مع الشروق .. استدامة المؤشرات الإيجابية

مع الشروق .. استدامة المؤشرات الإيجابية

تاريخ النشر : 07:00 - 2024/05/26

تتوالى المؤشرات الاقتصادية الإيجابية رغم "الحصار المالي " الدولي الذي تحاول عدة أطراف دولية فرضه على تونس، من خلال تعطيل الاتفاقيات الدولية خاصة مع صندوق النقد الدولي الذي قلنا مرارا إنّه يمارس سياسة المكيالين  في ما يتعلق بإسناده القروض  للدول التي ترغب في اللجوء إليه. 
الأمر الإيجابي أنّه وفي ظل غياب تلك القروض التي  كان محللو صندوق النقد الدولي في تونس يقولون إنّ بلادنا موضوعة بين كماشتي الإفلاس أو اللجوء إلى  نادي باريس إن فشلت  في الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، انّ بلادنا استطاعت أن تحرّك عجلة النمو الاقتصادي ولو بنسبة بطيئة جدا و لكن على كل حال فإن العجلة لم تتوقف كما يرغب في ذلك كثير من التونسيين  المعارضين للنظام. ففي ستة أشهر فقط استطاعت بلادنا أن ترفع عائدات زيت الزيتون إلى حدود  3400 مليون دينار، و أن يحقق قطاع السياحة  أرقاما جاذبة بتخطيه  عقبة ألفي مليون دينار، وهذا دون اعتبار القطاعات الاقتصادية الأخرى التي جعلت بلادنا تحقق فوائض تجارية مع أهم الدوّل في دول الاتحاد الأوروبي الذي مازال هو الشريك الاقتصادي الأول  لتونس، رغم تنوع الوجهات الاقتصادية  لتونس. 
إنّ هذه المؤشرات وإن كانت إيجابية فإنّها تضع مسؤوليات جسيمة أمام المسؤولين من أجل استدامتها و تطويرها و تحويلها وهذا هو الأهم  إلى مشاريع تنموية محلية  تساهم في انتشال الآلاف من براثن البطالة و تعيد الأمل للتونسيين في غد أفضل. 
إنّ التنميّة المكوّرة أو التنمية الدائرية مفهوم اقتصادي، مهمّ جدّا في استدامة العملية التنموية الشاملة في بلادنا. ذلك أنّ التنمية المكوّرة هي تلك التي تستثمر الآتية من قطاعات معيّنة في تنمية قطاعات اخرى حتى تصبح منتجة و محققة للقيمة المضافة، وهذا ما تحتاجه بلادنا فعليا، حتى تتحقق الثورة الاقتصادية و الاجتماعية التي نريدها. ونحن إنّ أردنا لهذه المؤشرات أن تكون ذات أهمية اجتماعية فيجب أن تتحول إلى واقع ملموس يعيشه المواطن في تفاصيل حياته اليومية، ومن خلال الخدمات التي توفرها الدولة له، وهذا هو عمق الدور الذي تلتزم به الدولة الاجتماعية و حتى الدولة الليبرالية الملزمة بتوفير سقف معيّن من الخدمات لمواطنيها لا يمكن النزول دونه. 
نحن لا نستعجل هذه التغيرات الجذرية، لأنّ البناء الجديد يتطلب مدة زمنية حتى يكون مثمرا و محقّقا للأهداف المرجوّة، ولكن نحن نستعجل القرارات التي يمكن أن تساهم في ذلك التحول الجذري. فعلى سبيل المثال تحدث وزير الفلاحة عن استراتيجية وطنية هدفها تحقيق إنتاج مليون طن من زيت الزيتون في المستقبل، وهذه استراتيجية طموحة جدّا، ولكنّها  تتطلب  هبّة وطنية شاملة و قرارات سريعة تشمل كافة مناحي  هذا القطاع و تثمين الموجود و الدفع نحو توفير الوسائل التي يمكنها أن تحقق هذا الهدف. لا شيء يمكن أن يعجز التونسيين عن تحقيق أهدافهم الكبرى، إذا ما استذكروا أن ماضيهم  كان قد أعطاهم ريادة العالم. 
كمال بالهادي       
 

تعليقات الفيسبوك