مع الشروق.. من يوقف النزيف الخطير؟

مع الشروق.. من يوقف النزيف الخطير؟

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/07/01

المتابع للمشهد التونسي سرعان ما تتجسّد أمامه حقائق لا تخطئها العين المجرّدة.
لعل في طليعة هذه الحقائق انعدام التجربة والخبرة وغياب الإلمام بأبجديات التسيير والتصرف في شؤون الدولة لدى أغلب الممسكين بزمام الأمور في البلاد.
المتابع لهذا المشهد يدرك دون عناء أو قدرات خارقة على التشخيص وجود صداع مدمّر في رأس السلطة... رئيسا الدولة والبرلمان يتبادلان القصف المباشر والجانبي بسبب قضايا وطنية وإقليمية ودولية.
قصف وصل حد التجاذب المباشر بشأن الأزمة الليبية حيث وقف رئيس الدولة في ضفة بينما وقف رئيس البرلمان في ضفة مقابلة. وبالمحصلة يقف المواطن حائرا إزاء صراع من الوزن الثقيل في أعلى هرم السلطة... وترتسم أمامه حقيقة أنه ليس إزاء مؤسسات دولة وإزاء سلطات لها هيبتها ولها نواميسها وإنما إزاء ضيعة تسيّر وفق الأمزجة والأهواء ووفق قناعات ورؤى هذا الطرف أو ذاك.. وليس وفق ما تقتضيه المصلحة العليا للوطن ووفق ما تطبخه وما تمليه مؤسسات الدولة ومواقع القرار فيها وفقا لمقتضيات المصلحة العليا والأمن القومي للبلاد.
وحين يستدير المواطن إلى قصر القصبة وهو ثالث أضلع السلطة فإنه يجد رئيس حكومة يكابد للخروج من مأزق ضاق عليه ويوشك على إلقائه خارج الأسوار وهو الذي جاء إلى السلطة ممتطيا صهوة «نظافة اليد ومقاومة الفساد» ومستمدا جزءا مهما من شرعيته من رصيد الطهورية الذي راكمه رئيس الدولة في سباق انتخابي مع منافس وصف وقتها كـ«رمز للفساد».. قبل أن تدور الدوائر ويصبح دخول حزبه إلى الحكومة مطلبا لا تنازل عنه.
ولكي يكتمل المشهد ينزل اتحاد الشغل إلى الحلبة في مسعى لوقف الانهيار الكبير ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه من رصيد الدولة ومن هيبة مؤسساتها... وتطلق من عاصمة الجنوب صفاقس تصريحات مدوية ومزلزلة ومتوعدة بالتحرك الميداني لإعادة تصحيح اتجاه البوصلة ووقف مسارات التدمير الممنهجة للدولة ولمصداقية هيئاتها ومؤسساتها ومفاصل السلطة فيها.
وسط هذا المشهد المعقّد والمخيف والذي لا يلد إلا الشك ولا يغذي إلا مشاعر الخشية مما قد تحمله الأيام أو الأسابيع القادمة، وسط كل هذا يقف المواطن حائرا... حيرة تدفعه دفعا إلى طرح السؤال الجوهري: إذا كان كبار القوم يتصارعون على مواقع ومصالح وغنائم فمن يصارع من أجل تحقيق طلباته وانتظاراته؟
ومن يصارع في سبيل حل مشاكله ا لحقيقية ممثلة في بطالة متزايدة وفي أسعار طائرة وفي تعليم منهار وفي مؤسسات تترنّح وفي اقتصاد يقف على حافة الهاوية؟
سؤال سوف تبقى إجابته معلقة في رسم المجهول وفي رسم تطورات قادمة قد تزيد في تعكير الأمور وتزيد في تعيمق أزمة الثقة المرتسمة بين الحكام أنفسهم وبين الحاكم والمحكوم... فمن يرفع راية الإنقاذ الحقيقية قبل فوات الأوان؟ ومن يملك الوصفة الملائمة لوقف هذا النزيف الخطير الذي ينذر بانفلات الأمور ووقوع المحظور... لا قدّر الله.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك