مع الشروق...قَدرُ تونس ..التوافق..  والحوار 

مع الشروق...قَدرُ تونس ..التوافق..  والحوار 

تاريخ النشر : 07:00 - 2022/08/14

بعد فترة وُصفت بالصعبة والمتقلبة بين الشركاء الفاعلين داخل الدولة، أثرت سلبا على المناخ العام في البلاد وأثارت جملة من الشكوك والهواجس لدى الرأي العام، بدأت المخاوف تتبدد إثر اللقاء الذي جمع أول امس الجمعة رئيسة الحكومة وأمين عام اتحاد الشغل ورئيس منظمة الأعراف وانتهى بتوقيع "عقد اجتماعي" وبالتوافق على إجراء حوار بداية من يوم الاثنين 15 أوت الجاري.. وهي الخطوة التي كان ينتظرها الجميع بالنظر إلى ارتباطها الوثيق بالمسار السياسي الذي تعيش على وقعه البلاد والذي اتضح أن حظوظ نجاحه مرتبطة أساسا بالحوار والتوافق حول الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية المنتظرة.


لقاء جاء في الوقت المناسب بالنسبة لتونس التي تعيش منذ مدة على وقع حالة من الارباك والتقلبات على مختلف الأصعدة، خاصة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وذلك نتيجة ما ساد العلاقة بين الأطراف الفاعلة من تشنج وضبابية. وهو ما أثار لدى التونسيين حالة من المخاوف من مزيد تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية نحو الأسوأ في ظل إمكانية تمسك الحكومة ومنظمة الأعراف بعدم الاستجابة لمطالب المنظمة الشغيلة وما قد يترتب عن ذلك من الدخول في دوامة الاضطرابات الاجتماعية والتعطيلات الاقتصادية.


ومن أبرز المخاوف التي كانت قائمة أيضا تلك المتعلقة بمفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي لتمكينها من تمويل تحتاجه بشكل كبير لتجاوز مرحلة الخطر المالي والاقتصادي الذي تمر به البلاد. فالصندوق اشترط لتقديم التمويل المنتظر حصول توافق وانسجام بين الحكومة والأطراف الاجتماعية حول الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي يشترطها، وهو ما لم يحصل على حدود يوم الجمعة الماضي وتضاعفت معه حدة المخاوف من عدم موافقة الصندوق على هذا القرض. أما اليوم فإنه لا مجال لان يتمسك صندوق النقد بهذا الشرط للممطالة في تمكين تونس من التمويل الذي تحتاجه..


اليوم يمكن القول انه بهذا اللقاء ستتمكن البلاد من تجاوز إحدى أهم العقبات التي كانت تلقي بظلالها على المسار السياسي الذي شرع في تنفيذه رئيس الجمهورية قيس سعيد والذي لا يمكن أن يتقدم دون استقرار اجتماعي وإنقاذ اقتصادي. وهو ما يمكن أن يتحقق بفضل العقد الاجتماعي الموقع والحوار المنتظر اطلاقه، غير أن ذلك يشترط أن تكون الأطراف الثلاثة في مستوى المسؤولية وأن تعمل كل ما في وسعها على إنجاح هذا التمشي من خلال تقديم التنازلات والتحلي بالمرونة وتقاسم الأعباء على الأقل طيلة فترة ظرفية يقع التوافق حولها..


ورغم ما يبرز بين الحين والآخر من "تعنت" ومن رغبة كل طرف في التمسك بموقفه قصد إرغام الطرف الآخر على التنازل، وقد تكون لكل طرف في ذلك أعذاره ومبرراته، إلا أن التجربة كشفت أن ذلك لا يتماشى مع الحالة التونسية. فالتجربة أكدت أن تونس قدرها الحوار والتوافق بين مختلف الأطراف الفاعلة خاصة عندما يتعلق الامر بالأزمات الكبرى التي يتعطل معها كل شيء ويحصل بسببها الانسداد التام. وبالتالي فإنه لا مفر اليوم امام مختلف الأطراف سوى بذل أقصى ما يمكن من جهود لإنجاح هذا المسار لا غير في إطار الثقة المتبادلة والتحلي بروح المسؤولية الوطنية وبالرغبة في إعلاء المصلحة الوطنية العليا. عدا ذلك، لن يتسنى للبلاد الخروج من عنق الزجاجة مهما بذلت الدولة من جهود، فالحوار والتوافق والانسجام والتشاور بين الأطراف الفاعلة والجادة والراغبة في الإصلاح والإنقاذ هو قدر تونس..


فاضل الطياشي

تعليقات الفيسبوك