مع الشروق .فلسطين... والمعادلة الجديدة

مع الشروق .فلسطين... والمعادلة الجديدة

تاريخ النشر : 07:00 - 2021/05/18

لم تكن جولة التصعيد الأخيرة بين المقاومة والكيان الصهيوني كسابقاتها من الجولات، حيث أخذت هذه المرة بعدا جديدا على جميع المستويات، معلنة بذلك عن معادلة جديدة في الأراضي المحتلة.
كان الصهاينة يظنّون أن اعتداءاتهم الوحشية على المرابطين في الأقصى ثم على أهالي حي الشيخ جرّاح ستمرّ مرور الكرام كالعادة وستكتفي المقاومة في أقصى الاحوال باستهداف مستوطنات غلاف غزة ببضعة رشقات من الصواريخ.
لكن المقاومة هذه المرّة جاءت بالجديد عبر كسر كل الحدود الجغرافية داخل الأراضي المحتلة باستهدافها عاصمة الكيان الصهيوني المحصّنة تل أبيب وعسقلان، بالإضافة الى عديد المدن الأخرى.
وفاجأت المقاومة الكيان الصهيوني بترسانة صاروخية جديدة طويلة المدى منها "القسام" و "القدس 101" و"غراد" و"الفجر"...معلنة سماء الأراضي المحتلة أجواء مفتوحة وكل المناطق مستهدفة.
حتى أن الصهاينة تحدّثوا عن قصف تاريخي لم يسبق له مثيل فشلت القبة الحديدية في صدّه رغم أن صاروخ واحد منها يتكلّف 50 ألف دولار بينما تتراوح تكلفة صواريخ المقاومة بين 300 و800 دولار.
الأمر الآخر هو أن المعركة هذه المرّة لم تعد مع حماس وقطاع غزّة فقط حيث تعوّد الكيان الصهيوني على الاستفراد بهم، بل أصبحت الضفّة الغربية والقدس تحديدا جزء من المواجهة وسقط داخلها عشرات الشهداء والجرحى.
ومثّلت هذه الهبة والوحدة الشعبية الفلسطينية صدمة كبيرة للكيان الصهيوني الذي يسعى للمواجهة مع الأطراف الفلسطينية كلّ على حدة حتى يتفرّغ جيّدا للمواجهة ويربحها سريعا.
أما الأكثر رعبا بالنسبة للصهاينة فهو "ثورة" الدّاخل المحتل حيث تقع مواجهات شاملة في كل المدن بين المواطنين الفلسطينيين وشرطة الاحتلال حيث اعتبرها رئيس الحكومة المكلّف يائير لبيد تهديدا وجوديا  للكيان.
هذه المواجهات أثبتت أن فلسطين واحدة لا تتجزّأ مهما كانت الحواجز والاسوار الصهيونية التي قسّمت الأراضي الفلسطينية في شكل مربّعات أمنية لإحكام السيطرة عليها بقبضة حديدية.
كما أثبتت أنه متى ما كانت ارادة الفلسطينيين واحدة كانوا أقوى وأشدّ بأسا على الكيان الغاصب الذي ظنّ أن الأمور استوت له بعد القتل والتشريد والسجّن للشعب الفلسطيني.
أمر آخر فاجأ الصهاينة كثيرا هذه المرّة وهو المد التضامني العالمي من مشاهير الكرة والفن والتمثيل وخاصة نجوم "هوليود" الامريكية الذين نقلوا مأساة حي الشيخ جرّاح وأناروا الرأي العام الغربي بما يجري في الأراضي المحتلة رغم التعتيم الرسمي وسيطرة الصهاينة على الإعلام العالمي ومراكز صنع القرار في القوى الغربية.
هذا بالإضافة الى مواقف بعض الدول التي جاءت حازمة وواضحة هذه المرّة كمواقف الصين وروسيا وغيرهما ممن أدانوا جرائم الاحتلال وطالبوا بحل نهائي وعادل للقضية الفلسطينية.
وفي المحصّلة جولة التصعيد الأخيرة فرضت معادلة جديدة أصبح فيها الحديث عن ما قبل وما بعد وستكون نتائجها كبيرة داخليا وخارجيا وستدفع بقوة نحو حلّ الدولتين التي عادت الولايات المتحدة للحديث عنه بقوة مؤخرا بعدما كانت أكبر معرقل له.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك