مع الشروق...أزمة البطالة وفشل الدولة

مع الشروق...أزمة البطالة وفشل الدولة

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/11/21

سواء أخطأ البرلمان سابقا في المُصادقة على القانون 38 المتعلق بتشغيل من طالت بطالتهم أو أخطأ رئيس الجمهورية اليوم في اعلان استحالة تفعيل هذا القانون على أرض الواقع، فإنه لا فائدة اليوم من الوقوف عند جدل عقيم قد يستحيل معه إيجاد الحلول المطلوبة. فالوضع يقتضي دق كل نواقيس الخطر حول أزمة البطالة الخانقة التي أصبح يتخبط فيها شباب تونس والتي ما انفكت تتفاقم من يوم إلى آخر.


وأمام الخطر المتصاعد اليوم بسبب ارتفاع معدلات البطالة سواء لدى فئة حاملي الشهائد العليا أو غيرهم، فإن الأزمة تقتضي حلولا على المدى القصير لإطفاء "حريق" العاطلين اليوم وحلولا على المدى المتوسط للتوقي من نيران عاطلي السنوات القادمة. وهو ما يمكن تحقيقه شريطة تخلي الدولة عن كل أسباب فشلها السابق في حلحلة هذا الملف وتحليها بالجرأة والشجاعة اللازمة.


طيلة الأعوام الماضية فشلت الدولة في معالجة أزمة البطالة حين عجزت عن تحريك عجلة التشغيل عبر تطوير اقتصادها وجلب الاستثمارات الأجنبية الكبرى وتطوير الاستثمارات الداخلية القادرة على تشغيل آلاف العاطلين واصلاح مؤسساتها العمومية القادرة بدورها على امتصاص جزء من البطالة واكتفت في المقابل بأشكال هشة من التشغيل من قبيل البستنة والحضائر وغيرها..


 ولم تقدر الدولة على تجاوز أزمة البطالة بسبب عجزها عن فك ارتباط أبنائها بنظام تعليمي مُتخلف ينتهي بشُعب جامعية تجاوزها الزمن وتحمل في داخلها بذور البطالة المُطولة ولا تفتح أبواب الأمل في الحصول بسهولة على شغل.. فالبرامج التعليمية من التحضيري إلى الجامعي مرورا بالابتدائي والاعدادي والثانوي ضحلة ولا تتماشى والمتطلبات الجديدة لسوق الشغل .


 وفشلت الدولة في إيجاد حلول للعاطلين الذين يتضاعف عددهم من سنة إلى أخرى عندما لم تقدر على هدم جدار البيروقراطية المقيتة التي تُقفل أبواب المبادرة الخاصة أمام كل من يرغب في تجاوز أزمة البطالة وبعث مشروع خاص.. فالدولة كبّلت شبابها المتخرج من الجامعات وغيره بقوانين بالية وبشروط تعجيزية خاصة بالنسبة للتمويلات أمام كل من يرغب في بعث مشروع   خاص.


اليوم، لا مفر من حلول عاجلة وسريعة على المدى القصير بالنسبة لمن طالت بطالتهم وذلك بتمكينهم من كل التسهيلات الإدارية والحوافز المالية الممكنة لبعث مشاريع خاصة لا سيما في القطاعات الواعدة والمربحة أو لادماجهم في مؤسسات القطاع الخاص مع حمايتهم من مخاطر التشغيل الهش أو تمكينهم من مقاسم في الأراضي الفلاحية الدولية ومن المساعدات المالية والفنية للاستثمار فيها أو النظر في إمكانية تشغيل البعض منهم في القطاع العام.
 ومن الحلول المتاحة أمام الدولة مزيد تنشيط الديبلوماسية الاقتصادية لمزيد إيجاد فرص عمل أمام الشبان التونسيين من أصحاب الشهائد العليا أو غيرهم عن طريق الهجرة المنظمة والتعاون الفني على غرار دول الخليج العربي وبعض الدول الأوروبية وكندا والولايات المتحدة وبعض دول جنوب شرق آسيا وليبيا وتمكينهم من التسهيلات اللازمة لذلك بالتنسيق مع هذه الدول.


وعلى المدى المتوسط، لا مفر أمام الدولة اليوم غير الانكباب بشكل عاجل على تطوير البرامج التعليمية في مختلف المراحل والشروع في تنفيذها بداية من العام القادم وذلك لتحضير جيل جديد قادر في السنوات القادمة على العثور على شغل بسهولة حتى لا تطول بطالته. ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا عبر ملاءمة البرامج التعليمية – خاصة في الجامعات – مع متطلبات سوق الشغل.
فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك