مع الشروق.. ليبيا... الانتخابات و معركة الإرادات

مع الشروق.. ليبيا... الانتخابات و معركة الإرادات

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/12/21

بين الصراع الداخلي المحتدم على جميع الجبهات و معركة الإرادات الدولية المتداخلة في الأزمة الليبية، ذهب الاستحقاق الانتخابي المزمع عقده في 24 ديسمبر الجاري أدراج التأجيل.
فعلى الجانب الداخلي اصطدم الموعد الانتخابي منذ الإعلان عن موعده ، بثلاثة تحديات كبيرة يستحيل من دون حلّها أن يتمّ إجراء و إنجاح هذا الاستحقاق المهم في رحلة إخراج البلاد من النفق المظلم.
وكان على رأس هذه التحديات الثلاثة، القاعدة الدستورية التي ستجرى على أساسها الانتخابات، حيث احتدم الصراع عليها بين مجلس النواب (في الشرق) والمجلس الأعلى للدولة (في الغرب).
وأساس صراعهما لم يكن خدمة الاستحقاق الانتخابي بقدر ما كان خدمة مرشّحي الجهتين وأساسا المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبي في الشرق ورئيس الحكومة الحالي  عبدالحميد الدبيبة.
أما التحدّي الثاني فهو اخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من جهة وحل الميليشيات المسلحة التي لاتزال تعربد الى اليوم وتخوض معارك طاحنة فيما بينها من أجل النفوذ والمال والسلطة من جهة أخرى.
فيما كان التحدّي الثالث هو الارادة السياسية لجميع الأطراف الليبية التي تأتمر بأوامر أطراف خارجية في تحديد مصير بلدها بينما تترك شعبها فريسة للفوضى والاقتتال والتقسيم.
وفي الحقيقة هذه الارادة السياسية الداخلية ليس الا انعكاسا للإرادة السياسية الدولية التي تشهد هي الأخرى صراعا محتدما حول المرشّحين و حول الاستحقاق الانتخابي نفسه.
هذا الصراع تغذّيه نتيجة الانتخابات، ففي حين تريد الأطراف المتأكدة من فوز مرشّحها إجراء الانتخابات في موعدها، تسعى الأطراف الخائفة من خسارة مرشّحها الى تأجيلها وخلط الأوراق مجدّدا.
لكلّ هذه الحسابات والصراعات الداخلية والخارجية أصبح الحل في حد ذاته مشكلا في الأزمة الليبية التي باتت تصنّف ضمن أطول الأزمات في المنطقة وهي تدخل عامها الحادي عشر منذ اسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي.
الآن يبدو السؤال  الصعب هو كيف يمكن تجاوز كل التحديات المذكورة سابقا؟ لأن تأجيل الانتخابات لشهر جانفي أو فيفري المقبلين لا يحلّ المشاكل الرئيسية وهي القاعدة الدستورية واخراج المرتزقة وحل الميليشيات.
فدون حل هذه الإشكاليات بوضوح تام سيكون قبول الجميع بنتائج الانتخابات أمرا صعب المنال وسيجد الخاسر تعلّة يعلّق عليها شماعة رفضه لها والطعن فيها وبالتالي إسقاطها برمّتها.
وقبل الحديث ذلك، يبرز تحدّ آخر وهو في صورة الإعلان عن تأجيل الانتخابات كيف سيكون مصير السلطة التنفيذية الحالية التي تنتهي مدّتها القانونية في 24 ديسمبر الجاري وترفض عديد الأطراف التمديد لها؟
هذا التحدي يحيلنا الى أمر آخر أكثر خطورة وهو إلغاء الانتخابات، الأمر الذي سيقود البلاد الى العودة الى مربّع العنف والاقتتال مجددا ويعيد إحياء فكرة التقسيم الى الواجهة كخيار لجميع الأطراف لا قدّر الله.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك