مع الشروق ..هل بدأ الغرب في التخلّي عن أوكرانيا؟

مع الشروق ..هل بدأ الغرب في التخلّي عن أوكرانيا؟

تاريخ النشر : 08:58 - 2023/10/03

تسيطر على العالم الغربي حالة يأس من الانتصار في الحرب الأوكرانيّة، جعلت الحكومات الغربيّة تَدخل مرحلة من التخبّط، إلى جانب الشّعور بالإحباط وتعالي الأصوات المطالبة بالتسوية السلمية او إيقاف الدعم المالي والعسكري لكييف الذي يأتي على حساب أمن ورفاهية الشعوب الغربية.
الهجوم الأوكراني المضاد الموعود، هو ما أحدث هذه الحالة من الخيبة والعجز والغضب داخل المعسكر الغربي، الذي كان يطمح لإحراز نصر مظفّر ودحر روسيا وإذلالها ليس في اوكرانيا فحسب وإنما على الساحة الدولة.
فالمعركة في أوكرانيا بين روسيا والغرب ليست مجرّد معركة جغرافيا، وإنما صراع دولي شامل تتجاوز حدوده اوكرانيا التي هي مجرّد ساحة حاسمة في معركة إرادات كبرى يسعى كل طرف فيها الى كسر شوكة الآخر.
رائدة المعركة الغربية ضدّ روسيا في اوكرانيا ونقصد هنا أمريكا التي قدّمت ولا تزال دعما هائلا لكييف، حيث بلغ مجموع مساعداتها لكييف 43.1 مليار دولار أمريكي، بدأ الخلاف يدبّ داخلها رسميا وشعبيا حول هذا الأمر.
وأحدث أطوار هذا الخلاف هو إقرار ميزانية مؤقتة في الولايات المتحدة الأمريكية لا تتضمن دعمًا لأوكرانيا، مما يعني أنها ضربة قاصمة لوحدة الجهود الغربية في تمويل الحرب  ضدّ روسيا.
توقّف الولايات المتحدة الأمريكية عن إرسال المساعدات المالية والعسكرية إلى أوكرانيا لدعمها في حربها ضد الغزو الروسي، يعني أن كارثة ستحصل، حسب ما يقول محللون وخبراء عسكريون أمريكيون.
والأهم أن وقف الهجوم الأوكراني المضاد الآن سيعني إطلاق موسكو لهجوم آخر مضاد، حيث قال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري ميدفيديف، أنّ العملية العسكرية الخاصة التي شنّتها بلاده في أوكرانيا ستستمر حتى "يتمّ تدمير نظام كييف النازي بالكامل"، مضيفاً أنّ "مزيداً من المناطق الجديدة ستنضمّ إلى روسيا".
هذه "الضربة" الامريكية، ليست هي وحدها التي أفجعت نظام كييف، فقد كانت بولندا التي تمثّل أبرز حليف لأوكرانيا قد أعلنت وقف تسليح جارتها بسبب خلافات حادة وصلت حدّ تبادل استدعاء السفراء وتقديم شكاوي ضدّ بعضهم لدى الاتحاد الأوروبي رفقة المجر وسلوفاكيا.
الأمر أيضا لم يقف عند هذا الحدّ، فقد فاز حزب سلوفاكي معارض يريد وقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا و"مقرّب" من  روسيا في سياساته وينتقد الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، في انتخابات سلوفاكيا.
وقد تعهّد فعلا رئيس حزب "اتجاه الديمقراطية الاجتماعية" المعارض والفائز بالانتخابات روبرت فيتسو  في تصريح سابقا، بأن سلوفاكيا لن ترسل "قطعة ذخيرة واحدة" إلى أوكرانيا ودعا إلى تحسين العلاقات مع روسيا.
الجو العام الشعبي والرسمي في أغلب البلدان الغربية، أرهقته هذه الحرب التي تبدو بلا فائدة، فإضافة الى كونها تأتي على حساب رفاهية هذه الشعوب واستنزافها للاقتصاديات الغربية، لم تأت بنتيجة تذكر بل إنها تقرّب من صدام مباشر مع روسيا مما يعني كارثة كبرى.
على الجانب الآخر، تبدو روسيا وإن تكبّدت هي الأخرى خسائر لا بأس بها صامدة، وواثقة من الانتصار في حرب الاستنزاف هذه، بل ويتباهى الكرملين بالتأكيد على أن الغرب "تعب" من تقديم الدعم لأوكرانيا وسيزداد الأمر يوما بعد يوم.
هناك الآن أمرين لا ثالث لهما أمام الغرب وكييف في هذه الحرب، إما الجلوس الى طاولة المفاوضات وفق الشروط الروسية طبعا، وإما مواصلة الصراع حتى تحلّ الكارثة الكبرى والتي نعني بها إما هزيمة ساحقة لكييف وخسارة مزيد من أراضيها، وإما الصدام المباشر بين موسكو والغرب وهو ما يعني حرب عالمية ثالثة لن تكون كسابقاتها.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك