مع الشروق .. الصلاة في مكّة و التقدّم من الصّين
تاريخ النشر : 07:00 - 2023/03/19
القرارات التي تتوالى بشأن تونس من طرف المؤسسات المالية الدولية والبرلمان الأوروبي والبيت الأبيض، تثبت أن الغرب بشقّيه الأوروبي والأمريكي مازال رغم كل التحولات العالمية العاصفة يمارس سياسة العصا والجزرة مع الشعوب التي ترغب في التحرر من مخلفات الاستعمار والتي تريد أن تبني تجربتها الحضاريّة الخاصّة بكل استقلالية من جهة وبشراكة متوازنة مع كل القوى الدولية من جهة أخرى.
ولعلّ تونس هي واحدة من هذه الدول التي تتعرض لضغوط قويّة ولتدخل خارجي سافر من أجل تركيعها وإذلال شعبها عبر الآليات التمويلية الغربية مثل البنك الدولي الذي قرر تعليق برامجه مع تونس وصندوق النقد الذي يعطل منح قرض هزيل لتونس، ناهيك عن المؤسسات السياسية مثل البرلمان الأوروبي و الخارجية الأمريكية اللذين يتدخلان بشكل سافر في شأن داخلي تونسي. وهذه السياسة معتادة من هذه الأطراف الغربية التي كانت على الأقل في شقها الأوربي مسؤولة عن استعمار تونس و كامل القارة الإفريقية وكانت مسؤولة أيضا عن نهب ثرواتها و تدمير مجتمعاتها مثلما يتحدث عن ذلك باتريك سافيدان في كتابه "أوروبا والتخلف في إفريقيا".
هذا الغرب المستكبر هو الذي ينظر إلى بقية الشعوب كونها "غابة من الوحوش" تحيط "بالحديقة الغربية" حسب حديث جوزيف بوريل الممثل السامي للخارجية الأوروبية، وهذا الغرب المتعالي هو الذي نظر لصدام الحضارات و نهاية تاريخ الشعوب و هيمنة "عولمة رأسمالية متوحشة" وهو ذاته الذي شنق زعماء دول واحتل عواصم ضاربة في عمق التاريخ و نهب تراثها الذي لا يقدر بثمن وهو ذات الذي زرع كيانا صهيونيا مدمّرا ومخرّبا لكامل المنطقة، ويسكت عن جرائمه الفظيعة ضد الإنسانية في فلسطين. وهذا الغرب يهتز "فزعا" خوفا على الديمقراطية وحقوق الإنسان في دول مازالت تعاني من الفقر والجوع وتنهبها شركات متعددة الجنسية لا تولي بالا للإنسان الذي تستعبده.
إنّ الحرية ثمنها باهظ و التونسيون لن يموتوا جوعا إذا ما توقفت مساعدات الغرب وقروضهم، فهذه الأرض قادرة على العطاء وعلى تلبية حاجيات أبنائها إذا ما تمكّن صناع القرار فيها من رسم سياسات تنموية عادلة و مستدامة وإذا ما تم تنويع الشراكات السياسية مع قوى إقليمية و دولية صاعدة. و ليس أمامنا الآن أمام سياسة صدّ الأبواب الغربية غير طرق أبواب الشرق العظيم ودخوله من بوابته الكبرى اي الصين. و ليس علينا أن نخجل من إعلان توجهات سياسية خارجية جديدة مع القوى التي تريد فعلا مساعدة تونس و بناء شراكات اقتصادية معها على قاعدة "الربح للجميع". يقول مهاتير محمد في موسوعته، التي شرّح فيها كيفية بناء تجربة اقتصادية ناجحة "عندما أردنا أن نصلي توجهنا إلى مكّة وعندما أردنا أن نتقدم توجها إلى اليابان" ، وهذا خير كلام لكل الذين يشككون في قدرة الشرق العظيم على مساعدة تونس.
كمال بالهادي
القرارات التي تتوالى بشأن تونس من طرف المؤسسات المالية الدولية والبرلمان الأوروبي والبيت الأبيض، تثبت أن الغرب بشقّيه الأوروبي والأمريكي مازال رغم كل التحولات العالمية العاصفة يمارس سياسة العصا والجزرة مع الشعوب التي ترغب في التحرر من مخلفات الاستعمار والتي تريد أن تبني تجربتها الحضاريّة الخاصّة بكل استقلالية من جهة وبشراكة متوازنة مع كل القوى الدولية من جهة أخرى.
ولعلّ تونس هي واحدة من هذه الدول التي تتعرض لضغوط قويّة ولتدخل خارجي سافر من أجل تركيعها وإذلال شعبها عبر الآليات التمويلية الغربية مثل البنك الدولي الذي قرر تعليق برامجه مع تونس وصندوق النقد الذي يعطل منح قرض هزيل لتونس، ناهيك عن المؤسسات السياسية مثل البرلمان الأوروبي و الخارجية الأمريكية اللذين يتدخلان بشكل سافر في شأن داخلي تونسي. وهذه السياسة معتادة من هذه الأطراف الغربية التي كانت على الأقل في شقها الأوربي مسؤولة عن استعمار تونس و كامل القارة الإفريقية وكانت مسؤولة أيضا عن نهب ثرواتها و تدمير مجتمعاتها مثلما يتحدث عن ذلك باتريك سافيدان في كتابه "أوروبا والتخلف في إفريقيا".
هذا الغرب المستكبر هو الذي ينظر إلى بقية الشعوب كونها "غابة من الوحوش" تحيط "بالحديقة الغربية" حسب حديث جوزيف بوريل الممثل السامي للخارجية الأوروبية، وهذا الغرب المتعالي هو الذي نظر لصدام الحضارات و نهاية تاريخ الشعوب و هيمنة "عولمة رأسمالية متوحشة" وهو ذاته الذي شنق زعماء دول واحتل عواصم ضاربة في عمق التاريخ و نهب تراثها الذي لا يقدر بثمن وهو ذات الذي زرع كيانا صهيونيا مدمّرا ومخرّبا لكامل المنطقة، ويسكت عن جرائمه الفظيعة ضد الإنسانية في فلسطين. وهذا الغرب يهتز "فزعا" خوفا على الديمقراطية وحقوق الإنسان في دول مازالت تعاني من الفقر والجوع وتنهبها شركات متعددة الجنسية لا تولي بالا للإنسان الذي تستعبده.
إنّ الحرية ثمنها باهظ و التونسيون لن يموتوا جوعا إذا ما توقفت مساعدات الغرب وقروضهم، فهذه الأرض قادرة على العطاء وعلى تلبية حاجيات أبنائها إذا ما تمكّن صناع القرار فيها من رسم سياسات تنموية عادلة و مستدامة وإذا ما تم تنويع الشراكات السياسية مع قوى إقليمية و دولية صاعدة. و ليس أمامنا الآن أمام سياسة صدّ الأبواب الغربية غير طرق أبواب الشرق العظيم ودخوله من بوابته الكبرى اي الصين. و ليس علينا أن نخجل من إعلان توجهات سياسية خارجية جديدة مع القوى التي تريد فعلا مساعدة تونس و بناء شراكات اقتصادية معها على قاعدة "الربح للجميع". يقول مهاتير محمد في موسوعته، التي شرّح فيها كيفية بناء تجربة اقتصادية ناجحة "عندما أردنا أن نصلي توجهنا إلى مكّة وعندما أردنا أن نتقدم توجها إلى اليابان" ، وهذا خير كلام لكل الذين يشككون في قدرة الشرق العظيم على مساعدة تونس.
كمال بالهادي
