظر في جملة من الملفات الأمنية المشتركة ومنها ملف مكافحة الهجرة غير النظامية وما له من تداعيات على البلدين ، واتفق الطرفان على ضرورة مزيد التنسيق والتعاون الثنائي في المجال الأمني بما يعكس علاقة الأخوّة الحقيقية بين الشعبين وعراقة الشراكة التي تجمع البلدين الشقيقين، خاصّة في مجال تبادل المعلومات والتكوين ومكافحة الجريمة المنظمة "
هذا الاتفاق وعلى أهميته لا يمكنه أن يحل هذه المعضلة الدولية وتداعياتها على المهاجرين ودول العبور التي تعاني أكثر من غيرها بسبب الهجرة غير الشرعية ، وعلى الدول الغربية التدخل بكل جدية لدعم الدول الفقيرة والكف على نهب خيراتها والتدخل في شؤونها مع مساعدتها على ارساء نظم ديمقراطية والقضاء على المحسوبية وتحقيق مبدأ المساواة والعدل وحث الشباب على التعلم مع توفير فرص العمل لهم في بلدانهم الأصلية التي فروا منها بحثا عن حياة أفضل لا حبا في الدول الأوروبية وكرها لدولهم الأم ..!.
راشد شعور
