مع الشروق..عجلة المحاسبة ...في طريق مفتوح

مع الشروق..عجلة المحاسبة ...في طريق مفتوح

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/02/10

«سقوط الاخطبوط» أو «انهيار عش الدبابير».. أو عندما «يكون القضاء مضمون».. هذه ليست عناوين مسلسلات درامية ولا أعمال مسرحية، بل هي عناوين كبرى تصلح لتوصيف «مآس» كشفتها يوم أمس هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمي.
فعلى مدى عشرية كاملة وجد الاخطبوط الغطاء السياسي والتواطؤ الرسمي الكافي لتأمين مناخات ملائمة لأعماله الشيطانية التي تنوعت بين تكديس الأموال بطرق خبيثة ومشبوهة والتنصت على السياسيين والاعلاميين والنشطاء والتخابر مع جهات أجنبية وكذلك تسفير آلاف من شبابنا إلى بؤتر التوتر وهي نشاطات لم تكن لتنبت ولتستمر لولا تدخل جهات حزبية وسياسية حاكمة لتوفير الغطاء وتغطية كل الأنشطة المشبوهة وتحصينها من كل التتبعات القضائية.
ويبدو في هذا الاطار أن مقولة «الجيش ماهوش مضمون».. و«الأمن ماهوش مضمون» التي صعق بها الشعب التونسي والتي أطلقت في سياق توصية رئيس حركة النهضة لقواعده بضرورة التريث وملازمة الحيطة والحذر إلى أن يفعل «التمكين» و«بسْط السلطان» على أجهزة الدولة فعله. هذه المقولات لم تكن مجانية ولا عبثية.. كما لم تكن مجرّد أحجار ألقيت في مياه راكدة.. بل كانت عناوين لتوجهات سياسية ولخطط ممنهجة تهدف إلى ممارسة التخفي والتلاعب «والتقية» إلى حين تهيئة المناخات الملائمة لوضع اليد على البلاد بالكامل في اطار سياسة ـ التمكين ـ ويبدو أن هذه المنهجية المعلنة بخصوص الجيش والأمن الوطنييين كانت من قبيل الشجرة التي تخفي الغابة.. والغابة هنا فيها الادارات والوزارات والمنشآت الحيوية وفيها كذلك المرفق القضائي.. لأنه السلطة المكلفة بالاستقصاء والبحث والمساءلة والمحاسبة وإنفاذ سلطان القانون.. ويبدو وفق ما كشف حتى الآن من معطيات حول قضايا الاغتيالات والتسفير والارهاب وما ظهر من مراوحة هذه الملفات الحساسة والخطيرة على أمن البلاد والعباد أن هناك حلقة ما  في القضاء  ـ يسميها البعض قضاء البحيري ـ كانت توظف لتذويب الحقيقة والحيلولة دون كشفها وكشف المورطين في هذه الجرائم الكبيرة من اغتيالات وتسفير وضلوع في الارهاب وتخابر وتآمر على أمن البلاد.
ويفترض في ظل المعطيات الجديدة أن يتم تحييد هذه الحلقة بما يسمح بتعميق التحقيقات والأبحاث حتى كشف الحقيقة كاملة كما هي وحتى نغلق هذا الجرح النازف منذ سنين طويلة وحتى نؤسس لوضع جديد تستعيد فيه مؤسسات الدولة عافيتها ويتسنى فيه تحقيق وصيانة أمننا القومي مرورا بمحاسبة كل من أذنب في حق تونس وفي حق التونسيين.
وعسى ما تعيشه بلادنا من تجاذبات في علاقة بالقضاء وبالمجلس الأعلى للقضاء نفلح في توفير مناخات ملائمة لتصحيح الأخطاء ولكشف مواطن الداء حتى تدور عجلة محاسبة من أجرموا في حق البلاد والعباد وحتى نقطع الطريق مستقبلا على كل من تحدثه نفسه بوضع اليد على الأجهزة والمرافق العمومية وتجييرها لحساب أحزاب أو أشخاص أو جهات داخلية وخارجية.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك