مع الشروق.. المطلوب... حلول مبتكرة للأزمات المستعصية!

مع الشروق.. المطلوب... حلول مبتكرة للأزمات المستعصية!

تاريخ النشر : 08:00 - 2020/06/17

يقول المنطق السليم إن الأزمات المستعصية لا تنفع معها إلا حلول مبتكرة يستنبطها فكر خلاّق وعقل مبدع. والأزمات المتكدسة في بلادنا قد تعكّرت وتعقّدت بشكل جعلها تصمد. بل تزداد سوءا مع تعاقب الحكومات والمسؤولين رغم ما صحب ذلك من لغط ومن استعراض عضلات ومن مناكفات وتجاذبات... ولأن أزمات بلادنا تعقّدت واستفحلت مع مرّ السنوات وتخلّف العلاج المناسب في الأوقات المناسبة فإنها باتت تتطلّب نوعا آخر من الحلول.
حلول فيها الكثير من الجرأة السياسية ومن الفكر الخلاّق ومن الحلول المبتكرة التي تجعلنا نحقق أفضل النتائج في أقصر مدى زمني... يجعل إنقاذ الاقتصاد والبلاد أو على الأقل ظهور تباشيره  ومؤشراته، حقيقة يلمسها المواطن فتعيد إليه الثقة والأمل. وينخرط فيها. ويقدّم التضحيات اللازمة لإنجاحها عن طواعية بعيدا عن ضغط التصريحات والتهديدات وبعيدا عن لغة الاقتطاعات التي لن تجدي نفعا ما لم تضمن أية حكومة انخراط المواطن في سياساتها وإصلاحاتها وتفانيه في سبيل إنجاحها.
وقد أظهرت الحكومة الجديدة -رغم انكبابها شهورا في مقاومة الآثار المدمرة لجائحة الكورونا التي ضربت في طريقها كل شيء- مؤشرات إيجابية لافتة للنظر. ويمكن التوقف عندها. وهي مؤشرات تبدأ بتحقيق نجاح باهر في المعركة ضد كورونا.. نجاح جعل بلادنا -رغم قلة الموارد والإمكانات- تضمن لها مقعدا مريحا في كوكبة الدول القليلة التي قهرت الوباء....
ومن المؤشرات الإيجابية الأخرى تلك الإرادة السياسية التي عبّر عنها رئيس الحكومة من خلال إصراره على تجيير الروح التي تحلّى بها التونسيون في الحرب مع كورونا في الحرب على الأزمة الاقتصادية... وتوظيفها لإنقاذ الاقتصاد من انهيار تكدّست نذره وتراكمت مؤشراته... وكذلك في حثه على العمل وإيتاء ما ينفع الناس وترك المناكفات والتجاذبات جانبا...
لكن التفاؤل سرعان ما يخبو والثقة سرعان ما تهتز حين نرى طبيعة الحلول والسياسات التي يمكن أن تلجأ إليها الحكومة في سبيل دعم موارد الدولة... وهي حلول سهلة وبسيطة. ولا تشي بأي كفاءات أو قدرات استثنائية على مغالبة الصعاب واستنباط حلول تمكنّنا من اختزال المسافات ومن تحقيق الإنقاذ دون الإضرار بشرائح اجتماعية هي متضررة أصلا من سياسات الليبرالية المتوحشة المعتمدة والتي تجعل الأسعار تمارس القفز العالي وتعبث بجيوب المواطنين والمتقاعدين والموظفين وتدمر طاقتهم الشرائية.
فأية عبقرية وأية كفاءة وأية قدرة يمكن أن نستشّفها من سياسات تهدّد بوقف دفع جرايات المتقاعدين وتلوح بالتقليص من أجور الموظفين في وقت يصطلي فيه الجميع بنيران الارتفاع الصاروخي للأسعار ويعجز الجميع عن مجابهة تكاليف الحياة ولو في حدودها البسيطة والأساسية ؟ وكيف نريد تأمين انخراط المواطن في معركة الإنقاذ الاقتصادي وهي معركة لا تقل قداسة عن المعركة ضد كورونا إذا كنا نخطط لاستهداف جيبه وتدمير قدرة شرائية مدمّرة بطبعها ؟ وهل يجب أن تعيش بلادنا كل ذلك التطاحن والتجاذبات لتشكيل حكومة تطلع علينا بمثل هذه الحلول البدائية التي بإمكان أي مواطن عادي أن يتصورها وأن ينفّذها إذا كانت الحلول يمكن أن تأتي كيفما اتفق ولا مكان فيها لكفاءة عالية ولقدرات خلاقة ولحلول مبدعة...
لقد صبر هذا الشعب كثيرا على رموز الطبقة السياسية وهم يتناوبون على العبث بمقدرات البلاد وبمصالح العباد. وبات هامش المناورة يضيق كل يوم أكثر فأكثر. فإما سياسات وحلول مبتكرة وإما انهيار مدوّ سوف يغرق الجميع في دوامة العنف والفوضى...
ولينظر الجميع إلى لوحة الأرقام والحقائق الاقتصادية المرعبة وليستخلصوا الدروس والعبر قبل فوات الأوان.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك