مع الشروق..عندما تتكلّم... سوريا العروبة

مع الشروق..عندما تتكلّم... سوريا العروبة

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/09/07

تمضي الجزائر في الاعداد والاستعداد لاحتضان القمة العربية الحادية والثلاثين مطلع نوفمبر القادم في العاصمة الجزائرية.. وتتحرك الدبلوماسية الجزائرية في كل الاتجاهات وتفتح كل الملفات مهما  كانت شائكة ومستعصية وذلك في سبيل تذليل كل الصعاب وتهيئة المناخات الملائمة لانجاح قمة عربية تعقد في ظرفية اقليمية ودولية بالغة الدقة والخطورة.
من بين الوجهات التي تحركت صوبها الدبلوماسية الجزائرية تأتي الجمهورية العربية السورية. ومن بين الملفات التي باشرتها وسعت إلى إيجاد مخارج لها ملف عودة سوريا صلب الجامعة العربية وشغل موقعها الطبيعي صلب هيكل عربي كانت من مؤسسيه وسوف لن يكون لعمله من جدوى ولا فاعلية في غياب دولة في حجم وفي دور سوريا..
لم تكد القنوات الدبلوماسية الجزائرية تتحرك صوب دمشق العروبة حتى جاء الجواب الشافي والضافي. وحتى جاء الموقف الذي يثلج صدر كل عربي نزيه وشريف يسعى إلى انجاح القمة العربية ويرغب في اعطاء العمل العربي المشترك ذلك الزخم المفقود والذي بدونه لا حاضر ولا مستقبل للأمة العربية في لعبة الأمم وعلى صعيد الدفاع عن المصالح العربية العليا للأمة ونصرة قضاياها العادلة والمشروعة وفي طليعتها قضية الشعب الفلسطيني الباسل والمناضل وحقه في استرداد حقوقه الوطنية المشروعة وعلى رأسها حقه في إقامة دولته الحرة والمستقلة وعاصمتها القدس الشريف. فقد صدعت سوريا تجاوبا مع الجهود الجزائرية بذلك الموقف العربي الصميم الملتزم حتى النخاع بثوابت الأمة والحريص على لمّ الشمل العربي واعطاء العمل العربي المشترك المضامين التي ترتقي به إلى مستوى التحديات. كان ذلك حين أزاحت كل حرج عن شقيقتها الجزائر وأعلنت عدم تمسكها بمطلب العودة إلى شغل مقعدها صلب الجامعة مع انه حق شرعي ومشروع وحق مكتسب وذلك في سبيل ازاحة عقبة هامة من طريق القمة واسقاط ورقة واهية كان شق من العرب يراهن عليها لاجهاض القمة لأسباب في ظاهرها تتعلق بعودة سوريا وفي باطنها تأتي استجابة لرغبة أعداء الأمة وفي طليعتهم الكيان الصهيوني والذين لا يرغبون في رؤية سوريا العروبة تعود إلى البيت العربي.
الواقع ان كل متتبع لأداء القيادة السورية ولتفاصيل الدور السوري صلب المنظومة العربية يدرك دون عناء ان هذا الموقف يندرج في سياق قناعات تعبّر عنها سوريا على الدوام وسياسات تلتزم بها سوريا في كل الظروف والأحوال. سوريا العروبة ورغم كل شيء وقبل وبعد كل شيء تطرح نفسها خيمة للعمل العربي المشترك.. وتطرح على نفسها أدوارا متقدمة في الالتزام بالقضايا العربية وفي الدفاع عنها.. وقد أثبتت لكل العالم وفي طليعته العرب أنها مستعدة لدفع ضريبة التزامها القومي في نصرة القضايا العربية وفي طليعتها نصرة  قضية الشعب الفلسطيني ونصرة المقاومة الباسلة في فلسطين المحتلة وفي لبنان الصامد، وكل المخلصين يدركون ان سوريا ما كانت لتستهدف بذلك العدوان الكوني الذي شكل التحالف الصهيوني ـ الأمريكي رأس الحربة فيه لو أنها قبلت بلائحة الشروط التي قدمها كولن باول للرئيس بشار الأسد ذات 7 ماي من عام 2003. لكن سوريا اختارت الانحياز لنفسها ولقناعاتها ولعروبتها ورفضت أن تبيع مبادئها وأن تتاجر بقضايا أمتها وقبلت برفع التحدي إلى أن تمكنت بحنكة قيادتها وصبر شعبها وبطولة جيشها العربي السوري من احباط المؤامرة وتمريغ وجوه المتآمرين في أوحال الهزيمة والانكسار.
وهذه الـ«سوريا» الشامخة بمبادئها وبقناعاتها وبإيمانها بقضايا أمنها والمدركة لدقة المرحلة ولحجم المخاطر المحدقة بالأمة في هذا الظرف الدقيق عرفت كيف تهزم اعداء الأمة مجددا في ساحة الدبلوماسية هذه المرة وكيف تسحب منهم ورقة كانوا يعدّون لاستخدامها سكّينا للاجهاز على العمل العربي المشترك وربما لوأد الجامعة كهيكل.. تمهيدا لقيام جامعة شرق أوسطية جديدة تكون فيها «اسرائيل دولة شقيقة» كما تنبأ بذلك غوار الطوشي في مسرحيته الخالدة «كأسك يا وطن» (1979) (تأليف الكاتب والشاعر محمد الماغوط وبطولة دريد لحام).
عبد الحميد الرياحي

 

تعليقات الفيسبوك