مع الشروق : التعليم .. أمن قومي.. وخط أحمر
تاريخ النشر : 07:00 - 2025/10/10
غريب ما تعيشه مدارسنا ومعاهدنا من تقلبات ومظاهر واحداث لا يمكن تفسيرها إلا بوجود رغبة في ترذيل المرفق العمومي للتعليم وضرب المؤسسة التربوية وتشويه صورتها وهيبتها التي اكتسبتها على مر السنين وإضعاف التحصيل الدراسي والعلمي للتلميذ.. فقطاع التعليم راهنت عليه تونس منذ الاستقلال وظل إلى حدود السنوات الأخيرة مصدر فخر واعتزاز لبلادنا الا انه يجد نفسه اليوم في مواجهة حالة من الارباك ومحاولات الترذيل والتشويه..
ورغم انه لم يمض سوى اقل من شهر عن بداية العام الدراسي الا ان ما شهدته هذه الفترة من تقلبات عديدة يوحي بأن الوضع بات مقلقا.. فقد أصبحت تسود مخاوف من أن تنفلت الأمور نهائيا من ايدي الدولة ومن ان يصبح قطاع التربية والتعليم شأنا مستباحا لكل من هب ودب قصد ارباكه وتهميشه بعد أن ظل منذ الاستقلال وعلى امتداد عشرات السنين محصنا ومحميا باعتباره رمزا للدولة التونسية بشهادة دول العالم..
احداث تبدو مفتعلة لارباك السير العادي للدروس بل وتفوح منها رائحة «التسييس» .. وحوادث عنف داخل وفي محيط المؤسسات التربوية تؤكد وجود انفلات غير عادي في صفوف التلاميذ.. وحديث عن انتشار ظاهرة المخدرات في محيط المدارس والمعاهد، واضرابات عشوائية بين الحين والآخر تزيد من حالة الارباك والتعطيل والفوضى والاحتقان والقلق لدى التلاميذ والأولياء والعائلات.. ونقائص بالجملة في عديد المؤسسات التربوية من حيث البنية التحتية وغياب التجهيزات ونقص الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة والاكتظاظ ونقص إطارات التدريس.. ينضاف لذلك تواصل غياب الإصلاحات المنتظرة خاصة بالنسبة لتطوير مضامين الدروس وتطوير شكلها وإصلاح الزمن المدرسي وتوفير النقل المدرسي والأكلة المدرسية في بعض المناطق ..
وما أصبح يزيد من حالة الغضب والاحتقان لدى التلاميذ وعائلاتهم هو تكرر ظاهرة الغيابات العشوائية لعديد المدرسين في مختلف المراحل رغم أن الأمر يتعلق بالشهر الأول من العام الدراسي.. فبعد راحة العطلة الصيفية لأكثر من 3 اشهر، كان من المفروض ان يهبّ جميع المدرسين خلال هذه الفترة الاولى من السنة الدراسية بكل جدية ومسؤولية لمباشرة مهامهم وان ينضبطوا لجدول الأوقات وأن لا يتركوا التلاميذ في التسلل في كل مرة بسبب تكرر الغيابات التي تكون احيانا غير مبررة واصبحت تتسبب في نفور التلاميذ من الدراسة..
على الدولة ومن ورائها وزارة التربية التحلى بأكثر شجاعة وقوة وإرادة للتعاطي مع الشأن التربوي بوصفه من مقومات الامن القومي وان تتدخل فيه بكل حزم لوضع حد لكل مظاهر الفوضى والارباك والتهميش والتعطيل التي طالته وان تضع حوله خطا احمر لا يُسمح بتجاوزه.. وعليها ان تتحلى بالصرامة ايضا في تطبيق القانون وتشديد العقاب تجاه كل من يعمد الى محاولة الاضرار بهذا المرفق الحيوي او ترذيله او تهميشه او تعطيل سيره العادي سواء من خارج المنظومة التربوية ممن يستغلون ذلك لخدمة مصالحهم واجنداتهم او من داخلها ممن لا يتحلون بروح المسؤولية .
اليوم لم يعد مقبولا تعطيل الدروس باي شكل من الأشكال.. ولم يعد مقبولا أيضا اطناب بعض المدرسين في الغيابات واطناب بعض التلاميذ في بث مظاهر الفوضى داخل المؤسسات التربوية او في محيطها.. ومن غير المعقول ان يتواصل تعطل الإصلاح التربوي المنشود منذ سنوات ( بمختلف مكوناته) والذي أصبح التعجيل به أكثر من ضروري لإنهاء حالة الشكوك حول مدى قدرة مرفق التعليم على الصمود في قادم السنوات خاصة في ظل تنامي ظاهرة الإنقطاع المدرسي..
ان مرفق التعليم العمومي الذي راهنت عليه دولة الاستقلال منذ سنواتها الأولى وتمكنت على مر عشرات السنين من تحويله إلى «ماكينة « لإنتاج اهم ثروة على الارض – وهي الثروة البشرية- لا يمكن أن يكون مصيره الاهمال واللامبالاة .. فالثروة البشرية في تونس مازالت إلى اليوم تدير لها الاعناق من عديد الدول الاخرى وتونس تحقق اليوم فائدة اقتصادية واجتماعية هامة من تعليم ابنائها ومن كفاءاتهم العالية.. ولا يكون الحفاظ على هذه الثروة الا بحماية وتطوير قطاع التعليم من كل اشكال العبث والفوضى ..
فاضل الطياشي
غريب ما تعيشه مدارسنا ومعاهدنا من تقلبات ومظاهر واحداث لا يمكن تفسيرها إلا بوجود رغبة في ترذيل المرفق العمومي للتعليم وضرب المؤسسة التربوية وتشويه صورتها وهيبتها التي اكتسبتها على مر السنين وإضعاف التحصيل الدراسي والعلمي للتلميذ.. فقطاع التعليم راهنت عليه تونس منذ الاستقلال وظل إلى حدود السنوات الأخيرة مصدر فخر واعتزاز لبلادنا الا انه يجد نفسه اليوم في مواجهة حالة من الارباك ومحاولات الترذيل والتشويه..
ورغم انه لم يمض سوى اقل من شهر عن بداية العام الدراسي الا ان ما شهدته هذه الفترة من تقلبات عديدة يوحي بأن الوضع بات مقلقا.. فقد أصبحت تسود مخاوف من أن تنفلت الأمور نهائيا من ايدي الدولة ومن ان يصبح قطاع التربية والتعليم شأنا مستباحا لكل من هب ودب قصد ارباكه وتهميشه بعد أن ظل منذ الاستقلال وعلى امتداد عشرات السنين محصنا ومحميا باعتباره رمزا للدولة التونسية بشهادة دول العالم..
احداث تبدو مفتعلة لارباك السير العادي للدروس بل وتفوح منها رائحة «التسييس» .. وحوادث عنف داخل وفي محيط المؤسسات التربوية تؤكد وجود انفلات غير عادي في صفوف التلاميذ.. وحديث عن انتشار ظاهرة المخدرات في محيط المدارس والمعاهد، واضرابات عشوائية بين الحين والآخر تزيد من حالة الارباك والتعطيل والفوضى والاحتقان والقلق لدى التلاميذ والأولياء والعائلات.. ونقائص بالجملة في عديد المؤسسات التربوية من حيث البنية التحتية وغياب التجهيزات ونقص الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة والاكتظاظ ونقص إطارات التدريس.. ينضاف لذلك تواصل غياب الإصلاحات المنتظرة خاصة بالنسبة لتطوير مضامين الدروس وتطوير شكلها وإصلاح الزمن المدرسي وتوفير النقل المدرسي والأكلة المدرسية في بعض المناطق ..
وما أصبح يزيد من حالة الغضب والاحتقان لدى التلاميذ وعائلاتهم هو تكرر ظاهرة الغيابات العشوائية لعديد المدرسين في مختلف المراحل رغم أن الأمر يتعلق بالشهر الأول من العام الدراسي.. فبعد راحة العطلة الصيفية لأكثر من 3 اشهر، كان من المفروض ان يهبّ جميع المدرسين خلال هذه الفترة الاولى من السنة الدراسية بكل جدية ومسؤولية لمباشرة مهامهم وان ينضبطوا لجدول الأوقات وأن لا يتركوا التلاميذ في التسلل في كل مرة بسبب تكرر الغيابات التي تكون احيانا غير مبررة واصبحت تتسبب في نفور التلاميذ من الدراسة..
على الدولة ومن ورائها وزارة التربية التحلى بأكثر شجاعة وقوة وإرادة للتعاطي مع الشأن التربوي بوصفه من مقومات الامن القومي وان تتدخل فيه بكل حزم لوضع حد لكل مظاهر الفوضى والارباك والتهميش والتعطيل التي طالته وان تضع حوله خطا احمر لا يُسمح بتجاوزه.. وعليها ان تتحلى بالصرامة ايضا في تطبيق القانون وتشديد العقاب تجاه كل من يعمد الى محاولة الاضرار بهذا المرفق الحيوي او ترذيله او تهميشه او تعطيل سيره العادي سواء من خارج المنظومة التربوية ممن يستغلون ذلك لخدمة مصالحهم واجنداتهم او من داخلها ممن لا يتحلون بروح المسؤولية .
اليوم لم يعد مقبولا تعطيل الدروس باي شكل من الأشكال.. ولم يعد مقبولا أيضا اطناب بعض المدرسين في الغيابات واطناب بعض التلاميذ في بث مظاهر الفوضى داخل المؤسسات التربوية او في محيطها.. ومن غير المعقول ان يتواصل تعطل الإصلاح التربوي المنشود منذ سنوات ( بمختلف مكوناته) والذي أصبح التعجيل به أكثر من ضروري لإنهاء حالة الشكوك حول مدى قدرة مرفق التعليم على الصمود في قادم السنوات خاصة في ظل تنامي ظاهرة الإنقطاع المدرسي..
ان مرفق التعليم العمومي الذي راهنت عليه دولة الاستقلال منذ سنواتها الأولى وتمكنت على مر عشرات السنين من تحويله إلى «ماكينة « لإنتاج اهم ثروة على الارض – وهي الثروة البشرية- لا يمكن أن يكون مصيره الاهمال واللامبالاة .. فالثروة البشرية في تونس مازالت إلى اليوم تدير لها الاعناق من عديد الدول الاخرى وتونس تحقق اليوم فائدة اقتصادية واجتماعية هامة من تعليم ابنائها ومن كفاءاتهم العالية.. ولا يكون الحفاظ على هذه الثروة الا بحماية وتطوير قطاع التعليم من كل اشكال العبث والفوضى ..
فاضل الطياشي
