مع الشروق .. هذه هي أمريكا... بلا مساحيق !

مع الشروق .. هذه هي أمريكا... بلا مساحيق !

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/05/22

اما أن الرئيس الأمريكي لا يرى ولا يسمع.. واما انه يرى ويسمع بعيون وبآذان صهيونية.. فقد وجد من الصفاقة ومن الوقاحة ما جعله يتجرّأ ويبرّئ الدولة الصهيونية من تهمة الإبادة الجماعية  التي عصفت بحياة أكثر من 36 ألف فلسطيني والتي أدانها ويدينها كل العالم بمن فيه شرائح واسعة من الشعب الأمريكي الذي ينتفض يوميا ضد اجرام الصهاينة وضد الابادة الجماعية التي يرتكبونها في غزة منذ قرابة الثمانية أشهر.. ليس هذا فقط، بل ان محكمة الجنايات الدولية التي أصدرت مذكرات اعتقال في حق نتنياهو ووزير حربه «غالانت» ورغم انها ساوت بين الجلاد المحتل وبين الضحية والذي يعيش مأساة الاحتلال والشتات منذ 76 عاما «نالها من الطيب نصيب» على قول المثل المصري الشهير.. فقد انهال بايدن على رئيسها تقريعا وتجريحا مبديا استماتة في الدفاع عن حليفه نتنياهو وعن كيانه المجرم.
وحين نقول ان بايدن يرى ويسمع بعيون وبآذان صهيونية فإننا لا نتجنّى  على الرجل، بل نوصف أمرا واقعا يقر به الرئيس الأمريكي باستمرار.. حيث سبق له وان صرّح بأنه أول صهيوني وبأنه لو لم تكن «اسرائيل» موجودة فإنه كان سيعمل على ايجادها. وهو نفس الموقف الذي كرّره أول أمس في سياق دفاعه عن العدوان الصهيوني حين برّأ  من قتل 36 ألف انسان وجرح و أعاق أكثر من 70 ألفا آخرين ودمّر مئات الآلاف من دور السكن وعشرات المستشفيات والمساجد والمدارس والمؤسسات من تهمة الابادة الجماعية..
ولسنا ندري عند هذه النقطة أي مقياس يعتمد الرئيس الأمريكي لتوصيف حدث في فظاعة وفي فداحة الحرب الصهيونية الشاملة على المواطنين العزّل في قطاع مكشوف.. يتكدّس فيه مئات آلاف البشر ولا يملكون للدفاع عن أنفسهم أكثر من حناجر يدعون بها الله وأكف يتضرعون بها إليه كي يحفظهم من حقد أعمى يتهاطل عليهم عبر قنابل عملاقة وصواريخ متطورة وذخائر فتّاكة هي آخر ما طوّرته آلة الحرب الأمريكية.
وحين يتفق كل العالم على القول بأن ما يحدث في غزّة هو حرب إبادة جماعية وحين يقف الكيان في قفص الاتهام أمام محكمة الجنايات الدولية وحين تصدر الادانة في حق قياداته السياسية والحربية، فإن الرئيس الأمريكي يكون قد عزل نفسه عن كل العالم.. ووقف في صف الجزّار والقاتل.. ويكون كذلك قد عزل بلاده وجرّدها من أية مصداقية ومن أي غطاء أخلاقي أو قيمي يمكن أن تحاول التدثر به وتغطية عوراتها الكثيرة.. فهل تملك الادارة الأمريكية بعد هذا الموقف المشين من الجرأة ما يجعلها تتمادى في اعطاء الدروس لباقي الدول والشعوب عن احترام الحريات وحقوق الانسان وعن الديمقراطية حين تنحاز لكيان يعدّ بامتياز نقيضا لكل هذه القيم والمعاني.
ان الولايات المتحدة التي قامت على إبادة عشرات الملايين من الهنود الحمر والتي ارتكبت أفظع المجازر في اليابان حين ضربتها بالقنبلة النووية وفي فييتنام حين قتلت مئات آلاف البشر وفي العراق حين أبادت أكثر من مليوني مواطن ودمّرت بلدا واغتالت قيادته السياسية وحين دمّرت سوريا بواسطة العصابات الارهابية لا تزيد على كونها تثبت للعالم انها لم تتغير.. وانها وفيّة لطباعها الاجرامية ولنزوعها الفطري هي الأخرى نحو القتل والابادة الجماعية. وحين ننظر إليها من هذه الزاوية ونقيّمها بهذا الميزان يصبح أمرا عاديا أن يبرئ بايدن رئيس دولة مجرمة الصهاينة من جريمة الابادة الجماعية.. ويصبح أمرا عاديا مجاهرته بالاصرار على مواصلة الحرب في غزّة على اعتبار انها حرب أمريكية في نهاية المطاف يخوضها الصهاينة بالوكالة.. وتهدف إلى احداث ترتيبات استراتيجية على علاقة بمشاريع ومخطّطات أمريكا للسيطرة على العالم من خلال تهيئة المسار لطريق الهند ـ أوروبا وما يستلزمه من اخلاء لغزّة وتهجير لأهلها عبر الميناء الأمريكي المقام تحت «لافتة المساعدات الانسانية».
وقديما قالت العرب: «إذا عرف السبب، بطل العجب»!!
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك