قبل الانزلاق...

قبل الانزلاق...

تاريخ النشر : 21:46 - 2021/01/24

إن التعبير عن الاستعداد للتمسك بالنظام كيفما كان ومهما كان مقابل الإعلان عن الإصرار على إسقاط النظام مع أي كان  سيؤدي حتما إلى الفوضى الملونة. ستكون فوضى ملونة لأن الألوان المسيطرة على مسرح الأحداث منذ عشرية تتسم بصعود الليبراليات الملونة والشعبوية بشقها الذي يدعي المحافظة وبشقها الذي يدعي التحررية. فالمعركة لم تعد منذ الانحراف الكبير المزيف والموجه من الخارج تحت عنوان اسلامي/علماني، لم تعد مذاك كفاحا من أجل تغيير سياسات الدولة العمومية خدمة لغالبية الشعب وتصويبا لبوصلة الوطن السيادية وإنما تكالبا على تغيير سلوك الشعب نحو مظاهر حياة غابرة مستوحاة من مشاهد الغابة والتاريخ أكثر منها من جوهر الرسالة الحضارية أو مظاهر حياة مستوردة من الأفلام أكثر منها من الشوارع الغربية. 
نحن الآن في مرحلة وضع الخطوة الأولى على حافة المنزلق. وقد نتدحرج نحو موجة أولى من الانزلاق. ذلك أن الشعور بالرغبة في رد الفعل يعتمل بسرعة وقوة وكثافة في النفوس وقد يؤدي ذلك إلى بلوغ مرحلة قرار مواجهة العنف الرجعي الهمجي إذا حصل مضافا إلى عنف نموذج الحكم الليبرالي المتوحش التفقيري والتخريبي الحاصل أصلا. ولكن هل سيكون ردعا شعبيا بتظاهرات عارمة لتعديل موازين القلب، بل قلبها وكبح دوافع وروافع الانزلاق أم سيكون ترجمة للقوة الشعبية من خلال احترام إرادة الشعب وحق الشعب ومصلحة الشعب وتفعيل ذلك في تطبيق الدولة ومؤسسات الدولة للقانون دون موالاة لمن يحكم أم سيكون ذلك عنفا قمعيا ليس إلا لا يفعل إلا تأجيح ومزيد تلوين العنف والتموقع فيه كطرف رجعي وهمجي أيضا؟ 
لقد أتت صورة الغرب الليبرالي الذي يسير نحو انهيار ديمقراطيته لتعمق قناعة عامة بأن الليبرالية الفوقية الفاسدة والتخريبية لم تعد تجدي نفعا ولا الديمقراطية الجماهيرية القاعدية والعادلة باصلاحييها وثورييها ستجدي نفعا إذا لم تنجو من الانزلاق نحو فوضوية ليبرالية لا وجود للشعب فيها تتماهى معها يسراوية ليبرالية لا حضور للشعب فيها بمعنى غالبية المتضررين من المنظومة المعولمة من المسحوقين والمعدمين إلى الذين تم انزالهم إلى وضعية المتأرجحين بين الاكتفاء بتسديد الحاجيات والكفاف إلى التخبط بين خط الفقر وما تحت خط الفقر. 
إن المواجهة المحتملة في الشارع بين الليبرالية المتوحشة الحاكمة وبين ليبرالية البقاء المصارعة للإنهيار المتواصل خاصة في مجال الخدمات العامة والأمل في الحياة بطريقة أخرى مرشحة لأن تكون عنيفة جدا ولا حدود فيها ولا ضمانات قادرة على إبعاد شبح إدخال العامل الإرهابي على الخط أو حتى الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة بين قوات الأمن ومجموعات معينة من هذا الطرف أو من ذاك. وهنا لا ينفع الفهم ولا التحليل والتفسير ولا الاستشراف ولا حتى التنبيه الاستباقي. ولا ينفع أيضا أي توصيف يفرق بين ليبرالية رجعية وليبرالية تقدمية فكل الليبراليات رجعية وكل الرجعيات همجية وكذلك كل التقدميات الليبرالية، كلها تقدميات رجعية وكلها همجية. وكل هذه الرجعيات والتقدميات الليبرالية الملونة جميعها تقود إلى الفوضى واستدخال الخراب والاستعمار. 
وعلى ذلك يتوجب التركيز على إعطاء كل ما يجري مضمونا شعبيا واجتماعيا وسياديا حتى تكون الدولة مسؤولة وتكون القوى الاجتماعية منظمة وتكون الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية التنموية والتوزيعية نبراسا ومقياسا وحبل نجاة من الانزلاقات حتى إذا حصلت تضحيات كبرى بأياد نظيفة تكون مستحقة وتحوز على احترام شعبي وتنتج حلولا وتغير الأوضاع
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

إن الهدف الرئيسي من تقديم هذه المعطيات المجمعة حول الخسائر الاقتصادية والمالية للعدو من عدة مصادر
00:12 - 2024/05/03
إن آخر ما يتبادر إلى الذهن تحليل ما يجري في الجامعات الأمريكية.
21:21 - 2024/04/27
قياسنا هنا 7 أكتوبر وطوفان الأقصى واليوم الماءتان.
23:48 - 2024/04/23
تعقيبا وتعليقا على الهجوم الإيراني المتوقع على إسرائيل كردة فعل على الهجوم الصهيوني الذي أودى باس
07:00 - 2024/04/22
تزامن عيد الفطر هذه السنة في غزة مع دخول طوفان الأقصى شهره السابع وما خلّفه العدوان الصهيوني من د
07:00 - 2024/04/22