مع الشروق .. لماذا يهرول أردوغان للمصالحة مع سوريا؟

مع الشروق .. لماذا يهرول أردوغان للمصالحة مع سوريا؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/08/21

أخيرا، وبعد أكثر من 10 سنوات من العداوة المعلنة فتح فيها أبواب الجحيم على سوريا وطنا وشعبا وحاضرا ومستقبلا، استعاد رئيس تركيا رشده وافاق من أحلامه السلطانية ليقر بأن سوريا تتعرض لمؤامرة كبرى تستهدف سيادتها ووحدتها الترابية.. وانه آن أوان المصالحة مع النظام السوري من أجل العمل على اجهاض هذه المؤامرة..
بكل هذه البساطة، ينقلب الرئيس التركي على مواقفه وسياساته السابقة ليعلن توبته من المؤامرة الكونية التي كانت ولا تزال تستهدف سوريا الوطن والشعب والنظام والدور. فلقد مرت أكثر من 10 سنوات وعجلة المؤامرة تدور أمام السلطان أردوغان وأمام كل أجهزته ومخابراته.. 10 سنوات وعصابات الارهاب والاجرام تتقاطر على الأراضي التركية ليزجّ بهم داخل الجغرافيا السورية بتواطؤ مفضوح مع قوى اقليمية ودولية موّلت ودرّبت وسلّحت لتنطلق يد القتل والتخريب الآثمة في أداء الدور المطلوب صهيونيا وأمريكيا.. 10 سنوات دمّرت فيها مدن وأحياء سكنية وقتل فيها الآلاف وشرّد ملايين السوريين.. كل ذلك تنفيذا لمؤامرة تدمير الجيش العربي السوري واسقاط النظام في دمشق تمهيدا لتقسيم سوريا وتهيئة الطريق أمام ما يسمون «الشرق الأوسط الجديد».. القائم على دويلات قزمية تدور في فلك الكيان الصهيوني وتنهي الدولة السورية وجودا ودورا وقلعة للعروبة وداعما قويا للمقاومة وشوكة في حلق الكيان الصهيوني.
وعبثا تألمت سوريا واشتكت. وعبثا صرخت لكشف خيوط وفصول المؤامرة التي كانت في الأصل بادية للعين المجردة.. لكن عيون المتآمرين من عرب وأتراك كانت ترفض رؤيتها.. لأنها تلبست بمشروع تدميري للمنطقة كلها قضى بمنح السلطة في المنطقة لجماعات الاسلام السياسي من دواعش واخوان مسلمين وباقي تفريعاتهم.. مشروع كان يستهدف اسقاط الدولة الوطنية حيثما وجدت وتسليم مفاتيح العواصم العربية لهذه الجماعات التي كانت مستعدة بدورها لتسليمها إلى الصهاينة.
ما الذي حدث لينقلب السلطان على عقبيه ويقبل هو الآخر بـ«تجرع كأس» الحنظل ممثلا في القبول بالمصالحة مع الرئيس السوري بشار الأسد كما حدث بالأمس في نهايات حرب الثماني سنوات العراقية ـ الايرانية؟
العنصر الأول للإجابة عن هذا السؤال يتمثل في الصمود الاسطوري للقيادة السورية وللجيش العربي السوري  وللشعب السوري في مواجهة المؤامرة وقدرته الفائقة على اجهاضها وتمريغ أنوف كل الضالعين فيها في وحل الهزيمة والاندحار. أما العنصر الثاني فيمثله الموقف الروسي ـ الايراني الثابت والداعم لسوريا وهو ما جعل أردوغان يدرك في النهاية أن الرهان على سقوط النظام السوري هو من قبيل أحلام اليقظة وأن «براغماتيته» أقنعته بأنه سيكسب بالانفتاح على النظام السوري أكثر بكثير مما سيكسب بالمضي في نهج العداوة خاصة وكعكة اعادة الاعمار تغري والسلطان لم يعد  يقوى على مقاومة انجذابه إليها. أما العنصر الأهم فيتمثل في اقتناع السلطان بأن الرهان على اسقاط النظام السوري وتفكيك الدولة السورية  يجعله في النهاية يطلق النار على قدمه لأن أكراد تركيا أعدادهم أكثر بكثير من أكراد سوريا لا ينتظرون إلا قيام دويلة كردية في سوريا لينتفضوا مطالبة بدولة مستقلة لهم في تركيا..
انها لحظة مراجعة كبرى يدخلها السلطان مكرها والمفروض أن يقطع خلالها عديد الخطوات لإعادة ترميم جسور الثقة مع دمشق.. خطوات تبدأ بالاعتذار للشعب السوري ولمَ لا بدفع تعويضات عن الدور التركي في تخريب سوريا وتنتهي برفع يده عن الجماعات الارهابية التي ما تزال تعشش داخل سوريا مستفيدة من مظلة السلطان ومن دعمه وحمايته..
فهل يتسلح أردوغان بالجرأة الكاملة ليمضي في طريق المصالحة حتى آخره؟ وهل يمتلك من الشجاعة ما يجعله يتحمل مسؤولياته كاملة عن كل أخطائه وخطاياه في حق سوريا الوطن والشعب؟
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك