مع الشروق .. الكيان وإيران وحربُ الجبهات السبع!

مع الشروق .. الكيان وإيران وحربُ الجبهات السبع!

تاريخ النشر : 07:00 - 2025/06/28

دخل الكيان الصهيوني عقده الثامن وسط تحديات غير مسبوقة من الداخل والخارج، تصعب عليه الاستمرار بنفس القوة التي عرفها خلال عقود. وقد زاد في تعقيد المشهد الحرب التي خاضها الكيان مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي استمرت اثني عشر يوما، وأظهرت هشاشة واضحة في منظومته الأمنية والعسكرية، وكشفت ضعفا في قدرة الاحتلال على مواجهة خصومه الإقليميين.
هذه الحرب، التي شملت ضربات مباشرة داخل العمق الصهيوني، مثلت اختبارا حقيقيا لقدرة الردع التي طالما تباهى بها الاحتلال. ورغم الدعم الأمريكي، لم تتمكن الدويلة الإسرائيلية من فرض شروطها، وانتهى الصراع باتفاق هش لوقف إطلاق النار، يعكس هشاشة الموقف الإسرائيلي ويثير مخاوف جدية من تكرار المواجهات.
لكن المواجهة مع إيران ليست سوى جبهة واحدة من سبع جبهات متزامنة يواجهها الاحتلال اليوم، تشمل غزة، والضفة الغربية، وجنوب لبنان، والعراق، واليمن، والجبهة الداخلية. لكل هذه الجبهات تأثيرها المباشر في استنزاف قدرات الكيان الصهيوني، وتهديد استقراره السياسي والعسكري.
وفي الداخل، تتعمّق الانقسامات بين مكونات المجتمع الصهيوني، إذ يزداد الصراع بين العلمانيين والحريديم، وبين التيارات الليبرالية واليمينية المتشددة، كما تتفاقم أزمة الهوية بين مختلف أطياف اليهود ، وتعكس هذه التوترات الاجتماعية والسياسية حالة ضعف متزايدة في بنية الدويلة الإسرائيلية، وتؤثر على أداء مؤسساتها، بما في ذلك الجيش.
وتشير أحدث استطلاعات الرأي إلى أن أكثر من نصف السكان في الاحتلال يرون أن الديمقراطية مهددة، وأن ثمة حالة من القلق بشأن مستقبل الكيان. بينما يفكر ربعهم في الهجرة، وهو ما يعكس الشعور بالانعدام الأمني الداخلي. كما أن المؤسسة العسكرية التي كانت رمزا لتماسك الكيان، باتت اليوم مسرحا للتجاذبات السياسية والتوترات العميقة.
وترافقت هذه الأزمة مع تصاعد الخطاب الديني حول «المخلّص» ، وهي فكرة تؤمن بها بعض التيارات اليهودية التي ترى في الانهيار الداخلي والخارجي مقدمات لظهور هذا المخلص، الأمر الذي يضيف بعدا آخر للتوترات الاجتماعية والسياسية.
ويعتبر كثيرون أن الحربض الأخيرة مع إيران قد تجاوزت مفهوم المواجهة العسكرية التقليدية ، بل كانت علامة على التحولات الكبرى في موازين القوى في المنطقة، وأظهرت أن الكيان الصهيوني لم يعد القادر على التحكم بقدراته الأمنية كما في السابق. فقد فتحت هذه الحرب عيون الكثيرين داخل الدويلة وخارجها على هشاشة الاحتلال، ومدى هشاشة ادعاءاته بالردع والقوة.
واليوم، يقف الكيان الصهيوني أمام امتحان صعب: كيف يوازن بين ضغوط الحروب المتعدّدة على جبهاته الخارجية وبين تصدّع الداخل. فالاستمرار في هذا المسار يبدو شبه مستحيل بدون تغييرات جذرية، سواء على صعيد السياسة الداخلية أو في تعاطيه مع محيطه الإقليمي. وفي النهاية، الحرب مع إيران أشعلت شرارة أزمة أكبر وأكثر تعقيدا في الكيان الصهيوني، جاعلة من العقد الثامن لحظة اختبار حاسمة، قد تحدّد شكل مستقبل الدويلة الإسرائيلية، وقدرتها على الصمود أو الانهيار.
ناجح بن جدو
 

تعليقات الفيسبوك