مع الشروق.. الدينار الجزائري... والدينار التونسي

مع الشروق.. الدينار الجزائري... والدينار التونسي

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/09/23

 قفزة تاريخية سجلها سعر صرف الدينار الجزائري في اليومين الأخيرين مقابل الدولار الأمريكي واليورو.. ورغم أن هذه القفزة مفهومة بالنظر إلى تطور عائدات الصادرات البترولية الجزائرية بالعملة الصعبة، بعد ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية، إلا أن عوامل أخرى تحدث عنها المختصون والخبراء في الجزائر كانت سببا وراء ذلك،  أبرزها ارتفاع حجم الصادرات غير المحروقات واتباع الحكومة منذ أشهر سياسة صارمة لترشيد الواردات وهو ما أدى إلى تحقيق توازن وتحسن ملحوظ في ميزان المدفوعات وسط توقعات بأن يقفز احتياطي العملة الأجنبية في الجزائر من 40 إلى 100 مليار دولار موفى العام الجاري.
تطور في سعر صرف الدينار الجزائري يدفع إلى التساؤل عن أسباب عجز الدولة في تونس عن منع تواصل انهيار سعر صرف الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية خاصة الدولار واليورو بكيفية تثير المخاوف. فقد أدى هذا الانهيار إلى ارتفاع تكاليف المواد والسلع المستوردة او المنتجة محليا وهو ما أصبح يُكبّد المواطن والمؤسسات الاقتصادية أعباء إضافية.. كما أدى أيضا إلى الترفيع في تكاليف وأعباء سفر التونسيين إلى الخارج سواء للدراسة او العلاج أو السياحة. وأكثر من ذلك أصبحت الدولة تجد صعوبات أحيانا لتأمين خلاص واردات المواد الأساسية كالحبوب والنفط بسبب تآكل مخزون العملة الصعبة إلى جانب ارتفاع تكاليف خلاص الديون الأجنبية..
صحيح أن تونس غير قادرة على تحقيق الرقم الجزائري بالنظر إلى محدودية إنتاج وتصدير المحروقات، لكن الجزائر لم تتمكن من تحقيق هذا الرقم بفضل صادرات المحروقات فحسب، بل أيضا بفضل الترفيع في صادراتها الأخرى بالتوازي مع اتباع سياسة صارمة في مجال ترشيد الواردات الأجنبية وهو ما أدى إلى المحافظة على احتياطي العملة الصعبة. وهو ما عجزت تونس عن تحقيقه في السنوات الماضية وخاصة في الأشهر الأخيرة، نظرا لضعف الصادرات وعدم اتباع سياسة واضحة ومتشددة في مجال ترشيد الواردات، إلى جانب عدم اتباع سياسة واضحة وناجعة في القطاعات القادرة على توفير العملة الأجنبية على غرار السياحة والفسفاط والصادرات الفلاحية..
فالدولة فشلت خلال السنوات الماضية – وإلى حدّ الآن-  في تطوير قطاع التصدير بالشكل المطلوب رغم ما يتوفر من قدرات وإمكانات خاصة بالنسبة لصادرات المواد الفلاحية وكل ذلك بسبب عدم اعتنائها كما ينبغي بالقطاع الفلاحي، وفي المقابل فشلت أيضا في فرض سياسة ترشيد الواردات وهو ما فاقم عجز الميزان التجاري.. والدولة عجزت عن حماية قطاع الفسفاط بالشكل المطلوب، وهو الذي كان قبل 2011 يوفر عائدات كبرى من العملة الصعبة.. وفشلت أيضا ولا تزال في تطوير السياحة وخاصة تطوير المنتوج السياحي وتنويعه رغم ما يتوفر فيه من مؤهلات قادرة على توفير مداخيل هامة من العملة الصعبة.. كما لم تنجح أيضا في التوجه نحو الطاقات البديلة للتخفيف من فاتورة توريد المحروقات التي تستنزف العملة الصعبة.
وكل ذلك جعل الميزان التجاري في تونس مصابا بـ"العجز الدائم" وجعل احتياطي العملة الأجنبية يُراوح مكانه طيلة الأشهر الماضية بين مستويات ضعيفة واستقر في اليومين الأخيرين في مستوى 112 يوم توريد فقط ( 23760 مليون دينار).  وكان من الطبيعي أن ينعكس كل ذلك على سعر صرف الدينار مقابل العملات الأجنبية، وأن ترتفع بالتوازي مع ذلك حدة المخاوف والهواجس لدى التونسيين من تواصل غلاء الأسعار ومن إمكانية عدم قدرة الدولة على استيراد المواد الأساسية وعلى خلاص ديونها... فهل تنتبه الدولة ومن ورائها الحكومة والبنك المركزي لهذا الخطر الداهم والمتواصل وتعمل على التعجيل بتدارك ما فات قبل أن يتفاقم وضع الدينار واحتياطي العملة الاجنبية نحو الأسوأ؟..
فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك