مع الشروق ..حسابات الغرب وأوراق الشرق

مع الشروق ..حسابات الغرب وأوراق الشرق

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/03/28

ما تم تداوله إعلاميا في الأيام الماضية عن استعداد الاتحاد الأوروبي لتقديم 164.5 مليون يورو للدولة التونسية تحت يافطة مكافحة الهجرة غير النظامية وموافقة البنك الدولي على منح بلادنا قرضا بقيمة 520 مليون دولار لدعم تحديات الأمن الغذائي وتحقيق التوازن في التفاوتات الاقتصادية يحيل في محصّلته على تواصل الاهتمام الغربي بتونس رغم تلك التحليلات والقراءات التي تذهب باتجاه وجود فتور يجمع الطرفين.
فسياسة تونس الخارجية تحدّدها أساسا المرجعيات والثوابت التي انبنت عليها منذ دولة الاستقلال مع الزعيم الحبيب بورقيبة والتي تقوم على ترسيخ العلاقات الإيجابية وتثمين الشراكات مع كل الأطراف شرقا وغربا رغم ما يجمعنا مع الدول الغربية من قواسم مشتركة تاريخية وثقافية واقتصادية وتجارية كبرى حيث يعد الاتحاد الأوروبي مثلا شريكنا التجاري الأول علاوة على ما يجمع بلادنا مع الولايات المتحدة الأمريكية من علاقات ممتدة لأكثر من مائتي سنة والتعاون الأمني والعسكري والمالي الذي يجمع الطرفين. 
فرغم بعض المواقف التي قد توحي بوجود فتور على خلفية مواقف بعض العواصم الغربية مما يحصل في الداخل التونسي من متغيرات وتمسك تونس بالخطاب السيادي ورفض التدخل في شؤوننا الداخلية، إلا أن ما يحرّك بوصلة العلاقات قبل كل شيء هو المصالح وفق نظرة براغماتية بحتة حيث يعتبر الغرب بلادنا شريكا استراتيجيا على قدر كبير من الأهمية في المنطقة المغاربية والإفريقية لا يمكن تجاوزه في الملفات المشتركة ذات البعد السياسي والأمني والاقتصادي بالنظر للعلاقات المتجذرة والروابط الهامة.
وعلى الطرف الآخر من الزاوية، لا يخفي عملاقا الشرق الصين وروسيا اهتمامهما المتزايد بتونس ورغبتهما المتزايدة بوضع قدم في المشهد التونسي بالتحديد من بوابة السياسة والاقتصاد في ظل الضغوطات الغربية وصعوبة الحصول على التمويلات اللازمة لإنعاش الاقتصاد التونسي من الجهات الغربية وهو ما تنبهت له بيكين وموسكو اللذين سارعا بإيفاد وزيري خارجيتهما إلى بلادنا لبحث تطوير الحضور الصيني والروسي عبر ملفات ذات طابع اقتصادي ومالي وتنموي وثقافي ورياضي.
فتونس لا تخفي ورقة تنويع الشراكات والانفتاح على الشرق وتحديدا الصين وروسيا خصوصا وأن التقارب بات واضحا بين الطرفين عبر الاتفاقيات التي سيتم امضاؤها مع الجانب الروسي في اجتماع اللجنة العليا المشتركة أو في الحضور الصيني الجلي في الملفات ذات العلاقة بتطوير البنية التحتية من ذلك توقيع عقد صفقة إنجاز الجسر الرئيسي لمشروع جسر بنزرت مع شركة صينية أو ما يتم تداوله إعلاميا عن إمكانية تعهيد شركات صينية بإنجاز مشاريع في المجال الرياضي ومنها إتمام أشغال الملعب الأولمبي بالمنزه.
وبالتالي فالاهتمام الواضح من الشرق بالمشهد التونسي والرغبة البيّنة من الطرف الغربي في عدم التخلي عن الشريك الهام في المنطقة المغاربية وفي إفريقيا لا يمكن إلا أن يصبّ في المصلحة التونسية وهو ما ينبغي الاستفادة منه عبر الحفاظ على علاقات متوازنة تعلي من مصالح البلاد أولا وأخيرا في انسجام مع ثوابت السياسة الخارجية لبلادنا منذ دولة الاستقلال.
هاشم بوعزيز
 

تعليقات الفيسبوك