مع الشروق ..مشاريع عملاقة لتغيير صورة البلاد

مع الشروق ..مشاريع عملاقة لتغيير صورة البلاد

تاريخ النشر : 07:40 - 2024/03/01

باستثناء مشاريع تهيئة ضفاف البحيرة بتونس العاصمة،  لم تنجح بلادنا على مرّ التاريخ في إقامة  مشروع استثماري  ضخم له صبغة عقارية وخدماتية كما هو الحال في عديد دول المنطقة العربية والافريقية.. فعواصم أغلب الدول ومدنها الكبرى شهدت في العشريتين الاخيرتين إقامة مشاريع استثمارية عملاقة اعتمدت أساسا على الاستثمار في العقار وفي الخدمات، من خلال تشييد مدن جديدة تضم أبراجا تجارية وإدارية وسكنية فاخرة وفضاءات ترفيه وتسوق وفنادق تحمل اسماء الماركات العالمية وفضاءات للمؤتمرات والمعارض الدولية.. وهو ما ساهم مع تقدم السنوات في تغيير أوجه تلك الدول وحولها إلى قوة جذب في المجال السياحي أو الاستثماري..
ومنذ ما قبل 2011، تم الإعلان أكثر من مرة عن الاستعداد لبعث  مشاريع مماثلة في تونس تعتمد أساسا على الشراكة مع أطراف أجنبية.. وقد تعددت الوعود في هذا المجال من مشروع " سماء دبي" بالمدخل الجنوبي للعاصمة إلى مدينة " أبو خاطر" بضفاف البحيرة فمشروع  " المرفأ المالي " بجهة رواد  ومشروع " ميناء المياه العميقة بالنفيضة"  ومشروع " مارينا بنزرت" والمشروع العقاري الكبير  "تبرورة" بصفاقس و مشروع جسر جربة وغيرها من المشاريع العملاقة.. غير انها  ظلت كلها إلى اليوم مجرد حبر على ورق ليتواصل بذلك إهدار وقت ثمين في البلاد يتحمل تبعاته جيل تلو جيل، عكس عديد الدول التي دخلت في السنوات الأخيرة في سباق مع الزمن وفي تنافس شرس في ما بينها ونجحت في تغيير صورتها التنموية والاستثمارية عبر مشاريع عملاقة..
تحتاج تونس اليوم على الاقل  إلى مشروع  عقاري تنموي ضخم واحد يكون إما في العاصمة أو في إحدى المدن الكبرى  يجمع بين الصبغة التجارية والسياحة والثقافية والترفيهية ويتميز بخصوصية تجعله قادرا على استقطاب المستثمرين الأجانب في قطاع الخدمات والقطاع المالي والتكنولوجي وعلى استقطاب سياحة المؤتمرات والسياحة الثقافية والفنية وسياحة المعارض والصالونات الدولية.. فبمثل هذه المشاريع يمكن تغيير صورة البلاد في عيون الخارج والزيادة من حظوظها في أن تتحول إلى منصة اقتصادية ومالية حقيقية ترتبط بكل الاتجاهات خاصة في ظل موقعها الاستراتيجي المتميز.. فالمشاريع الاقتصادية التقليدية – على أهميتها في تحريك عجلة التنمية وتوفير مواطن الشغل – لم تعد كافية وحدها لتلبية حاجيات البلاد الاقتصادية والتنموية والمالية ولا على تقديم  قيمة مضافة لصورة البلاد لدى الفاعلين الاقتصاديين والماليين الدوليين.
وفي ظل الوضع الاقتصادي والمالي الصعب الذي تمر به تونس، وبالنظر الى ما تحتاجه هذه المشاريع من قوة مالية استثنائية، فان إنجازها  لا يمكن أن يتم إلا بالشراكة مع أطراف أجنبية على مستوى التمويل والتنفيذ،  وهو  احد اسباب تعطيل استكمالها الى حد الآن.. فبعض الشروط التي تفرضها الأطراف الممولة او المنفذة للمشروع قد لا تقبل بها تونس لعدة اعتبارات.. وهو ما يؤكد أن مختلف الأطراف المعنية بتمويل و تنفيذ هذه المشاريع  مطالبة بالتحلي بشيء من المرونة وعدم التمسّك ببعض الشروط التعجيزية  التي قد لا تقبل بها تونس لأسباب مختلفة .. وفي المقابل، على الدولة ان تعمل على تحسين أساليب التفاوض حول هذه المشاريع وان تتحرك الدبلوماسية الاقتصادية أكثر فاكثر لتحريك ملفات هذه المشاريع والبحث عن مُموّلين ومنفذين ولم لا العمل على تنويع شبكة الشراكات المطلوبة لتشمل أطرافا أخرى ..
فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك