مع الشروق : أسطول الصمود يكسر جدار الحصار.. ويفضح إرهاب الصهاينة

مع الشروق : أسطول الصمود يكسر جدار الحصار.. ويفضح إرهاب الصهاينة

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/10/04

إضافة الى جرائم الابادة المتواصلة منذ عامين  ، شهد العالم خلال اليوميين الماضيين واحدة من أبشع صور العربدة الصهيونية في البحر، حين أقدمت قوات الاحتلال على اعتراض أسطول الصمود الإنساني المتجه إلى غزّة واعتقال العشرات من النشطاء المدنيين الذين لم يحملوا سوى مساعدات وأدوية ومواد غذائية. هذه العملية التي جرت في عرض البحر شكلت قرصنة مكتملة الأركان وانتهاكا صارخا للقانون الدولي، وأعادت التذكير بوحشية الاحتلال الذي لا يتردد في ارتكاب جرائمه حتى ضد متطوعين سلميين جاءوا حاملين الأمل لا البنادق والرصاص.
ولم يقتصر الاحتلال على القرصنة والاعتقال، بل ذهب الوزير المتطرف بن غفير حدّ التطاول على هؤلاء الأحرار بوصفهم إرهابيين، في مفارقة تكشف أن شهادته هذه إنما تؤكد حقيقتهم كأبطال يقاومون الظلم ويكسرون الحصار.
ردود الفعل الدولية لم تتأخر، فقد تحوّلت الحادثة إلى فضيحة سياسية وأخلاقية للاحتلال، إذ انفجر غضب عالمي واسع عبّرت عنه المظاهرات من تونس إلى أوروبا وأمريكا اللاتينية، فيما توالت الإدانات الرسمية من حكومات ومنظمات حقوقية دولية. كثيرون وصفوا ما حدث بأنه إرهاب بحري واعتداء إجرامي يرقى إلى جرائم ضدّ الإنسانية. وبدا الكيان الصهيوني أكثر عزلة من أي وقت مضى، بعدما افتُضح أمام الرأي العام العالمي ككيان منبوذ لا يحترم قانونا ولا يلتزم بمواثيق.
ويبدو ان دلالات ما جرى أعمق من مجرد حادثة اعتداء على قافلة إغاثية، فهي تكشف مرة أخرى أن الاحتلال يصر على خنق غزّة بكل الوسائل، وأن الحصار المستمر منذ أكثر من 18 عاما ليس سوى شكل من أشكال العقاب الجماعي المجرّم دوليا. وفي المقابل، يثبت أسطول الصمود أنّ القضية الفلسطينية ما زالت قادرة على تحريك الضمير العالمي، وأن التضامن الإنساني مع غزّة يتجدد كلما حاول الاحتلال طمس الحقيقة.
أمام هذا المشهد، لم يعد كافيا الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة، فقد جرّبت الشعوب العربية والعالم لسنوات طويلة سياسة الاستنكار اللفظي دون أن يتغير الواقع. المطلوب اليوم تحرّكات عملية تبدأ برفع شكاوى عاجلة أمام مجلس الأمن والأمم المتحدة، والمطالبة بتحقيق دولي مستقل تحت إشراف مجلس حقوق الإنسان. كما أن إحالة هذه الجريمة إلى كبرى المحاكم خاصة المحكمة الجنائية الدولية بات ضرورة لا مفر منها لتجريم الاحتلال على أفعاله.
أما عربيا، فإن هذه الحادثة تضع دول التطبيع والمهادنة والخيانة أمام اختبار أخلاقي وسياسي حقيقي، فهل يواصلون الصمت أمام قرصنة بحرية موثقة واعتداء مباشر على نشطاء مدنيين؟ أم يدركون أن أي تهاون مع الاحتلال لن يؤدي إلا إلى مزيد من الجرائم؟ فالمطلوب هو تبني موقف عربي موحّد يفرض عقوبات دبلوماسية وتجارية، ووقف كل أشكال التعاون الأمني والاستخباراتي مع الكيان الذي يهدد أمن المنطقة ويحتقر القانون الدولي.
لقد أثبت أسطول الصمود أن المعركة ليست فقط بين غزّة والاحتلال، بل بين قيم الحرية والإنسانية من جهة، ومنطق القرصنة والإرهاب من جهة أخرى. وما جرى يجب أن يكون نقطة تحوّل جديدة لإحياء القضية الفلسطينية في وجدان العالم، وتكثيف الجهود لكسر الحصار الظالم عن غزّة، حتى لا تتحوّل هذه الجريمة إلى مجرد صفحة أخرى في سجل العار.
 ناجح بن جدو

تعليقات الفيسبوك