مع الشروق.. عندما تتعرّى أمريكا... وتنكشف ديمقراطيتها العرجاء !

مع الشروق.. عندما تتعرّى أمريكا... وتنكشف ديمقراطيتها العرجاء !

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/08/08

العدوان الصهيوني على غزّة بما يصحبه من مجازر وما يسيله من دماء مواطنين عزّل أبرياء وبما يسبّبه من أضرار فادحة لدور السكن ولبنية تحتية متردية بطبعها، هذا العدوان كشف مدى العرج الذي تعانيه نظرة الادارة الأمريكية للديمقراطية.. كما عرّى ازدواجية المكاييل والموازين التي تتعاطى بها أمريكا مع القضايا الدولية وكيف أنها تخصّص ميزانا لطفلها المدلل الكيان الصهيوني وميزانا لباقي خلق الله..
الادارة الأمريكية تدخلت في الفترة الأخيرة بشكل فجّ وقبيح في الشأن الداخلي التونسي، وتواتر مسؤولون أمريكيون كبار على التباكي وذرف دموع التماسيح على المسار الديمقراطي في تونس.. مع أن الاجراءات المتخذة بعد 25 جويلية 2021 هي استجابة لمطالب شعبية ملحّة لتصحيح خراب ودمارات سبّبها حلفاء أمريكا في شق الاسلام السياسي طيلة عشرية سوداء.. وكذلك لتخليص البلاد والعباد من براثن دستور مستلهم من دستور بريمر (الحاكم العسكري للعراق اثر الغزو) والذي أوقع الشعب العراقي في شراك يستحيل الفكاك منها.. وكان يتهدد الشعب التونسي نفس المصير..
لكن هذا الحماس الأمريكي للديمقراطية والذي أبداه مسؤولون أمريكيون وصل الحماس بأحدهم (السفير المعيّن) حد الحديث عن حتمية انضمام تونس إلى ما يسمّى «اتفاقية ابراهام» وكأن بلادنا مقاطعة أو ولاية أمريكية ولا تتمتع باستقلالية قرارها الوطني، هذا الحماس سرعان ما يختفي ويغيب عندما يتعلّق الأمر بحليفها الاستراتيجي الكيان الصهيوني وبحقوق الشعب الفلسطيني الأساسية وفي طليعتها  حقّه في الحياة وحقه في الأمن علاوة على حقه في دولته الحرّة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف كما تنص على ذلك قرارات الشرعية الدولية..
فما ان انطلقت آلة  الحرب والدمار الصهيونية في عدوانها الغاشم على المواطنين الآمنين في قطاع غزة.. وما ان أوغلت آلة القتل والتدمير في ضرب المواطنين العزّل وتدمير المنازل عل رؤوسهم حتى سارعت الادارة الأمريكية إلى التأكيد على «حق اسرائيل في الدفاع عن النفس».. وبعبارة أخرى فإن ادارة بايدن تعطي الضوء الأخضر للكيان الصهيوني كي يتمادى في نهج الغطرسة والعدوان بتعلّة حماية هذا الكيان الغاصب والمعتدي من تهديد الطرف الذي يقع تحت الاحتلال والذي تداس كل حقوقه الوطنية والانسانية تحت جنازر آلة الحرب الصهيونية.. وبذلك تتعرى أمريكا من كل المساحيق الديمقراطية التي تتبجح بها وتتخذها في الواقع مطية للتدخل في الشؤؤن الداخلية للدول كما حدث مع تونس في الفترة الأخيرة..
فأين يذهب الحرص على الديمقراطية حين يتعلق الأمر بفظاعات الكيان الصهيوني ضد العزّل الأبرياء من أبناء الشعب الفلسطيني؟ وأين تذهب دموع التماسيح التي تذرفها هنا وهناك وتتخذها مطية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول وإدخالها إلى بيت الطاعة الأمريكي حين يكون الضحية طرفا عربيا وحين يكون الجلاد هو الكيان الصهيوني؟ وهل ان الفلسطينيين بشر من مرتبة عاشرة ولا يحق لهم التمتع بحزمة حقوق الانسان المعترف بها كونيا علاوة على حقوقهم الوطنية المشروعة؟ أم هل ان أبناء الشعب الفلسيني هم «الهنود الحمر» لمنطقة الشرق الأوسط وليس أمامهم إلا القتل و الإبادة والاندثار؟
لقد سبق وأن كشف العدوان الأمريكي الوحشي على العراق سنة 2003 زيف الديمقراطية الأمريكية.. وعلاوة على القتل والتدمير والفوضى الذي أغرق فيها بلد الرافدين تابع العالم «ديمقراطية» العم سام في أبهى تجلياتها في سجن «أبو غريب» وكيف كدست ديمقراطية أمريكا كتلا من اللحم البشري العاري في مشهد لا يليق حتى بالحيوان فما بالك ببشر علموا الكون الكتابة والحضارة والقانون؟
ان ما يقترفه الكيان الصهيوني من فظاعات في حق أبناء فلسطين وما تبديه الادارات الأمريكية من دعم لا مشروط لهذا الكيان لا يزيد إلا في تعرية الوجه القبيح لاسرائيل ككيان غاصب وقاتل يحاول الغرب إظهاره في ثوب «الديمقراطية» الوحيدة في الشرق الأوسط.. كما لا يزيد إلا في تعرية النظرة الأمريكية للديمقراطية هذه النظرة التي تزدري الحقوق الطبيعية للشعوب وتركب ازدواجية المكاييل والموازين لتكبيل الشعوب ووأد تجاربها وتطلعاتها الديمقراطية الحقيقية..
هل تملك هذه الوجوه القبيحة حدّا أدنى من المصداقية؟ وهل تكون جديرة بالاحترام؟
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك