مع الشروق : هل تتحوّل القوّة الدولية إلى أداة صهيونية ؟

مع الشروق : هل تتحوّل القوّة الدولية إلى أداة صهيونية ؟

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/11/08

تعتبر فكرة نشر "القوة الدولية" في قطاع غزة، التي يتم الحديث عنها في الآونة الاخيرة، خطوة غير محايدة في سياق الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، إذ تكشف عن الأهداف الحقيقية للأطراف الدولية التي تقف وراء هذه المبادرة الملغمة والتي قد تفجر ما تبقى من القضية الفلسطينية.
ورغم ما يروج له البعض حول أنها تهدف إلى إحلال الاستقرار وحماية المدنيين، فإن الواقع يشير إلى أن هذه القوة لن تكون سوى أداة دولية لتنفيذ أجندات صهيونية معينة، تحت غطاء من الشرعية الأممية، تمهد الطريق لاستكمال سياسات الإبادة والإحتلال التي تعرض لها القطاع.
وهذا الدور المريب حذر منه رئيس هيئة الاستعلامات المصرية ضياء رشوان بكل وضوح اذا قال في سياق تحذيره من هذا المخطط الغامض ان تكليف القوة الدولية المزمع تشكيلها في قطاع غزة، بنزع سلاح حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قد يؤدي إلى صدامات واشتباكات مسلحة، ولن تقبل أي دولة مشاركة في تلك القوة بالتصدي لهذا الأمر.
نفس المخاوف عبرت عنها المقاومة في غزة برفضها أي قوة بديلة عن جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة ورأت حركة المقاومة الاسلامية حماس أن الحل الأمثل هو تشكيل قوة فلسطينية خالصة تحت إشراف لجنة إدارة القطاع.
ووفق الرؤية الامريكية أي في الرؤية  الصهيونية فان القوة الدولية بقيادة الولايات المتحدة ستسعى في نهاية المطاف الى نزع سلاح المقاومة  وفرض وجودها العسكري في غزة، مستغلة مرحلة وقف إطلاق النار الهشة . ومن خلال كواليس وتسريبات صياغة مسودة قرار في مجلس الأمن لإنشاء هذه القوة الدولية فانه ستكون بصلاحيات واسعة، يراد من خلالها  أن تكتسب هذه القوة تفويضا غير محدود، يتيح لها التدخل في كافة شؤون القطاع. لكن، هذا التفويض ينطوي على محاذير عديدة، لعل أبرزها تحويل هذه القوة إلى "أداة تنفيذية" تابعة للسياسات الصهيونية، بدلا من أن تكون قوة لحفظ السلام.
هذه القوة المقترحة، التي ُفترض أن تكون متعددة الجنسيات، تشمل مهاما قد تبدو في الظاهر إنسانية، مثل حماية الممرات الإنسانية وتدريب قوة شرطة فلسطينية، لكنها في الواقع تهدف إلى تدمير البنية العسكرية الفلسطينية ونزع سلاح الفصائل. ويقول الفلسطينيون ان هذه المهمات لا تتماشى مع المطالب الوطنية الفلسطينية، بل تتناقض مع الرؤية التي يسعى الشعب الفلسطيني لتحقيقها، حيث أن القضية الفلسطينية تتطلب احترام سيادة الشعب الفلسطيني وحقه في المقاومة ضد الاحتلال، وليس فرض سياسات تقيد هذا الحق.
و من جهة أخرى، فإن رفض القوى الدولية أن تكون هذه القوة تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة يفضح نواياها الحقيقية، فهذه الخطوة تُظهر رغبة في تجنب إلزاميات قانونية قد تُحجم من قدرة هذه القوة على التدخل المفرط في الشؤون الداخلية للقطاع. وهكذا، تكون هذه القوة الدولية في الحقيقة بمثابة غطاء لإعادة إنتاج واقع الاحتلال بطريقة أكثر قانونية ودولية، مما يعكس تناقضا صارخا مع الدعوات الدولية التي تدعي السعي لتحقيق السلام والاستقرار.
وفي حين يتحدث البعض عن ضرورة القبول بهذه القوة الدولية من أجل إعادة الإعمار وحماية المدنيين، فإن الواقع يفرض تساؤلات حول كيفية ضمان أن هذه القوة لن تصبح أداة جديدة لفرض الهيمنة الإسرائيلية والأمريكية على غزة، بدلا من تحقيق العدالة للفلسطينيين. وبالتالي، يجب على الفلسطينيين أن يكونوا حذرين من أي "حلول" دولية قد تؤدي إلى فقدان المزيد من حقوقهم، وأن يسعى المجتمع الفلسطيني إلى تعزيز وحدته الداخلية وفرض رؤيته الوطنية بعيدا عن التدخلات الأجنبية التي قد تؤدي إلى تدمير ما تبقى من استقلاله وحقوقه...
ناجح بن جدو 
 

تعليقات الفيسبوك