مع الشروق.. متى يستفيق حكامنا من غيبوبتهم؟

مع الشروق.. متى يستفيق حكامنا من غيبوبتهم؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/02/24

موجعة هي الأرقام التي تكشفها منظمة الأعراف... وصادمة هي الحقائق التي يبوح بها الواقع... ومدمرة للاقتصاد ولموارد ارزق العباد هي الحقائق التي ترتسم على الميدان...
هي معطيات يفترض أن تستفزّ الجميع وخاصة من يجسلون في كراسي الحكم الوثيرة ومن يتخندقون في مواقعهم وينهمكون في صراعات وحروب تحصين وتحسين المواقع وداخل السلطة أو على تخوم السلطة... لكن ليصدح الواقع بما شاء من الأرقام والحقائق فإن القوم مغشي عليهم بنعيم السلطةوغنائمها فإذا عمي وصمّ لا يرون ولا يسمعون.
آخر الأرقام التي كشفها أحد المسؤولين في منظمة الأعراف والتي أراد من خلالها التنبيه إلى قرب حدوث الكارثة العظمى تفيد بأن ٪40 من مؤسساتنا الصغرى والمتوسطة قد انتقلت ـ إلى جوار ربّها ـ وأصبحت أثرا بعد عين.. وبأن ٪40 أخرى من هذه المؤسسات بحالة موت سريري أو هي تحتضر... كل هذا والقوم نيام أو هم ينهمكون في صراعاتهم ومعاركهم العبثية في حين تغرق كل القطاعات المنتجة في هذه البلاد ونضطر إلى توريد كل شيء من مأكل وملبس وغيرها من المواد والمنتوجات التي كانت تصنع ربيع صناعتنا الوطنية...
وإذا علمنا أن موجة الكوفيد في الأشهر الأولى للجائحة قد خلفت إغلاق حوالي 5 آلاف مؤسسة صغرى ومتوسطة وتسريح أكثر من 60 ألف عامل، فإن الموجة الجديدة بأثارها المباشرة والجانبية على نسيج مؤسساتنا الصغرى والمتوسطة توشك أن تخلف أضرارا فادحة سوف تعصف بآلاف المؤسسات الأخرى وتحيل على البطالة عشرات بل مئات الآلاف من العملة...
ولسنا نرى كيف سيكون باستطاعة اقتصادنا أن ينهض وينتعش غدا حين تنتهي الجائحة والحال أننا لم نحافظ على المؤسسة وعلى العمال ولم ندعمهم بموارد تساعدهم على البقاء والاستمرار والتحفّز لمعاودة النشاط والانتعاش وتحويل جائحة الكورونا إلى فرصة حقيقية في عالم وفي أسواق ما بعد كورونا.
هذه الحقائق التي أطلقها أحد مسؤولي منظمة الأعراف وأرادها صيحة فزع عساها توقظ الضمائر النائمة وتهزّ العقول المحنّطة في الكراسي وفي تلابيب الكراسي ستبقى صيحات في واد شأنها شأن مئات بل آلاف التحذيرات التي ما انفكّ يطلقها خبراء الاقتصاد والمختصون في مجالات المال والأعمال.. والواضح أن حكام تونس الجدد الذين تمكنوا من دواليب الدولة و الحكم قد أغرتهم وأغوتهم المناصب والكراسي والغنائم فنسوا كل شيء وانساقوا بالكامل في معارك السلطة وفي تجاذباتها ومناكفاتها التي لا تنتهي.. فمنذ سنوات والبلاد تخرج من أزمة سياسية لتقع في أخرى.. ومنذ سنوات والحكام ينخرطون في صراعات وحروب عبثية هدفها تسجيل النقاط على حساب الخصوم وتحسين المواقع. ومنذ سنوات وحال البلاد يتدهور ويزداد سوءا وتدهورا... ومنذ سنوات والمواطن يصرخ بل يولول من شدة لهيب الأسعار وغلاء المعيشة ومن ويلات البطالة والصعوبات المادية التي أغرقت الجميع في الفقر والمديونية.. ورغم كل هذا، لا أحد يسمع، لا أحد يرى... لا أحد يقول كفى عبثا وكفى صراعات عبثية ولننفق ما بقي لنا من طاقات في محاولة إنقاذ البلاد والعباد من هاوية الفوضى والخراب.
والمتابع لهذه المعارك والمناكفات العبثية يجد نفسه أمام قناعة واحدة مفادها أن هذه الطبقة السياسية التي لا تَصلح ولا تُصلح هي مكلفة بمهمة تؤدي إلى تخريب الدولة وتهيئتها  للفوضى والتفكيك.
وإلا لكان القوم كفوا عن عبثهم وعن مناكفاتهم التي لا تنتهي وتداعوا إلى طاولة المكاشفة والتفاوض والحوار لإيجاد وصفات لإنقاذ البلاد من انهيار وشيك... أو لإعادة العهدة إلى الشعب لينتخب من يراه صالحا لتسيير أموره وفق قواعد جديدة للعبة تطلق الأيادي والإرادات ولا تكبّل الجميع كما يحدث الآن.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك