البيتكوين.. دعوة إلى الحُريّة

البيتكوين.. دعوة إلى الحُريّة

تاريخ النشر : 14:09 - 2021/04/05

لقد ساهم دخولنا إلى عصر الرّقمنة التّفكير في رقمنة العُملة.. فاخترعت أمريكا، كما يشاع، عملة (البيتكوين: Bitcoin) ورمز لها بـ (BTC)لتصبح العُملة الرّقميّة المشفّرة الأولى في العالم؛ هادفة من اختراعها استدراج أصحاب الأموال المشبوهة، ومراقبة مَن يتعامل بالسّوق السّوداء، واستطلاع الرأي العام لاستحداث عملة رقمية.
ويُشاع أن (ساتوشي ناكاموتو) هو أو هم من اخترع (البيتكوين) ولا أحد يعرف مَن هو أو مَن هم! فلماذا شغلت (البيتكوين) العالم، وماذا استفادوا منها، وهل لها مستقبل؟
ولقد ذكرتُ التسارع في رغبة العالم للتحول إلى الرّقمنة والعيش الذكي في كتابين، الأول بعنوان (العالم المعرفي المتوقد) الذي يعنى بالثورة الصناعية الرابعة، والثاني بعنوان (المستقبل الرقمي الحتمي) الذي تمم الأول نحو التوجّه إلى عالم المدن الذكية، وقد بدت حقيقة ظاهرة، في زمن تتسارع فيه الأحداث نحو الفوز بمصنّفات الذّكاء الاصطناعي من أجل عيش أكثر سعادة.
ألغت البيتكوين (البيروقراطية) المعمول بها عند تحويل الأموال من فتح للحساب البنكي، وإقرار بمصدر الأموال، وإثبات هُوية المُحوّل إليه، فلا يُشترط ذلك كلّه! ولكن هل ثمّة مشكلات جرّها التّعامل الرّقميّ بالعُملة الرّقميّة؟ نعم، ومن أبرزها عدم خضوع الشّركات للنّظام الضّريبيّ، وعدم معرفة مصادر الأموال، وهوية أصحابها ومَنْ ستُحوّل إليهم.. أما زلنا بعد كلّ هذا نعدّ (البيتكوين) عملة تداول؟
أظن بأنّها كذلك إذا وافقت أمريكا، وهي صاحبة الولاية على أقوى عملة تداول في العالم، أي وافقت على استبدال قيم الدّولار بها في التّعاملات التّجاريّة الرّقميّة، وهذا أمر مقبول الافتراض. ولكن هل ثمة مَن ينافس أمريكا؟ نعم، إنّها الصّين؛ إذ وفّرت أرضيّة تعامل تجارية بالعُملة الرّقميّة، واخترعت أشكالًا مختلفة منها، أهمها (اليوان الرّقميّ) وفي عام 2019 كان أربعة من كلّ خمسة أشخاص في الصّين يستعملون العُملة الرّقميّة، أي أنّهم يتعاملون من خلال مؤسسات مالية رقميّة في تبادلاتهم التّجاريّة.
إذن، هو حلمٌ صيني بأن تتحرّر من سيطرة أمريكا ودولارها.. وقد خططت لذلك منذ زمن حين فرضت شرطها التعامل بعملتها وليس بالدولار إذا أرادت منظمة التّجارة الدّوليّة لها الانضمام.
ومنذ ذلك الوقت والحرب الاقتصادية لم تنطفئ بين العملاقين.. فأمريكا من جهة فرضت تسعير النّفط بالدّولار، وكتبت اتفاقياتها الدّوليّة به، والصين من جهة أخرى فرضت نفسها من خلال حجم التّدوال المالي الضخم لها على السّاحة العالميّة، وباتت تقف وجهًا لوجه مع أمريكا، مما قد يُمهّد الطّريق لسحب البساط من تحتها، وبالتّالي من تحت عملتها التي تكتسب قوّتها منها.
وأخيرًا فما زالت العملة الرّقميّة الأولى، والأكثر شعبيّة، وانتشارًا في العالم هي (البيتكوين) الذي هي تحت عباءة أمريكا ودولارها، والذي لن يكتب لها الحياة إلا إذا أمريكا أرادت ذلك، وبالتالي سيموت الحلم الصيني.
هذا ويحمّل التعامل الرقمي بالبيتكوين خطورة عالية؛ إذ لا يوجد ضمانات للأرقام الدّاخلة إلى المحافظ، ولا إلى تلك الخارجة منها. وإن إغلاق أي منصّة تداول رقميّة سيغلق معها الأرقام المتداولة من خلالها دون أيّ ضمان! فليس ثمّة احتياطي خاصّ بالبيتكوين، ولا من سياسات حاكمة لها، ولا قوانين أو مرجعيات. ولقد ولّى عهد ضمان العُملة باحتياطي الذّهب الذي يدعمها، ولم يَعد الذّهب مادة احتياط، وضمان للعملات. إنّنا في عصرٍ جديد.. قلب الطاولة رأسًا على عقب!
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

شهد إقليم غامبيلا الإثيوبي تصاعدا حادا للعنف، أودى بحياة ما لا يقل عن 47 شخصا في يوم واحد، وفقا ل
23:40 - 2025/12/25
وجه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، السفارات المصرية بتكثيف جهودها لاستعادة الآثار المصرية ا
21:55 - 2025/12/25
لقي ما لا يقل عن 8 أشخاص حتفهم، وأصيب 19 آخرون، جراء انحراف حافلة ركاب عن مسارها وسقوطها في واد ب
15:35 - 2025/12/25
أكد علي رضا سليمي، عضو رئاسة البرلمان الإيراني أن "المجلس الأعلى للسيبرانية" في إيران يجري حاليا
14:49 - 2025/12/25
دعت وزارة الخارجية الروسية المواطنين الروس إلى الامتناع عن السفر إلى ألمانيا إلا للضرورة القصوى ب
14:15 - 2025/12/25
أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون، اليوم الخميس، أن شبح الحرب تم إبعاده عن لبنان، والأمور ستذهب نحو ا
12:31 - 2025/12/25
طط روسيا لإنشاء محطة طاقة نووية على سطح القمر، خلال العقد المقبل، لإمداد برنامجها الفضائي على الق
11:05 - 2025/12/25
أثارت وفاة بنغ بي يو الرئيسة السابقة للجنة تنظيم ⁠الأسرة المعنية بسياسة الطفل الواحد في الصين انت
10:50 - 2025/12/25