مع الشروق.. من يوقف جنون الاحتكار وارتفاع الأسعار؟

مع الشروق.. من يوقف جنون الاحتكار وارتفاع الأسعار؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/01/12

هل أصبح التلاعب بقوت الناس سبيلا للترفيع في الأسعار؟ السؤال يستمد مشروعيته من التطورات التي تشهدها الساحة الوطنية في علاقة باختفاء العديد من المواد الاستهلاكية لتظهر في ما بعد مرفوقة بزيادات معتبرة في أسعارها. وبذلك ينجح المضاربون والمستكرشون والمتلاعبون بقوت خلق الله كل مرة في فرض سلطانهم وفي السطو على جيوب المواطنين ومزيد تدمير قدرتهم الشرائية المدمّرة والمهترئة بطبعها... والأدهى أن الدولة وأجهزة الدولة تنتهي كل مرة إلى الرضوخ لشهوات ورغبات وضغوط اللوبيات ومراكز القوى فتعمد إلى حلول تأتي دائما من جيب المواطن من خلال إقرار زيادات متتالية في الأسعار.
آخر مثال عشناه وربما لا نزال نعيشه تمثل في حكاية اختفاء أو إخفاء البيض وبداية عودته إثر إقرار زيادة هامة بعد تسعيرة بـ1100 مليم للأربع بيضات بعد أن كانت التسعيرة السابقة في حدود 980 مي. فقد أخفي البيض في الفترة الأخيرة وتعالى ضجيج المتدخلين في منظومة الإنتاج مطالبين بالترفيع في أسعار البيع وفي هوامش الربح. وهي مطالب قد تكون مشروعة ومنطقية لكن الإشكال يتمثل في أن الحلول تأتي في كل مرة على حساب جيب  المواطن وعلى حساب مقدرته الشرائية وميزانيته التي ما فتئت تتراجع أمام ضغط الأسعار.
ولقد دأبت الحكومات المتعاقبة في السنوات العشر الأخيرة على اللجوء في كل مرة إلى الحلول السهلة ممثلة في تحميل المواطن كلفة الزيادات التي يتم إقرارها إرضاء لجشع أصحاب منظومات الإنتاج ومسالك التوزيع والمافيات التي تمارس الاحتكار وتتلاعب بقاعدة العرض والطلب لتخلق الندرة والأزمة وتتخذ المواطن الغلبان رهينة لتحقيق طلباتها ورغباتها. وإذا كانت كل مشاكل الاقتصاد والميزانية وأمراض منظومات الإنتاج سيتم معالجتها من جيب المواطن ومن خلال الترفيع في الرسوم والأداءات تارة ومن خلال الترفيع في أسعار البيع للعموم تارة أخرى، فأين تكون «عبقرية» هذه الحكومات؟ وأين حلولها المبتكرة؟ وأين العقول المبدعة التي يفترض أن تبدع حلول لا يجوع  وفقها الذئب ولا يشتكي الراعي؟ حلول تحقق التوازن المطلوب وتحمي القدرة الشرائية للمواطن من خلال التحكم في الأسعار وضبطها ومراعاة أوضاع المواطن الذي يعاني الأمرين لتغطية نفقات وتكاليف العيش التي ما فتئت تتصاعد من يوم إلى يوم؟
ولننظر إلى سلسلة المواد والبضائع المفقودة في الأسواق هذه الأيام ولننصت إلى المواطن الذي بات يتندّر بأن إخفاء هذه المادة أو تلك بات مدخلا للترفيع في سعرها ولمزيد استهداف القدرة الشرائية للناس... وسوف لن تكون الدولة وهي التي تملك أجهزة المراقبة وسلطة الردع والضرب على أيدي المحتكرين والمستكرشين والمتلاعبين بالأسعار بقوة القانون معذورة في عدم تفعيل القانون والضرب بأيد من حديد على أيادي اللوبيات ومراكز القوى حماية لشفافية الأسعار وللقدرة الشرائية للمواطن التي لم تعد تحتمل المزيد من دوامة ارتفاع الأسعار التي لا تتوقف...
فهل تنتبه الحكومة إلى شكوى الناس وتتحرك لوقف دائرة ارتفاع الأسعار الجنونية التي لا تريد أن تتوقف قبل حدوث انفجار اجتماعي تكدّست نذره ومؤشراته ونبهت إليها مؤخرا قيادة المنظمة الشغيلة، أم أنها ستتمادى في سياسة النعامة حتى يدركنا طوفان الجوع والغضب.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك