مع الشروق : حزب الله يرمّم نفسه من تحت الأرض

مع الشروق : حزب الله يرمّم نفسه من تحت الأرض

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/10/28

في باطن الأرض وبسرّية تامة، يرمّم حزب الله اللبناني نفسه بنسق غير مسبوق تحسّبا لمواجهة جديدة مع الكيان الصهيوني، بعد الجولة الأخيرة التي كانت فيها اليد العليا للكيان المحتل.
حزب الله يبدو أنّه عاد للملمة نفسه انطلاقا من مقولة "الضربة التي لا تقتلك تقوّيك"، بعد الضربات الموجعة التي تعرّض في آخر جولة تصعيد مع الاحتلال، حيث استشهد أغلب قادة الصفّ الأوّل اضافة الى زعيمه الأمين العام حسن نصرالله.
حجم الاختراق الكبير خاصّة في عملية " البيجر" و اغتيال نصرالله في مخبأ سرّي تحت الأرض، جعل حزب الله يضخّ دماء شبابية جديدة أكثر قدرة تكنولوجية، على اعتبار ان الحروب السيبرانية أصبحت لا تقلّ قيمة عن المواجهة العسكرية .
صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية كشفت في تقرير لها أنّ حزب الله يعمل حاليا بشكل شبه كامل تحت الأرض، مشيرة إلى أن الحزب يعيد بناء هيكله القيادي وقوته العسكرية بشكل سري، وموضحة أنه بعد عام من عملية البيجر الإسرائيلية بات العمل يسير بسرية تامة لإعادة ترميم صفوفه.
وبحسب الصحيفة ذاتها فإن الحزب يرمم صفوفه بناء على  قدراته التي لم تدمر بالكامل ويعيد ترميم صفوفه وقدراته العسكرية بسرية تامة، ولديه بنية عسكرية جديدة وقيادة شابة أكثر قدرة على مواكبة التطور التكنولوجي، كما أنّه أعاد توزيع المسؤوليات العسكرية لإضفاء السرية على طبيعة المهام والقادة.
بالإضافة الى ذلك بدّل الحزب الطبقة القديمة من القادة بجيل ثان وثالث داخل صفوفه، و قلص اتصالاته الخارجية وأرسل مقاتلين لم يشاركوا في الحرب إلى معقله في البقاع، كما لا تزال لديه صلات داخل أجهزة أمن لبنانية وبعض الجهات المكلفة أصلا بنزع سلاحه.
الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم كان واضحا ولم يستبعد اندلاع حرب جديدة مع الاحتلال مطالبا إياه بتطبيق وقف إطلاق النار مؤكدا موقف حزبه المعلن بالتمسك بالسلاح، معتبرا أن الاحتفاظ بالترسانة هو خيار قائم على ما وصفه "مقومات الدفاع والمقاومة" ضد الكيان الصهيوني.
قاسم، نبّه إلى أن أي تهاون قد يفتح المجال أمام الاحتلال للتوسع، قائلاً إنّه "إذا لم نردّ على إسرائيل، فبدل أن تكتفي بشبر من الأرض ستكون لها كلّ الأرض"، مضيفا أن المقاومة في نظره قادرة على حماية البلد حتى في أسوأ السيناريوهات "لو لم يبق منا إلا خشبة، فلن نسمح للإسرائيلي أن يمر... سنقاتله حتى لو لم يبق منا رجل أو امرأة".
سلاح حزب الله ووجوده كقوّة عسكرية وسياسية داخل لبنان وكرادع للاحتلال، أصبح ملفّا إقليميا شائكا، فبينما يصرّ الصهاينة والامريكان على تحييده من أجل تجنّب حرب جديدة، يعتبر الحزب أنّه صمّام الأمان للبنان وأن الاحتلال لا يفهم الا لغة القوة.
ومع المعادلة الصعبة داخليا في لبنان، فإنه يصعب كثيرا نزع سلاح الحزب او حتى تحييده من اللعبة السياسية، فهو كيان منظّم جدا وله حاضنة شعبية قويّة وتمثيلية سياسية تجعل منه عنصرا لا غنى عنه.
المواجهة مجدّدا بين حزب الله والكيان الصهيوني لم تعد تقبل سؤالا هل بل متى؟ على اعتبار ان الكيان الصهيوني لن يهدأ له بال في ظلّ وجود قوة توازي قوة جيوش نظامية على حدوده ويعتبرها الخطر الأكبر، والفشل الذي تلقّاه في غزة على مدى عامين سيكون مجرّد ضرر صغير أمام الفشل الذي سيتلقّاه في المواجهة المقبلة مع حزب الله.
بدرالدّين السّيّاري

تعليقات الفيسبوك