مع الشروق .. في علاقة الأمني والمواطن
تاريخ النشر : 07:00 - 2021/06/11
ردود فعل عديدة أثارها الفيديو الأخير الذي أظهر التعاطي الأمني مع شاب مجرد تماما من ملابسه في جهة سيدي حسين بأحواز العاصمة، ذهب أغلبها نحو التعبير عن الاستياء مما حصل. حيث ندد بالحادثة سياسيون ونواب في البرلمان وحقوقيون واعلاميون ومواطنون معتبرين أن ما حصل في حق الشاب تجاوز خطير لا يجب أن يمر دون كشف الحقيقة ودون محاسبة. أما وزارة الداخلية فقد قدمت توضيحا قالت فيه أن الشاب هو الذي أقدم على التجرد من ملابسه أثناء أحداث احتجاجية شهدتها المنطقة وكان الاعوان بصدد محاولة السيطرة عليه لإيقافه.
ليست المرة الأولى التي يقع فيها تداول مثل هذه الصور والفيديوهات حول ما يجري من حين لآخر بين المواطن وعون الامن في الطريق العام أو داخل المقرات الأمنية وتكون التهم متبادلة. فتارة تُوجه أصابع الاتهام بارتكاب "المحظور" الأمني في حق المواطن وطورا توجه التهمة للمواطن بارتكاب تجاوز في حق الأمني خاصة في ظل عدم الإفصاح للرأي العام عن نتائج التحقيقات الأمنية والقضائية والإدارية التي يقع فتحها في الغرض. وفي كل الأحوال تظل مثل هذه التصرفات فردية وشاذة سواء ارتكبها المواطن او الأمني، فلا يجب أن يقاس عليها كل العمل الأمني ولا تصرفات كل المواطنين.
مهما ستكون الحقائق التي قد تكشفها التحقيقات والأبحاث القضائية والإدارية حول الحادثة، فإن الصور والفيديوهات المتداولة لم تمر دون أن تطرح عديد التساؤلات حول العلاقة التي من المفروض أن تكون بين رجل الأمن والمواطن في تونس والتي طالما أسالت الحبر وأثارت الجدل. فما وقع تداوله من صور للشاب العاري تماما لم يمس فقط صورة جهاز الأمن بل أيضا صورة دولة كاملة ينظر إليها العالم كتجربة انتقالية شاملة تخطو خطواتها نحو التحسّن في المجال السياسي والمجال الأمني والمجال الحقوقي وهو ما يؤكد ضرورة التفكير بشكل جدي وجذري في ما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الطرفين.
لا يمكن أن يكون بين رجل الامن والمواطن غير الاحترام المتبادل في كنف تطبيق القانون والتقيد بحقوق الانسان، وذلك اقتداء بالدول المتقدمة و بالديمقراطيات العريقة.. صحيح أن هذه العلاقة شهدت تحسنا ملحوظا في السنوات الأخيرة، حيث بدأ رجل الأمن يتخلص تدريجيا من سلوكات طالما اثارت التذمر قبل 2011 وبدأ المواطن في المقابل يتخلص من بعض الأفكار السلبية التي حملها طيلة سنوات عن الأمني. وقد تكرس ذلك على أكثر من صعيد من خلال ما يبذله الأمني من جهود في خدمة المواطن ومن خلال ما يعبر عنه المواطن من تضامن مع الأمني في مناسبات عديدة، لكن ذلك ظل دون المأمول.
اليوم آن الأوان لتشترك كل الأطراف من أمن وسلطة إشراف ومواطنين وعائلات وحقوقيين ومختصين في القانون وأخصائيين نفسيين واجتماعيين ومجتمع المدني وسياسيين في بلورة رؤية جديدة وحقيقية لعلاقة الأمني بالمواطن لا تسمح بأي تجاوز او مسّ من حقوق وواجبات أي منهما.. فسلطة الإشراف مطالبة بتكثيف الدورات التكوينية لمنظوريها قصد حثهم على أن يكونوا أمنا جمهوريا حقيقيا يحترم حق المواطن في معاملة راقية وإنسانية وأن تكون أكثر حزما في التعاطي مع التجاوزات. وبقية الأطراف مطالبة ببذل أكثر جهود مجتمعية لحث المواطن على السلوك السليم في علاقته برجل الامن سواء في حياته العادية أو أثناء الاحتجاجات.. أما إذا ما تواصل الامر على ما هو عليه اليوم فإن العلاقة ستكون مرشحة لمزيد التأزم والاحتقان..
فاضل الطياشي
ردود فعل عديدة أثارها الفيديو الأخير الذي أظهر التعاطي الأمني مع شاب مجرد تماما من ملابسه في جهة سيدي حسين بأحواز العاصمة، ذهب أغلبها نحو التعبير عن الاستياء مما حصل. حيث ندد بالحادثة سياسيون ونواب في البرلمان وحقوقيون واعلاميون ومواطنون معتبرين أن ما حصل في حق الشاب تجاوز خطير لا يجب أن يمر دون كشف الحقيقة ودون محاسبة. أما وزارة الداخلية فقد قدمت توضيحا قالت فيه أن الشاب هو الذي أقدم على التجرد من ملابسه أثناء أحداث احتجاجية شهدتها المنطقة وكان الاعوان بصدد محاولة السيطرة عليه لإيقافه.
ليست المرة الأولى التي يقع فيها تداول مثل هذه الصور والفيديوهات حول ما يجري من حين لآخر بين المواطن وعون الامن في الطريق العام أو داخل المقرات الأمنية وتكون التهم متبادلة. فتارة تُوجه أصابع الاتهام بارتكاب "المحظور" الأمني في حق المواطن وطورا توجه التهمة للمواطن بارتكاب تجاوز في حق الأمني خاصة في ظل عدم الإفصاح للرأي العام عن نتائج التحقيقات الأمنية والقضائية والإدارية التي يقع فتحها في الغرض. وفي كل الأحوال تظل مثل هذه التصرفات فردية وشاذة سواء ارتكبها المواطن او الأمني، فلا يجب أن يقاس عليها كل العمل الأمني ولا تصرفات كل المواطنين.
مهما ستكون الحقائق التي قد تكشفها التحقيقات والأبحاث القضائية والإدارية حول الحادثة، فإن الصور والفيديوهات المتداولة لم تمر دون أن تطرح عديد التساؤلات حول العلاقة التي من المفروض أن تكون بين رجل الأمن والمواطن في تونس والتي طالما أسالت الحبر وأثارت الجدل. فما وقع تداوله من صور للشاب العاري تماما لم يمس فقط صورة جهاز الأمن بل أيضا صورة دولة كاملة ينظر إليها العالم كتجربة انتقالية شاملة تخطو خطواتها نحو التحسّن في المجال السياسي والمجال الأمني والمجال الحقوقي وهو ما يؤكد ضرورة التفكير بشكل جدي وجذري في ما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الطرفين.
لا يمكن أن يكون بين رجل الامن والمواطن غير الاحترام المتبادل في كنف تطبيق القانون والتقيد بحقوق الانسان، وذلك اقتداء بالدول المتقدمة و بالديمقراطيات العريقة.. صحيح أن هذه العلاقة شهدت تحسنا ملحوظا في السنوات الأخيرة، حيث بدأ رجل الأمن يتخلص تدريجيا من سلوكات طالما اثارت التذمر قبل 2011 وبدأ المواطن في المقابل يتخلص من بعض الأفكار السلبية التي حملها طيلة سنوات عن الأمني. وقد تكرس ذلك على أكثر من صعيد من خلال ما يبذله الأمني من جهود في خدمة المواطن ومن خلال ما يعبر عنه المواطن من تضامن مع الأمني في مناسبات عديدة، لكن ذلك ظل دون المأمول.
اليوم آن الأوان لتشترك كل الأطراف من أمن وسلطة إشراف ومواطنين وعائلات وحقوقيين ومختصين في القانون وأخصائيين نفسيين واجتماعيين ومجتمع المدني وسياسيين في بلورة رؤية جديدة وحقيقية لعلاقة الأمني بالمواطن لا تسمح بأي تجاوز او مسّ من حقوق وواجبات أي منهما.. فسلطة الإشراف مطالبة بتكثيف الدورات التكوينية لمنظوريها قصد حثهم على أن يكونوا أمنا جمهوريا حقيقيا يحترم حق المواطن في معاملة راقية وإنسانية وأن تكون أكثر حزما في التعاطي مع التجاوزات. وبقية الأطراف مطالبة ببذل أكثر جهود مجتمعية لحث المواطن على السلوك السليم في علاقته برجل الامن سواء في حياته العادية أو أثناء الاحتجاجات.. أما إذا ما تواصل الامر على ما هو عليه اليوم فإن العلاقة ستكون مرشحة لمزيد التأزم والاحتقان..
فاضل الطياشي
