مع الشروق.. ليبيا...فوضى متواصلة

مع الشروق.. ليبيا...فوضى متواصلة

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/06/14

بعد أكثر من 11 سنة من غزو "الناتو" لها ، لاتزال ليبيا غارقة في فوضى سياسية وأمنية خانقة يغذّيها الاقتتال الداخلي المحموم على السلطة و التدخّل الخارجي المدفوع بالمصالح والسيطرة على ثروات البلاد.
في الحقيقة كان التدخّل الغاشم الذي نفّذه حلف شمال الأطلسي "ناتو" ضدّ نظام العقيد الراحل معمّر القذافي وتدميره للبلاد، بدعوى نشر الديمقراطية و "تحرير " الشعب الليبي من الدكتاتورية، هو سبب البليّة التي تعاني منها البلاد الى اليوم ولا تزال.
فأكثر من جريمة تدمير دولة ذات سيادة يعمّها الأمن والاستقرار والرّخاء حتى وان اختلفنا حول حكم القذافي وسلبياته، هي جريمة ترك البلاد غارقة في الحرب والفوضى والاقتتال القبلي بالإضافة الى نهب ثرواتها طيلة العقد الماضي.
ولم يجن الشعب الليبي الذي غرّته نسائم الحرية والديمقراطية وعادت عليه بالوبال سوى الوهم، وهذا لا يعني أننا ضدّ الديمقراطية والحرية ولكنّنا ضدّها عندما تأتي بها الطائرات الأمريكية والفرنسية وغيرها والتي ارتكبت جرائم حرب.
اليوم توضّح للإخوة في ليبيا بما لا يدع مجالا للشكّ أن الديمقراطية التي تأتي بها الطائرات والدبابات والأسلحة الأجنبية لا خير يرجى منها، لأن هذه القوى تهدم ولا تبني تدمّر ولا تصلح تفرّق ولا تجمع و الهدف الحقيقي لها هي مصلحتها الخاصة ولو كلّف ذلك فناء كل الشعب الليبي.
ونتيجة ما ذكر واضحة للعيان ، فبالإضافة الى الاقتتال المتواصل منذ عقد من الزمن وغرق البلاد بملايين القطع من السلاح وسطوة الميليشيات التي تخوض بين الفينة والأخرى معارك ضارية تخلّف قتلى وهلعا كبيرا، يحكم البلاد حكومتان موازيتان.
سياسيا اليوم، لا أفق للبلاد في ظلّ تشبّث رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة بمنصبه ورفضه التخلّي عن الحكم مقابل إصرار رئيس الحكومة المكلّف من البرلمان فتحي باشاغا على تولّي الحكم.
ويحشد كل طرف منهما ميليشياته المسلّحة لهذا الغرض والأغرب أنهما-أي الدبيبة وباشاغا- من نفس المنطقة، لكن التكالب على السلطة وضع مصلحة الوطن تحت الأرجل عوض أن تكون فوق كل اعتبار.
في المقابل بدأ الحديث يدور عن حكومة ثالثة باقتراح من مركز ثالث للسلطة وهو المجلس الأعلى للدولة الذي يرأسه خالد المشري بدعم من دول اقليمية و دولية مما زاد الأمور تعقيدا أكثر.
هذا الصراع السياسي هو الآخر تغذّيه مصالح القوى الدولية التي تتناحر فيما بينها على اقتسام الكعكعة الليبية التي زاد الاقتتال من أجلها بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا وما خلّفته من حرب على الطاقة.
من ومتى يطفأ الحريق الليبي الذي يقف مرة أخرى على أبواب أكل الأخضر واليابس في ظلّ تحشيد الميليشيات المسلحة لمعركة كبرى في العاصمة طرابلس قد يتجاوز صداها ولهيبها الحدود الليبية؟
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك