مع الشروق : الانتقال الطاقي يحتاج سرعة التنفيذ وليس الدراسات واللجان
تاريخ النشر : 07:00 - 2025/07/11
رغم مرور أغلب دول العالم بسرعة قصوى نحو تحقيق الانتقال الطاقي واعتماد الطاقات البديلة بشكل مكثف، إلا أن بلادنا مازالت الى اليوم في طور "النظر" و"الدراسات" وإحداث "اللجان" وعقد "الاجتماعات" وتقييم الاوضاع واعداد التصورات واستشراف الآليات حول هذا الملف.. ففي الوقت الذي تحتاج فيه البلاد الى التسريع بإنجاز انتقال طاقي حقيقي والمرور باسرع وقت لتنفيذه على أرض الواقع ، ظلت الحكومات المتعاقبة تضيع من سنة الى الاخرى الوقت دون المرور نهائيا الى انتقال طاقي حقيقي على أرض الواقع.
تمرّ تونس بوضع طاقي مقلق نتيجة الاعتماد بشكل كبير على توريد المحروقات والكهرباء، باعتبار ان الاستعمالات في مختلف المجالات والقطاعات مازالت تعتمد بالأساس على الطاقات التقليدية ( الوقود للسيارات والغاز لإنتاج الكهرباء). ففاتورة توريد الطاقة ما انفكت ترتفع من سنة إلى أخرى، وعجز الميزان التجاري الطاقي ينتفخ من ثلاثية إلى اخرى والمواطن والفاعل الاقتصادي يعانيان الأمرين نتيجة ارتفاع تكلفة الطاقة.
وتتمتع بلادنا بثروات طبيعية هامة تؤهلها لأن تكون في طليعة الدول المنتجة للطاقات البديلة وفي مقدمتها ثروة الشمس والرياح، فضلا عن إمكانية انتاج الطاقات البديلة من مصادر أخرى متوفرة، غير ان المشاريع في هذا المجال مازالت ضعيفة ودون المأمول. كما كانت تونس من الدول السباقة في الاعتماد على تجربة اللاقطات الشمسية لتسخين الماء منذ أواخر القرن الماضي، لكن التجربة لم تنجح بالشكل المطلوب ولم يقبل عليها أغلب المواطنين لعدة أسباب ذات علاقة بغلاء التكاليف والتعقيدات الإدارية..
يمكن لطاقة الشمس والرياح المتوفرة على مدار العام في بلادنا أن توفر احتياجات البلاد وأكثر من الطاقة الكهربائية الضرورية للاستعمال المنزلي والصناعي والتجاري والخدماتي. غير ان المشرفين على القطاع ظلوا على امتداد عشرات السنين يماطلون ويتلكؤون في المرور بسرعة – كما بقية الدول- لإنتاج الطاقات البديلة من ثروة الشمس والرياح، مُفضلين اللجوء الى توريد الغاز (لإنتاج الكهرباء) أو توريد الكهرباء مباشرة بتكاليف مرتفعة بالعملة الصعبة.
ورغم ان الانتقال الطاقي يعتبر من الملفات العاجلة التي تهم الأمن القومي ومن المفروض ان تُسخر لها كل الجهود لتنفيذها في اسرع وقت ممكن، إلا أن انه وقع الاختيار مؤخرا على إحداث "لجنة أفقية للأمن الطاقي" تتولى "تنسيق أعمال التفكير والتحليل وصياغة التوصيات المتعلقة بضمان أمن الطاقة على المدى المتوسط والبعيد" حسب ما ذكرته وزارة الصناعة والمناجم والطاقة. وهو ما يعني مواصلة المماطلة والتمطيط في معالجة هذا الملف عبر احداث الهياكل وإصدار النصوص القانونية بدل التسريع فيه على ارض الواقع.
توجد في تونس وزارة كاملة تعنى بملف الطاقة ( وزارة الصناعة والطاقة والمناجم) وكتابة دولة مكلفة الانتقال الطاقي ووكالة وطنية للتحكم في الطاقة ومرصد وطني للطاقة والمناجم إضافة الى المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية ومعهد الدراسات الاستراتيجية وغيرها من الهياكل الاخرى. وقد كان بالامكان حسم ملف الانتقال الطاقي منذ سنوات بالاعتماد على خبرة وكفاءات الهياكل المذكورة. غير أنه وقع إحداث لجنة جديدة وتمت الدعوة خلال اجتماعها الأول الى "تكثيف العمل المشترك بين جميع الهياكل المعنية بما يمكّن من إعداد تصورات متكاملة تعكس الالتزام بالانتقال إلى نموذج طاقي جديد يعتمد بالأساس على تنويع مصادر الطاقة".
ورغم ان رئيس الدولة قيس سعيد دعا أكثر من مرة الى الحد من كثرة إحداث "اللجان" و"الهيئات" و"الهياكل" واعتبرها مصدر تعطيل للاصلاحات، وشدد على ضرورة المرور مباشرة الى الفعل والتنفيذ بالإمكانات والقدرات المتوفرة – وهي كافية للغرض – إلا أنه يقع في كل مرة احداث لجنة أو هيئة جديدة مكلفة بأحد الملفات.. وهو ما يجب الحد منه مستقبلا باعتبار ان تحقيق الإصلاحات المنتظرة يتطلب التعجيل بالتنفيذ على أرض الواقع والمرور الى الفعل بدل كثرة الهياكل والدراسات و الاجتماعات..
فاضل الطياشي
رغم مرور أغلب دول العالم بسرعة قصوى نحو تحقيق الانتقال الطاقي واعتماد الطاقات البديلة بشكل مكثف، إلا أن بلادنا مازالت الى اليوم في طور "النظر" و"الدراسات" وإحداث "اللجان" وعقد "الاجتماعات" وتقييم الاوضاع واعداد التصورات واستشراف الآليات حول هذا الملف.. ففي الوقت الذي تحتاج فيه البلاد الى التسريع بإنجاز انتقال طاقي حقيقي والمرور باسرع وقت لتنفيذه على أرض الواقع ، ظلت الحكومات المتعاقبة تضيع من سنة الى الاخرى الوقت دون المرور نهائيا الى انتقال طاقي حقيقي على أرض الواقع.
تمرّ تونس بوضع طاقي مقلق نتيجة الاعتماد بشكل كبير على توريد المحروقات والكهرباء، باعتبار ان الاستعمالات في مختلف المجالات والقطاعات مازالت تعتمد بالأساس على الطاقات التقليدية ( الوقود للسيارات والغاز لإنتاج الكهرباء). ففاتورة توريد الطاقة ما انفكت ترتفع من سنة إلى أخرى، وعجز الميزان التجاري الطاقي ينتفخ من ثلاثية إلى اخرى والمواطن والفاعل الاقتصادي يعانيان الأمرين نتيجة ارتفاع تكلفة الطاقة.
وتتمتع بلادنا بثروات طبيعية هامة تؤهلها لأن تكون في طليعة الدول المنتجة للطاقات البديلة وفي مقدمتها ثروة الشمس والرياح، فضلا عن إمكانية انتاج الطاقات البديلة من مصادر أخرى متوفرة، غير ان المشاريع في هذا المجال مازالت ضعيفة ودون المأمول. كما كانت تونس من الدول السباقة في الاعتماد على تجربة اللاقطات الشمسية لتسخين الماء منذ أواخر القرن الماضي، لكن التجربة لم تنجح بالشكل المطلوب ولم يقبل عليها أغلب المواطنين لعدة أسباب ذات علاقة بغلاء التكاليف والتعقيدات الإدارية..
يمكن لطاقة الشمس والرياح المتوفرة على مدار العام في بلادنا أن توفر احتياجات البلاد وأكثر من الطاقة الكهربائية الضرورية للاستعمال المنزلي والصناعي والتجاري والخدماتي. غير ان المشرفين على القطاع ظلوا على امتداد عشرات السنين يماطلون ويتلكؤون في المرور بسرعة – كما بقية الدول- لإنتاج الطاقات البديلة من ثروة الشمس والرياح، مُفضلين اللجوء الى توريد الغاز (لإنتاج الكهرباء) أو توريد الكهرباء مباشرة بتكاليف مرتفعة بالعملة الصعبة.
ورغم ان الانتقال الطاقي يعتبر من الملفات العاجلة التي تهم الأمن القومي ومن المفروض ان تُسخر لها كل الجهود لتنفيذها في اسرع وقت ممكن، إلا أن انه وقع الاختيار مؤخرا على إحداث "لجنة أفقية للأمن الطاقي" تتولى "تنسيق أعمال التفكير والتحليل وصياغة التوصيات المتعلقة بضمان أمن الطاقة على المدى المتوسط والبعيد" حسب ما ذكرته وزارة الصناعة والمناجم والطاقة. وهو ما يعني مواصلة المماطلة والتمطيط في معالجة هذا الملف عبر احداث الهياكل وإصدار النصوص القانونية بدل التسريع فيه على ارض الواقع.
توجد في تونس وزارة كاملة تعنى بملف الطاقة ( وزارة الصناعة والطاقة والمناجم) وكتابة دولة مكلفة الانتقال الطاقي ووكالة وطنية للتحكم في الطاقة ومرصد وطني للطاقة والمناجم إضافة الى المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية ومعهد الدراسات الاستراتيجية وغيرها من الهياكل الاخرى. وقد كان بالامكان حسم ملف الانتقال الطاقي منذ سنوات بالاعتماد على خبرة وكفاءات الهياكل المذكورة. غير أنه وقع إحداث لجنة جديدة وتمت الدعوة خلال اجتماعها الأول الى "تكثيف العمل المشترك بين جميع الهياكل المعنية بما يمكّن من إعداد تصورات متكاملة تعكس الالتزام بالانتقال إلى نموذج طاقي جديد يعتمد بالأساس على تنويع مصادر الطاقة".
ورغم ان رئيس الدولة قيس سعيد دعا أكثر من مرة الى الحد من كثرة إحداث "اللجان" و"الهيئات" و"الهياكل" واعتبرها مصدر تعطيل للاصلاحات، وشدد على ضرورة المرور مباشرة الى الفعل والتنفيذ بالإمكانات والقدرات المتوفرة – وهي كافية للغرض – إلا أنه يقع في كل مرة احداث لجنة أو هيئة جديدة مكلفة بأحد الملفات.. وهو ما يجب الحد منه مستقبلا باعتبار ان تحقيق الإصلاحات المنتظرة يتطلب التعجيل بالتنفيذ على أرض الواقع والمرور الى الفعل بدل كثرة الهياكل والدراسات و الاجتماعات..
فاضل الطياشي
