تونس من أكثر بلدان العالم التي تضم هيئات وطنية لمكافحة الفساد والحوكمة الرشيدة ولمراقبة المال العام لكنها من أكثر الدول التي يستشري فيها الفساد في كل القطاعات رغم أنها تملك أفضل دستور في العالم ،تلك الكذبة التي صدّقها التونسيون قبل ان يكتشفوا حجم المغالطات التي تعرضوا لها طيلة عشر سنوات...
اليوم في تونس لا حديث الا عن الفساد في كل ركن وفي كل مكان وفي كل قطاع ، كل الموانئ التونسية صارت منفذا لعبور السلع الفاسدة وكل المعابر الحدودية تمر منها المخدرات...
في تونس اليوم اكثر من نصف الاقتصاد الوطني هو اقتصاد مواز وغير منظم والتجار فيه لا يدفعون الضرائب ولايعرفون بسلطة الدولة...
لايمكن للدولة وللحكومة القضاء على الفساد ومحاربة الفاسدين قبل ارساء منظومة جبائية عادلة ففي تونس اليوم اكثر من 80 بالمائة من الضرائب يدفعها الاجراء والعمال والموظفون البسطاء في حين يتهرب من الدفع اصحاب المليارات ولوبيات التجارة والسلع الفاسدة...
محاربة الفساد لايحتاج الى هيئات ولا الى لجان بل يحتاج الى ارادة حقيقية لضرب الفاسدين ويحتاج الى اجراءات شجاعة وقرارات وطنية...
استشرى الفساد لأن الدولة ضعفت وهيبتها ضاعت ولان القضاء في تونس بطيء ويحتاج هو ايضا الى اصلاحات عميقة وكبيرة وجدية...
كل القطاعات في تونس نخرها الفساد في العشر سنوات الاخيرة والافلات من العقاب هو القاعدة في تونس قوانين ومنظومات تشريعية قديمة وبالية تحتاج الى مراجعات في الوقت الذي يقتصر فيه دور البرلمان وهو السلطة التشريعية في البلاد على الخلافات والصراعات والصياح ثم العنف...
البرلمان مقصر والحكومة مقصرة ، اليوم نحتاج الى مبادرات والى تغيير للقوانين لايمكن ان تتقدم الدولة والفساد ينتشر في كل مكان، لايمكن ان ننقذ الاقتصاد ولوبيات الفساد ترتع في كل مكان...
كل المستثمرين الاجانب هربوا وفروا من تونس بسبب لوبيات الفساد والتعطيلات الادارية وفساد السياسيين الذين يتدخلون في كل شيء ويبحثون عن نصيبهم من كل صفقة تتم...
للاسف تحول المواطن الى ضحية دائمة للفساد والفاسدين وللاسف ظلت الهيئات المحاربة للفساد مقتصر دورها على نشر التقارير وتقديم ارقام العرائض التي تصلها والتي كان من الواجب ان توجه مباشرة الى القضاء العادل والمستقل...
نخشى ان نحتاج الى سنوات طويلة حتى نقضي على الفساد حينها يكون ما تبقى من الدولة قد انتهى...
سفيان الاسود