نزيف الهجرة السرّية

نزيف الهجرة السرّية

تاريخ النشر : 15:15 - 2022/10/15

فاحت رائحة الموت على شواطئ الخضراء وتتالت الأنباء لتعلن ارتفاع عدد ضحايا الهاربين في قوارب الموت والدّولة المخمورة الغائبة المغيّبة لا تحرّك ساكنا وهذا معلوم متوقّع لأنّ تلك الأرواح التي تتساقط لا تنتمي لدائرة اهتمام الدّولة الانتقائيّة الانتقاميّة.
كلّ يوم فاجعة وأمّهات تنتظر مصير أرواح خرجت من أرواحها وهي تشقّ المياه الدافئة للمتوسّط المتطرّف لتنطفئ روح هنا وتشتعل روحا هناك والدولة المتخلّية لا تقوى على فعل شيء للظاهرة الظاهرة الساطعة المشعّة كالحقيقة المؤلمة.
 دولة نشيطة في جمع الضرائب " بكلّ أنواع الضرائب" بتشريعاتها المجرمة التي كبّلت شعب المقهورين بالخطايا والدفوعات لطيفة وديعة في مكافحة تجّار البشر وبارونات الهجرة السرّية تصنيفا والمكشوفة المعلنة واقعا وحقيقة.
إنّها جريمة دولة بكلّ المقاييس والمقاسات أن تتكرّر وتتواتر هذه الظاهرة والجريمة الأشنع الأبشع خطابات التبرير والتفسير للتسفير والتهجير.
لنترك جانبا " كلام السلطة البرّاق كثياب الرقّاصات " على حدّ تعبير القبّاني العظيم وبعيدا عن المؤامراتيّة والخطابات الشعبويّة هل يمكن اعتبار هجرة عشرات الآلاف لصربيا أو تركيا أو إيطاليا ... وموت الآلاف والتحاق جزء منهم بالإرهاب وبالجريمة المنظّمة المنتظمة عفويّا؟ 
كيف تحوّلت تونس إلى دولة تصدّر وتتصدّر بأبنائها قائمة الدول الراعية للهجرة السريّة والارهاب والتهريب والتهرّب؟ 
ما الذي يحصل في وطني؟ 
ذكرنا مرارا وتكرار أنّ تفاصيل " الانتقام الديمقراطي" يؤكّد لنا كلّ مرّة أنّ الهدف هوّ نسف الدولة الوطنيّة واقتلاعها من جذورها بكلّ السبل والوسائل لتكون منصّة متقدّمة للصراعات الجيوسياسية الدّولية فهل تدرك السّلطة الحاليّة عمق وخطر التصدّعات الحاصلة في كلّ المستويات.
لقد تمّ منذ الوهلة الأولى تمزيق النسيج المجتمعي بطرح خطابات الهويّة و فتح المجال لكلّ أنماط التعصّب و لكنّ هذا النسيج الهشّ و المتآكل بقي على قيد الحياة بفضل تراكمات حضاريّة مدنيّة و لكنّ نزيف الهجرة و التهجير قد يقتلع آخر الحصون و ينهي المستوى المجتمعي من دولة تمّ تخريب جهازها الاداري و اختراقها و لسنا في حاجة للتذكير بما فعله تجّار الشأن العام من ساسة الخساسة و الحقوقيين تحت الطلب ليتوه في النهاية شعب المقهوين و لتملأ الفضاء العام صرخات الثكالى من ضحايا الهجرة الحتميّة بقعل العناصر الموضوعيّة و قوّة تجّار البشر .
في النهاية التقى تجّار الشأن العام بتجّار الدّين بتجّار البشر بسلطة خرساء "ليتفرّق دمنا بين القبائل" والملل والنحل خارج الحدود وداخلها.
إلى أرواح فاجعة جرجيس

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

لا يمكن فهم ما يجري في غزة، إلا في سياق الحرب العدوانية الطويلة التي قامت بها الحركة الصهيونية وح
07:00 - 2024/05/09
على هامش اللقاء الثلاثي بين رئيس الجمهورية قيس سعيّد والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس المجل
07:00 - 2024/05/08
نعم ثمة هجرة وثمة تهجير وثمة حرب تهجير متنقلة.
19:30 - 2024/05/06
عندما نتناول بالبحث والتدقيق من خلص البلاد التونسية من الاستعمار الفرنسي  أمثال الزعيم الحبيب بور
08:51 - 2024/05/06
أشرقت الأنوار يوم 23 ديسمبر2021 عندما أقدمت رئيسة إحدى الدّوائر الابتدائية بالمحكمة الإدارية على
08:50 - 2024/05/06
لا شبيه لدولة إسرائيل في كل شيء عبر كل العصور، وكي تكون كما كانت وتصورتها الحركة الصهيونية وجسدته
08:49 - 2024/05/06
لقد تبين للقاصي والداني بعد طوفان الأقصى اننا نعيش في عالم التوحش، وإلى ما بعد التوحش.
08:49 - 2024/05/06
إن الهدف الرئيسي من تقديم هذه المعطيات المجمعة حول الخسائر الاقتصادية والمالية للعدو من عدة مصادر
00:12 - 2024/05/03