مع الشروق.. الدولة .. والحلول السهلة

مع الشروق.. الدولة .. والحلول السهلة

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/11/25

انضافت الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات إلى جملة الأعباء المعيشية الإضافية التي أصبح يتكبدها المواطن التونسي في مواجهة الأسعار المتصاعدة بشكل يومي.. زيادة تبدو في ظاهرها لا تعني إلا مستعملي السيارات والشاحنات في حين أن ارتداداتها ستشمل في الفترة القادمة مختلف شرائح المجتمع بالنظر إلى تداعياتها المنتظرة على أسعار مختلف السلع والخدمات، خاصة في فترة تشهد انفلاتا غير مسبوق للأسعار، خرج عن سيطرة الدولة وعجز المواطن عن مجابهته بمفرده.
وتؤكد هذه الزيادة – وهي الخامسة منذ مطلع العام الجاري- ان الدولة أصبحت فاقدة للحلول المالية، وتواصل اللجوء إلى الحلول السهلة التي لا تتطلب جهودا كبيرة من المسؤولين ، بما أن الأمر لا يتطلب سوى التوقيع في كل مرة على قرار للزيادة في سعر إحدى المواد أو في معلوم أو في ضريبة!. وأكثر من ذلك فإن هذه الزيادات ليست سوى تطبيق لبرنامج إصلاحي يفرضه صندوق النقد الدولي من اجل منح تونس قرضا على 4 أقساط سنوية، وهو ما يعني أنها ستتواصل دون انقطاع بالتوازي مع صرف أقساط القرض.
وقد أثبتت الدولة من خلال هذه الزيادة والزيادات السابقة في أسعار المحروقات وفي معاليم الكهرباء والماء او في مختلف الضرائب والأداءات أنها عاجزة عن استنباط حلول بديلة ومتاحة بإمكانها أن توفر عائدات إضافية لميزانية الدولة، لو أحكمت استغلالها ولو تحلى المسؤولون بأقصى ما يمكن من روح الاجتهاد والمسؤولية والجرأة لاتخاذ إجراءات قوية وشجاعة تقطع مع سياسة الأيادي المرتعشة ومع سياسة الارتباك والتردد والهشاشة في اتخاذ القرارات.
فالعائدات التي توفرها الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات لخزينة الدولة يمكن أن تتوفر وأكثر عبر إرادة حقيقية لاستهداف المتهربين من أداء الضرائب التي تتناسب مع مداخيلهم.. ويمكن توفيرها أيضا عبر استراتيجيا صارمة لإيقاف نزيف الفساد والاستيلاء على المال العام، وعبر خطة جريئة وشجاعة لوقف استنزاف بعض المؤسسات العمومية للمال العام وعبر وقف «مهزلة» تعطيل انتاج ثروة الفسفاط وكذلك عبر استراتيجيا جدّية بلا ارتباك ولا تردد لتوجيه الدعم نحو مستحقيه..
وبإمكان الدولة أن تجد حلولا للانقاذ المالي والاقتصادي لو وضعت استراتيجيا عاجلة وناجعة لتكثيف انتاج الطاقات البديلة بدل مواصلة التعويل على الواردات التي أصبحت تتسبب في عجز طاقي في حدود 7922.2- م د (37,2% من العجز التجاري الجملي). وبامكانها أيضا التعجيل بإصلاح القطاع الفلاحي واستغلال الإمكانات المتاحة في هذا المجال ( خاصة الأراضي الدولية) للتقليص من واردات الغذاء التي أصبحت بدورها تتسبب في عجز للميزان التجاري الغذائي يناهز 2799.7 - م د.
تعتقد الدولة أن الترفيع في أسعار المحروقات لا يستهدف إلا فئة أصحاب السيارات التي تعتبرها قادرة على تحمل الأعباء الإضافية بما ان أغلبها ينتمي إلى الطبقة الوسطى، في حين ان الحقيقة عكس ذلك بما أن تداعيات هذه الزيادة ستشمل جميع الفئات الاجتماعية. فمنتجو السلع المختلفة ومقدمو الخدمات سيلجؤون حتما إلى الترفيع في الأسعار بتعلة ارتفاع تكاليف الإنتاج والخدمات، وهو ما سيؤثر على المقدرة الشرائية لكل شرائح المجتمع دون استثناء وسيزيد من حدة الاحتقان والتململ الاجتماعي في الفترة القادمة وما على المسؤولين إلا الانتباه لهذا المعطى الخطير وإلى التطورات المحتملة التي قد تنجر عنه في قادم الأيام..
فاضل الطياشي
 

تعليقات الفيسبوك