مع الشروق.. «توجيــــه التوجيــــــه...» !

مع الشروق.. «توجيــــه التوجيــــــه...» !

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/08/10

أيام قليلة وينطلق موسم هجرة "مشاريع الأدمغة " من تونس في اتجاه وجهات علمية خارج حدود الوطن ..بعضهم يروم تحقيق شهادة جامعية أجنبية ، وآخر يبحث عن مستقر جديد له بعد أن ضاقت به البلاد ، وثالث لم يحصل على توجيه أولم يجد توجيها جامعيا يتناغم ومؤهلاته ..ورابع يتوجس خيفة من سوق الشغل ..وخامس وسادس والأسباب عديدة والنتيجة واحدة "أدمغة بكر " تلتحق بالأدمغة المهاجرة ..
بلغة الربح والخسارة ، تونس هي الخاسرة ، فأغلب المهاجرين من طلبتنا الجدد إن لم نقل كلهم لا يعودون إلى أرض الوطن ، لتستفيد منهم بلدان أخرى ، لم تحمل ولم تلد، بل تكتفي بالتبني من خلال فتح الآفاق أمام هذه الأدمغة البكر ..
الأحداث في أوكرانيا كشفت العدد الكبير لطلبتنا الذين يغادرون سنويا تونس في اتجاه دول أخرى لدراسة جامعية لم يحصلوا عليها هنا ، غربة ، نفقات ، وعذابات للإستجابة إلى رغبة علمية  شخصية لم ينلها بسبب توجيه جامعي بات يستوجب المراجعة ..
التوجيه الجامعي في تونس يحتاج إلى مراجعات كثيرة ، يحتاج إلى روح و" ربط بسهم" بين الرغبة والتوجيه ، بين متطلبات سوق العمل والجامعات والكليات والمدارس العليا دون تعقيدات تشل العزائم وتدمرها ، فكم من طالب يجد نفسه على مدارج جامعات لا رغبة له فيها ، وعليه أن يتسمر فيها استجابة لقرار التوجيه الحاكم بأمره في مستقل الأجيال..
من خانه "معدل الباك"  لا حل أمامه إلا إعادة التوجيه بقرار شجاع ، وفي الإعادة لا تكمن دائما الإفادة ، وكم من طلب سحب التسجيل في انتظار توجبه جديد يأفل هو الآخر ويطير من يديه  فيجد نفسه لا هو هنا ولا هناك..
قلت ، قريبا تنطلق رحلة تلاميذ صغار في السن كبار في العقول ، يهاجرون بلدهم لتستفيد منهم بلدان أخرى ، وكل الأرقام تؤكد أن هجرة الأدمغة باتت تسير بنسق تصاعدي يربك الحاضر والمستقبل لما فيها من استنزاف للقدرات الوطنية..
هجرة الأدمغة التي جعلتنا ننال المرتبة الثانية عالميا بعد سوريا ليست جديدة ، لكنها تنامت في السنوات الأخيرة لأسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية وحتى علمية في ظل غياب الإصلاحات الجذرية التي آن الأوان للانطلاق فيها بشكل عملي وعلمي مدروسين .
الإصلاح التربوي ، إصلاح منظومة التوجيه وتطويرها ، الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، كلها مسائل مرتبطة بعضها ببعض في بلد لا ينقصه شيئا للنماء والتطور إلا الشجاعة لفتح كل الملفات وتفكيك وحداتها وإعادة تركيبها بما يتلاءم ومتطلباتنا في البحث العلمي والشغل والتطورات الحاصلة عالميا ..فقط فتح الملفات ولنا من القدرات والكفاءات ما يضمن القرار الصائب الصحيح ..
راشد شعور  

تعليقات الفيسبوك