مع الشروق .. إتمام تحقيق الإصلاحات المنتظرة..

مع الشروق .. إتمام تحقيق الإصلاحات المنتظرة..

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/01/03

تتتالى السنوات الواحدة تلو الأخرى. وتتسارع التطورات والتقلبات المختلفة في شتى أرجاء العالم. وتتسابق الدول من أجل تحقيق التطور الاقتصادي والنمو الاجتماعي وسط ظرف عالمي لم يعد يسمح بالتأخر عن ركب التقدم. وفي الأثناء، لا يمكن أن تكون تونس خارج هذا "السباق" نحو التقدم والتطور أو دون الحاجة الى تحقيق المزيد من الإصلاحات المنتظرة حتى لا تبقى خارج سياق عالمي متسارع وشديد المنافسة.
ورغم أن بلادنا نجحت في السنوات الأخيرة في رسم وتنفيذ مسارات إصلاحية هامة، في مقدمتها محاربة الفساد وحماية المال العام وتطوير بعض التشريعات والقطع مع مظاهر سلبية سادت بعد 2011 وأثّرت على السير الطبيعي لدواليب الدولة وللمرفق العام، إلا أن طريق التطوير والإصلاح مازالت طويلة نسبيا. وتتطلب جهودا إضافية تشارك فيها كل الأطراف دون استثناء. ويقع فيها تطبيق التوجّهات الإصلاحية بصرامة.
وقد عبّرت الدولة في السنوات الأخيرة وخاصة خلال العام المنقضي عن نوايا إصلاح عديدة دعا إليها أكثر من مرة رئيس الجمهورية. وتم الشروع في تنفيذ بعضها في انتظار إتمام البعض الآخر. ومع انطلاق العام الجديد، آن الأوان كي تُعجّل كل الأطراف المعنية بالإصلاح، من حكومة ومسؤولين، بتحقيق ما بقي عالقا من إصلاحات دون تردد أو ارتباك أو خوف من اتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب.
ويتطلّب التعجيل بتحقيق الإصلاحات المنتظرة خلال العام الجديد ضرورة وضع حدّ لكل مظاهر التعطيلات التي تواجهها. ففي عديد المناسبات، تكون هناك إرادة سياسية عليا للإصلاح وتكون كل العوامل والإمكانات المالية والبشرية واللوجستية متوفّرة لتحقيقها. ويقع سن النصوص التشريعية الضرورية. غير أن التنفيذ يتعطل أو يتأخر كثيرا، لأسباب مجهولة وغريبة أحيانا، وسط حديث عن وجود تعطيلات متعمّدة لكل نفس إصلاحي.
وقد أثبتت التجربة أن كل توجه نحو الإصلاح عادة ما تقع مجابهته من قبل بعض الأطراف الفاعلة والمؤثرة بالرفض باعتبار أنه سيضع حدّا لما كانوا يحقّقونه من مكاسب ومنافع غير مشروعة. ويكون هذا الرفض مثلا على مستوى البرلمان. فلا يقع تمرير النصوص الإصلاحية. ويمكن أن يكون الرفض داخل الإدارة من خلال تعطيل تنفيذ الإجراءات الإصلاحية أو تعطيل توفير الإمكانات البشرية والمالية واللوجيستية الضرورية للإصلاح..
وقد عانت تونس منذ 2011 من تعطل وتأخر عديد الإصلاحات التي كان بإمكانها، لو تحققت، ان تمكن البلاد من قطع خطوات هامة في مسار التقدم والنمو. لكن ذلك لم يحصل. وقد امتد هذا التأخير والتعطيل على امتداد أكثر من 10 سنوات. وكان لا بد من انتظار السنوات الأخيرة لانطلاق التفكير في إصلاحها واتخاذ الإجراءات والنصوص القانونية اللازمة والشروع في الإصلاح بالنسبة الى  بعض المجالات. ودفعت البلاد جرّاء تلك التعطيلات ثمنا باهظا.
وقد شمل تأخير وتعطيل الإصلاح عديد المجالات الحيوية في البلاد. وهو ما مكّن عديد الدول من أن تسبقنا في تحقيقه، بما في ذلك بعض الدول الشبيهة ببلادنا من حيث الوضعية الاقتصادية والتنموية. فهذه الدول حقّقت في السنوات الأخيرة تقدّما وتطوّرا في مجال البنية التحتية والنقل والطاقات البديلة والتعليم والصحة والرقمنة والبيئة وغيرها، وتقدما اقتصاديا هاما وهو ما لم تعطل تحقيقه في بلادنا خاصة في العشرية التي تلت 2011..
تنتظر بلادنا اليوم "ثورة اصلاحية" يقع التعجيل بتنفيذها او على الاقل تنفيذ جزء كبير منها في 2025 بشكل عاجل. ومن أبرز الملفات المطروحة اليوم الإصلاح التربوي والانتقال نحو الطاقات المتجددة وإصلاح القطاع الصحي ورقمنة الخدمات الإدارية والتعليم والإصلاح الجبائي والضريبي وإحداث منظومة المعرف الوحيد واستصلاح الأراضي الدولية وإصلاح منظومة النقل ومنظومة الدعم ومزيد تطوير قطاع الفسفاط وتطوير البنية التحتية والخدمات المالية وتحقيق الأمن الغذائي والطاقي. وكل هذه الاصلاحات سبق ان شملتها الارادة السياسية وبعضها تم الشروع في تنفيذه لكن لا مجال اليوم لمزيد التعطيل او التأخير.
فاضل الطياشي
 

تعليقات الفيسبوك