مع الشروق...«مافيات»... تُعطّل الإصلاحات
تاريخ النشر : 07:00 - 2021/11/07
كلام كثير ردده السياسيون رؤساء الحكومات والوزراء وغيرهم من المسؤولين على امتداد 10 سنوات حول إصلاح التعليم والصحة والنقل والقضاء والأمن والديوانة والإدارة والاعلام ومنظومة الدعم ومسالك التوزيع والمؤسسات العمومية المفلسة والصناديق الاجتماعية.. ووعود لا تُحصى ولا تُعدّ أطلقوها حول إصلاح وضعية الفلاحة والسياحة والموارد المائية وحول التوجه نحو الطاقات البديلة والرقمنة، غير أن الإصلاح والتطوير المنشود لم يتحقق.
منذ سنة 2011 لم تنجح مختلف الحكومات المتعاقبة في تحقيق إصلاح جذري حقيقي وحيد في أي قطاع من القطاعات المذكورة رغم الحاجة الاكيدة لذلك ورغم دعوات الخبراء والمختصين ورغم عديد التمويلات الخارجية التي حصلت عليها تونس للغرض وخاصة رغم توفر الإمكانيات والقدرة على الإصلاح.. وهو ما يدفع إلى التساؤل عن أسباب هذا الفشل وخاصة محاسبة كل من تسبب بتقصيره أو بتعمده في تعطيل الإصلاحات المرجوة.
وقد كان بالإمكان أن تُحقق مختلف هذه الإصلاحات قيمة مضافة كبرى للاقتصاد وأن تجعل الدولة اليوم في وضع مالي مريح يُساعدها على تطوير الوضع الاجتماعي والمعيشي وعلى توفير مواطن شغل للعاطلين وتحسين أوضاع الفقراء وتحقيق التنمية المنشودة في الجهات المهمشة ووضع حدّ للفساد. إلا أن الأطراف التي تولت مقاليد الحكم لم تكن لها إرادة سياسية حقيقية لتحقيق مختلف هذه الإصلاحات أو على الأقل للشروع فيها.
وما يثير الاستغراب والاستياء هو أن الحكومات المتعاقبة لم تكتف بالفشل في الاصلاح بل فشلت أيضا في المحافظة على المكتسبات السابقة التي حققتها الدولة.. فالوضع في مختلف القطاعات المذكورة سار نحو الوراء وتدهور بشكل لافت عما كان عليه على الأقل قبل 2011 دون أن تظهر إلى حدّ الآن أية بوادر إصلاح وإنقاذ، وهو ما جعل تونس الدولة الوحيدة تقريبا في العالم التي أصبح "ماضيها أفضل من حاضرها" بسبب عدم تحقيق الإصلاح والتطور..
وقد اتضح مع تقدم الوقت أن تعطيل الإصلاحات كان متعمدا في أغلب القطاعات وذلك للمحافظة على المصالح الضيقة والمنافع الشخصية وإبقاء أبواب الفساد مفتوحة على مصراعيها داخل بعض دواليب الدولة. وهو ما ينطبق مثلا على تعطل إصلاح الإدارة وخاصة رقمنتها وتعطل إصلاح منظومة الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية المفلسة وتعطل التوجه نحو الطاقات البديلة وتعطل إصلاح الفلاحة وخاصة معالجة ملف الأراضي الدولية..
واتضح أيضا أن الهدف من تعطيل إصلاح التعليم والصحة العموميين والعمل على "تدميرهما" كان بهدف خدمة القطاع الخاص الناشط في هذين المجالين. كما أن تعطّل إصلاح القضاء والامن والديوانة والاعلام ومنظومة السوق وقطاع المحروقات وغيرها من الإصلاحات الأخرى كان بهدف خدمة بعض المصالح السياسية ومصالح "لوبيات" الفساد وغيرها وبهدف المحافظة على المصالح الشخصية والمنافع الضيقة..
اليوم، وفي ظل ما أعلنه رئيس الدولة حول بدء صفحة جديدة في البلاد تقوم على الإصلاح ومحاربة الفساد وتطوير الوضع العام نحو الأفضل، فإنه لا خيار للنجاح في ذلك غير تحلي الدولة بالجرأة والشجاعة لاجتثاث أصحاب هذه "المهام القذرة" الذين دأبوا على منع أي نفس إصلاحي داخل دواليب الدولة ويعملون باستمرار على إبقاء الحال على ما هو عليه من فوضى وفساد وتمعش من المال العام في عديد القطاعات..
فاضل الطياشي
كلام كثير ردده السياسيون رؤساء الحكومات والوزراء وغيرهم من المسؤولين على امتداد 10 سنوات حول إصلاح التعليم والصحة والنقل والقضاء والأمن والديوانة والإدارة والاعلام ومنظومة الدعم ومسالك التوزيع والمؤسسات العمومية المفلسة والصناديق الاجتماعية.. ووعود لا تُحصى ولا تُعدّ أطلقوها حول إصلاح وضعية الفلاحة والسياحة والموارد المائية وحول التوجه نحو الطاقات البديلة والرقمنة، غير أن الإصلاح والتطوير المنشود لم يتحقق.
منذ سنة 2011 لم تنجح مختلف الحكومات المتعاقبة في تحقيق إصلاح جذري حقيقي وحيد في أي قطاع من القطاعات المذكورة رغم الحاجة الاكيدة لذلك ورغم دعوات الخبراء والمختصين ورغم عديد التمويلات الخارجية التي حصلت عليها تونس للغرض وخاصة رغم توفر الإمكانيات والقدرة على الإصلاح.. وهو ما يدفع إلى التساؤل عن أسباب هذا الفشل وخاصة محاسبة كل من تسبب بتقصيره أو بتعمده في تعطيل الإصلاحات المرجوة.
وقد كان بالإمكان أن تُحقق مختلف هذه الإصلاحات قيمة مضافة كبرى للاقتصاد وأن تجعل الدولة اليوم في وضع مالي مريح يُساعدها على تطوير الوضع الاجتماعي والمعيشي وعلى توفير مواطن شغل للعاطلين وتحسين أوضاع الفقراء وتحقيق التنمية المنشودة في الجهات المهمشة ووضع حدّ للفساد. إلا أن الأطراف التي تولت مقاليد الحكم لم تكن لها إرادة سياسية حقيقية لتحقيق مختلف هذه الإصلاحات أو على الأقل للشروع فيها.
وما يثير الاستغراب والاستياء هو أن الحكومات المتعاقبة لم تكتف بالفشل في الاصلاح بل فشلت أيضا في المحافظة على المكتسبات السابقة التي حققتها الدولة.. فالوضع في مختلف القطاعات المذكورة سار نحو الوراء وتدهور بشكل لافت عما كان عليه على الأقل قبل 2011 دون أن تظهر إلى حدّ الآن أية بوادر إصلاح وإنقاذ، وهو ما جعل تونس الدولة الوحيدة تقريبا في العالم التي أصبح "ماضيها أفضل من حاضرها" بسبب عدم تحقيق الإصلاح والتطور..
وقد اتضح مع تقدم الوقت أن تعطيل الإصلاحات كان متعمدا في أغلب القطاعات وذلك للمحافظة على المصالح الضيقة والمنافع الشخصية وإبقاء أبواب الفساد مفتوحة على مصراعيها داخل بعض دواليب الدولة. وهو ما ينطبق مثلا على تعطل إصلاح الإدارة وخاصة رقمنتها وتعطل إصلاح منظومة الدعم وإصلاح المؤسسات العمومية المفلسة وتعطل التوجه نحو الطاقات البديلة وتعطل إصلاح الفلاحة وخاصة معالجة ملف الأراضي الدولية..
واتضح أيضا أن الهدف من تعطيل إصلاح التعليم والصحة العموميين والعمل على "تدميرهما" كان بهدف خدمة القطاع الخاص الناشط في هذين المجالين. كما أن تعطّل إصلاح القضاء والامن والديوانة والاعلام ومنظومة السوق وقطاع المحروقات وغيرها من الإصلاحات الأخرى كان بهدف خدمة بعض المصالح السياسية ومصالح "لوبيات" الفساد وغيرها وبهدف المحافظة على المصالح الشخصية والمنافع الضيقة..
اليوم، وفي ظل ما أعلنه رئيس الدولة حول بدء صفحة جديدة في البلاد تقوم على الإصلاح ومحاربة الفساد وتطوير الوضع العام نحو الأفضل، فإنه لا خيار للنجاح في ذلك غير تحلي الدولة بالجرأة والشجاعة لاجتثاث أصحاب هذه "المهام القذرة" الذين دأبوا على منع أي نفس إصلاحي داخل دواليب الدولة ويعملون باستمرار على إبقاء الحال على ما هو عليه من فوضى وفساد وتمعش من المال العام في عديد القطاعات..
فاضل الطياشي