مع الشروق.. صندوق النقد الدولي... ومراعاة الحالة التونسية

مع الشروق.. صندوق النقد الدولي... ومراعاة الحالة التونسية

تاريخ النشر : 07:00 - 2023/03/31

 رغم تأخر تنفيذ عديد الإصلاحات الاقتصادية والمالية والاجتماعية لأسباب عديدة، إلا أن تونس حققت خلال العام الأخير تقدما ملحوظا في تنفيذ بعض الإصلاحات وتعتزم مواصلة تنفيذ إصلاحات أخرى في المرحلة القادمة في إطار التزامات تجاه صندوق النقد الدولي مقابل تمكينها من تمويل بقيمة 1.9  مليار دولار.. غير ان هذا التقدم في تنفيذ بعض الإصلاحات مازال لم يشفع بعدُ لتونس لتحصل على القرض الموعود، وهو أمر مثير للاستغراب وبدا وكأنه مماطلة مجانية وغير مبرّرة من إدارة الصندوق.
لم تدّخر تونس في الفترة الأخيرة جهودا لتنفيذ بعض الإصلاحات، وقامت، رغم صعوبة المهمة، بما يمكن القيام به ووفق ما تسمح به امكاناتها وما يسمح به الوضع العام في البلاد خاصة من الناحية الاجتماعية.. فالحكومة اليوم بصدد تقليص نفقات الدعم، لا سيما في مجال المحروقات وفي بعض المواد الاستهلاكية، وتواصل أيضا إيقاف الانتداب بالوظيفة العمومية للضغط على كتلة الأجور، وتعمل منذ مدة على إصلاح المؤسسات العمومية التي تمر بوضعية صعبة، وقامت بإصلاحات هامة في المجال الجبائي وقد بدأ كل ذلك يعطي اكله نسبيا بالنسبة للوضعية  المالية للدولة.
وتواصل تونس القيام بهذه الإصلاحات رغم ما تعانيه - شأنها شأن أغلب دول العالم - من صعوبات مضاعفة نتيجة مخلفات جائحة كورونا وكذلك تأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية فضلا مخلفات سوء إدارة الحكم طوال العشرية الماضية، ورغم ما تسببت فيه تلك الإصلاحات للشعب من "آلام". وهو ما تؤكده شهادات المسؤولين الأجانب وكذلك تقارير هياكل ومؤسسات دولية آخرها ما ورد أمس الخميس في تقرير البنك العالمي حول تونس، ومن المفروض أن تكون كل هذه العوامل في صالحها عند استعراض ملفها أمام صندوق النقد الدولي.
كان بالإمكان أن يأخذ صندوق النقد الدولي كل ذلك بعين الاعتبار وأن يراعي خصوصية الحالة التونسية وأن ينظر الى ما تحقق من تقدم للإصلاحات في وقت وجيز وأن يعتقد في التزام الحكومة التونسية بتنفيذ ما بقي من إصلاحات أخرى ، ويُعجّل بتمكين بلادنا من القرض الموعود والمنتظر. فهذا القرض تحول الى مصدر ارباك في البلاد بعد أن كثر الحديث عنه في أغلب الأوساط الدولية وأصبح سببا من أسباب الإساءة لصورة تونس في الخارج ومحاولة البعض ممارسة ضغوطات عليها إلى جانب تسببه في إيقاف كل التمويلات الأخرى المحتملة التي يمكن ان تأتي من دول أو مؤسسات مالية.
وعلى صندوق النقد الدولي ان لا ينسى ان الأطراف الخارجية التي ساعدت تونس على تحقيق " الانتقال الديمقراطي" منذ 2011 لم تساعدها في المقابل على تحقيق "الانتقال الاقتصادي والتنموي" واكتفت بإغراق البلاد بالقروض والتمويلات المختلفة. وهو ما أدى إلى تدمير المقومات الاقتصادية والتنموية للبلاد بعد أن انشغلت كل الحكومات المتعاقبة بالشأن السياسي وأهملت العناية بالاقتصاد والتنمية والاستثمار في البلاد وسهّلت التفريط في بعض المكتسبات والركائز الاقتصادية لدولة الاستقلال، وتعطل نتيجة كل ذلك تنفيذ الإصلاحات الى اليوم. وما على صندوق النقد إلا أخذ ذلك بعين الاعتبار والتحلي بشيء من المرونة عند التعاطي مع الحالة التونسية ومراعاة ما مرت به وما تمرّ به الى اليوم من ضغوطات مختلفة.
فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك