مع الشروق.. دستور جديد... وتطلعات لمستقبل أفضل

مع الشروق.. دستور جديد... وتطلعات لمستقبل أفضل

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/08/19

بعد ختم وإصدار الدستور الجديد، وفي انتظار استكمال بقية المسار الذي بدأ قبل أكثر من عام، يمكن القول أن تونس دخلت اليوم مرحلة جديدة من تاريخها، تحت مسمّى "الجمهورية الثالثة".. مرحلة تتعدد حولها انتظارات التونسيين وتطلعاتهم لمستقبل أفضل تتحسن فيه أحوال البلاد والشعب ويتحقق فيه النمو الاقتصادي المنتظر والاستقرار الاجتماعي المنشود.
"جمهورية ثالثة" يأمل التونسيون أن تكون أفضل من سابقتيها وأن تتم المحافظة فيها على مكتسبات الجمهوريتين الأولى والثانية وخاصة تطويرها نحو الأفضل. فطيلة الأعوام الماضية سادت المخاوف من تآكل بعض مكتسبات دولة الاستقلال ومن عدم قدرة دولة "الجمهورية الثانية" على المحافظة عليها وتطويرها، بسبب ما ساد من عدم استقرار سياسي ومن فوضى وصراعات..
ورغم الانتقادات والاتهامات التي رافقت نص الدستور الجديد، إلا ان ذلك لا يجب أن يتحول إلى هواجس او كوابيس تُعطّل جهود الإصلاح والتطوير وتُربك الدولة ومختلف الفاعلين وتتسبب في مزيد إضاعة الوقت. فالنص الدستوري الجديد لن يكون أبديّا أو "مُقدّسا" او غير قابل للتغيير بل يمكن تنقيحه وتطويره تماشيا مع مختلف التطورات الداخلية والخارجية ومع مختلف المقترحات والمواقف والآراء.
ولا يكفي دولة "الجمهورية الثالثة" النجاح في إصدار دستور جديد.. فمسؤوليتها اليوم أصبحت مضاعفة لإتمام بقية مراحل المسار وفي مقدمتها سن قانون انتخابي جديد يكون متطورا وديمقراطيا، وإرساء المحكمة الدستورية لتكون ضمانة أساسية للديمقراطية ، ثم تنظيم انتخابات تشريعية حرة، نزيهة وشفافة ينبثق عنها برلمان بروح جديدة وحكومة قوية وناجعة تحقق الإصلاحات المرجوة والنمو المنتظر.
وعلى الدولة ألا تكتفي خلال هذه الفترة بالتركيز فقط على المسار السياسي والانشغال عن الوضعين الاقتصادي والاجتماعي. فلا نجاح لأي مسار او مشروع سياسي دون نجاح اقتصادي ودون استقرار اجتماعي. وهي المسؤولية الملقاة اليوم على عاتق السلطة القائمة، من رئيس الجمهورية إلى الحكومة، قصد بذل أقصى ما يمكن من جهود للتطوير الاقتصادي وخلق الثروة ولتحسين وضع المالية العمومية والقطع مع كل مظاهر الفساد إلى جانب تحسين الوضع المعيشي في ظل التدهور غير المسبوق للمقدرة الشرائية للمواطن وتردي أوضاع الفئات الفقيرة والمهمشة.
وفي المقابل، سيكون من الصعب النجاح في الإصلاح والتطوير الاقتصادي والاجتماعي دون استقرار سياسي. وهو ما على الدولة أخذه بعين الاعتبار لضمان أقصى ما يمكن من "هدوء" واستقرار السياسي بالتعاون مع بقية الفاعلين، بعد أن كشفت تجربة الأعوام الماضية ان حالة الفوضى وعدم الاستقرار السياسي وما نتج عنها من تغيير مستمر للحكومات ومن معارك وصراعات سياسية ومن ارباك للدولة، لم تُخلّف سوى الانهيار الاقتصادي والمالي للدولة وتردي الأوضاع الاجتماعية والمعيشية.
لا يجب الاكتفاء اليوم بإصدار الدستور أو التباهي بذلك، ولا يجب تركيز كل جهود الدولة على المسار السياسي فحسب، على حساب المشاغل الحقيقية للمواطن وللفاعلين الاقتصاديين. فبالتوازي مع إتمام بقية المحطات السياسية المنتظرة، من الضروري أيضا إيلاء جانب كبير من اهتمامات الدولة لمختلف المجالات التي باتت تمثل هاجسا وكابوسا للمواطن وفي مقدمتها غلاء المعيشة والبطالة وضعف الحركية الاقتصادية والتنموية في البلاد والتعطيلات الإدارية وتأخر التوجه نحو الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة في البلاد وما يسود الوضع العام من فوضى وفساد ومظاهر إجرامية وتردي جودة الخدمات العمومية في التعليم والصحة والنقل..
فاضل الطياشي
 

تعليقات الفيسبوك