مع الشروق.. أزمة «التونيسار»... وانهيار المؤسسات العمومية

مع الشروق.. أزمة «التونيسار»... وانهيار المؤسسات العمومية

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/07/07

لم تمر الاضطرابات التي شهدتها رحلات الخطوط التونسية في المدة الأخيرة دون ان تثير الجدل مجددا حول وضعية المؤسسات العمومية ومدى قدرتها على مزاولة نشاطها والقيام بالدور المنوط بعهدتها والمحافظة على وجودها وعلى توازناتها المالية وعلى مواطن الشغل فيها وتوفير أرباح لفائدة ميزانية الدولة..
ومنذ سنوات ظل ملف المؤسسات العمومية مطروحا على طاولات التفاوض والنقاش سواء على الصعيد الداخلي، بين الحكومة واتحاد الشغل، أو على الصعيد الخارجي في علاقة بمشاورات تونس مع صندوق النقد الدولي لكن دون التوصل إلى حلول جذرية بشأنها. وهو ما فاقم اوضاعها نحو الأسوأ وحولها إلى عبء على ميزانية الدولة بدل ان توفر حلولا مالية،  ودفع ببعضها إلى حافة الانهيار.
ورغم ان الامر يتعلق بمؤسسات عمومية بعضها ذات صبغة سيادية وتعكس صورة تونس في الخارج على غرار الخطوط التونسية والشركة التونسية للملاحة واخرى لها علاقة بالأمن الغذائي وبالأمن الطاقي إلى جانب مؤسسات أخرى يرتبط بها الشأن المعيشي والخدمات العمومية الاساسية في البلاد، الا ان وضعيتها ما انفكت تسوء من سنة إلى أخرى وهو ما أصبح يسيء لصورة البلاد ويهدد الخدمات والمرافق العمومية.
وتحوم الشكوك اليوم لدى الرأي العام في تونس حول حقيقة وجود رغبة وإرادة سياسية من الدولة واستعداد من الأطراف الاجتماعية لإصلاح المؤسسات العمومية التي تمر بصعوبات مالية واجتماعية..فالوضع داخل عدد منها ما انفك يسوء وأصبح بعضها مصدر توتر إجتماعي وأحيانا مصدر فوضى وعنف على غرار ما حصل اول امس بمطار تونس قرطاج بسبب تعطل رحلات الخطوط التونسية.
وفي  كل دول العالم تكون هذه المؤسسات العمومية في مقدمة اهتمام الحكومات ولا يجوز التهاون او التلاعب في إدارتها وتسييرها لكن في تونس أصبح يحصل العكس. فعدم تحقيق هذه المؤسسات ارباحا واستمرار وضعية الإفلاس فيها يدفع إلى التساؤل والاستغراب حول مصير المداخيل التي تحققها وهي هامة وكبيرة  وهل ان هذه المداخل لا تغطي فعلا النفقات وهل ان إدارتها وتسييرها تتم وفق مبادئ الانضباط والشفافية والصرامة ام لا..
وما حصل مؤخرا من اضطرابات وتعطيلات بالنسبة لرحلات الخطوط التونسية وما تسبب فيه ذلك من فوضى وسخط من المسافرين في عديد مطارات العالم يدفع إلى التساؤل باستمرار ان كانت الناقلة الوطنية فعلا مفلسة وغير قادرة على توفير نفقات اصلاح الطائرات ام ان المشكل يكمن في مسائل أخرى.. وهو ما ينطبق أيضا على عديد المؤسسات العمومية الأخرى التي تقول باستمرار ان وضعيتها صعبة على غرار شركة الكهرباء والغاز وشركة توزيع المياه وشركة تكرير النفط "ستير" .
لا خيار اليوم أمام الدولة، إن كانت لها رغبة حقيقية وإرادة غير مشكوك فيها لإيجاد الحلول اللازمة لهذه  المؤسسات العمومية التي تعاني من مشاكل وصعوبات، غير التحلي بالشجاعة والجرأة لاستئصال الداء الذي أصابها مهما كان مصدره .. فمن غير المعقول ان تكون المؤسسات العمومية التونسية هي الوحيدة تقريبا التي لا تحقق ارباحا ولا تحافظ على توا زناتها المالية والاقتصادية مقارنة بنظيراتها في دول أخرى او بمؤسسات القطاع الخاص. فقد آن الأوان لوقف هذا النزيف الذي طالما انهك ميزانية الدولة في السنوات الأخيرة وأصبح مصدر تشويه لصورة تونس في الخارج فضلا عما يتسبب فيه من تهديد للامن القومي ولاستمرارية المرفق العام.
فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك