مع الشروق : زوال الاحتلال واحترام السيادة... شرطان لتسليم السلاح !

مع الشروق : زوال الاحتلال واحترام السيادة... شرطان لتسليم السلاح !

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/11/12

على الجبهة اللبنانية مازال الكيان الصهيوني وحليفه الأمريكي و«حلفاؤه» العرب يضغطون باتجاه تجريد ـ حزب الله ـ من سلاحه. مطلب يجتهد رئيس الحكومة اللبنانية في تنفيذه مع ان القوات الصهيونية ماتزال تحتل خمس نقاط على الأقل داخل التراب اللبناني فيما تتواصل غارات الطيران الصهيوني بلا توقف مخلفة المزيد من الخسائر البشرية والمادية.
وعلى الجبهة الفلسطينية وفي علاقة بملف ـ غزة ـ ما بعد الحرب يضغط الكيان الصهيوني أيضا... وتضغط معه الادارة الأمريكية و ـ التابعون ـ من العرب باتجاه تجريد فصائل المقاومة من أسلحتها مع أن الجيش الصهيوني مازال يعربد في القطاع ويحتل أجزاء شاسعة منه.. بل ويحاصر قرابة المائتي مقاوم في أنفاق ـ رفح ـ ومع أن العدو يرفض أيضا الرضوخ  لمبدإ الدولتين بما يعنيه ذلك من قيام دولة فلسطينية حرة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
والواقع أن هذا المنطق الصهيوني ـ الأمريكي المدعوم من جهات عربية تابعة ولا ناقة ولا جمل لها في القضية باستثناء اندفاعها وراء أوهام واصطفافات مذهبية لا تزيد إلا في شق الصفوف وفي دعم العدوان، هذا المنطق هو منطق استعماري ومنطق يستقوي بغطرسة القوة ويحاول فرض املاءاته بما يمكنه من تحصيل ما عجز عن تحصيله بالحرب بهذه الأساليب الملتوية التي تؤمّن له فرض هيمنة صريحة وبلا تكاليف حين يسكت السلاح... هذا المنطق هو بالضبط نفس منطق وضع العربة قبل الحصان.. ففي حين تتواصل أسباب حمل السلاح واللجوء إلى المقاومة سواء في لبنان أو في غزة أو في الضفة.. وفي حين تتواصل سياسات البطش والتهجير والتهديد وفي حين يتواصل قهر الاحتلال ويتعرض الملايين للاذلال وللإبادة ويتهددهم سيف التهجير لتمكين نتنياهو من تغيير «خارطة الشرق الأوسط» كما توعّد بذلك..ومن رسم معالم «إسرائيل الكبرى» التي يريدها ممتدة من النيل إلى الفرات وأبعد من ذلك حتى السعودية تركيا وإيران ربّما.. في هذا الوقت تأتي هذه الضغوط الظالمة والتي تنخرط فيها أطراف عربية بغية تجريد رجال وفصائل المقاومة في لبنان وفي فلسطين من سلاحهم.
بعبارة أخرى، من يلهثون وراء هذا المطلب العبثي فإنما هم يطلبون من الضحية أن يمدّ رقبته للجزار وينتظر ساعة النحر.. كما أنهم يحاولون تجريم مبدإ مقاومة المحتل وحمل السلاح دفاعا عن الأرض والعرض وهو ما تبيحه كل القوانين الدولية وتقرّ به كل الشرائع والأعراف..فلو كان مبدأ المقاومة مجرّما  وحمل السلاح لمقاومة المحتل محرّما ما فإن دولا مثل تونس والجزائر ما كانت لتحرز استقلالها وتدحر المحتل الفرنسي.. ودولا مثل فيتنام ما كانت لتستعيد حريتها وتتخلص من أغلال الاحتلال الأمريكي.. فلماذا لا تقلب الصورة هذه المرّة فنبدأ بإزالة أسباب حمل السلاح وبالتالي انهاء الاحتلال فتنتفي بذلك موجبات حمل السلاح ومبرّرات المقاومة؟
ان المطلوب في الحالتين اللبنانية والفلسطينية هو القطع الفوري مع مبدإ وضع العربة قبل الحصان ومع خدعة قلب الحقائق والقفز على معطيات الميدان.. وهذه وتلك تفضي إلى تبييض صفحة الاحتلال وتبرئته وتهدف إلى تجريم فكرة المقاومة وفكرة حمل السلاح لتحرير الأرض حتى يتمكن المحتل من فرض رؤيته وشروطه المجحفة لإنهاء النزاع.
وحين نعود إلى جادة الصواب ومنطق الحق والعدل والانصاف وليس إلى منطق القوة والهيمنة فإننا سنجد الطريق سالكة إلى تطبيق قرارات الشرعية الدولية بما ينهي الاحتلال الصهيوني لفلسطين ويضع حدّا للأطماع الصهيونية في لبنان.. وحين تصبح الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني متاحة وحين تصبح السيادة اللبنانية مهابة فإن الحاجة تنتفي وقتها لحمل السلاح ويصبح ممكنا التخلي عنه.
أما خلاف ذلك فإن طلب تسليم سلاح المقاومة في لبنان وفي فلسطين  المحتلة سيبقى من قبيل أحلام اليقظة لأن فصائل المقاومة في لبنان وفي فلسطين كبرت على حليب العزة والكرامة.. وهي بذلك تفضل أن تموت صامدة واقفة على أن تنحر وهي ذليلة مستسلمة.
عبد الحميد الرياحي

تعليقات الفيسبوك