كيف يستقيم الظل والعود أعوج؟
تاريخ النشر : 09:56 - 2020/12/09
لن نتقدم طالما أن اعتمادنا على الأفراد وليس على المؤسسات باعتبار أن عمل الأشخاص مهما أكتمل يكون منقوصا ضرورة أن العمل الجماعي أنفع لتلاقح الأفكار فضلا عن كونه يؤسس لثقافة جمعية نحن في مسيس الحاجة إليها.
لن تقوم لنا قائمة طالما نحن ننتظر بفارغ الصبر القائد المنقذ أي الرجل السوبرمان superman حال كون الأنظمة الديمقراطية لا تؤمن سوى بالمجالس النيابية القوية وبالقضاء المستقل وبالحوكمة الرشيدة وبالشفافية في العمل الحكومي.
لن ننهض طالما أن المسؤولين جميعهم ليسوا مجرد خدم simples serviteurs يشتغلون تحت إشراف الدولة وفي خدمتها بأمانة وإخلاص ويتقاضون أجرة مقابل ذلك وأن الأجرة ترتفع وتنخفض بحسب طبيعة العمل كيفا وكما.
لن يستتب الأمن الاجتماعي طالما أن الفساد بجميع مفرداته لا يعد جريمة "شنيعة" تستوجب أغلظ العقوبات وأن الساكت عنه يعتبر شريكا وينال نفس عقاب الفاسد ويجب على ذلك الأساس حماية المبلغين عن الفساد بل مجازاتهم كما تفعل بعض الدول المتقدمة خصوصا في مادة الضرائب والصفقات العمومية.
لن نخرج من عنق الزجاجة طالما أن "أنا" بعض الأشخاص متضخمة الى درجة أنهم يعتبرون أنفسهم يختزلون الوطن في شخوصهم ولا سيرورة للدولة بدونهم.
لن تستقر الأحوال طالما أن هناك سطوة للنعرات الجهوية وكذلك القطاعية في كل مكان والتي تتماهى مع النعرة القبلية ولا تقل خطورة عنها فضلا عن النعرة الكامورية وهي عصبية جديدة تونسية الصنع وبمباركة الدولة الديمقراطية.
لن تنطلق البلاد طالما أن مؤسسات الدولة حبيسة الهوى والمزاجية والمطامع الشخصية والمصلحة الفئوية أو الحزبية الضيقة ومصلحة المواطن في آخر سلم اهتمامات الدولة.
لن ينصلح حالنا في غياب سيادة القانون على جميع الناس، أشخاص وتكتلات، وظهور الدولة كقوة فاعلة ورادعة puissance publique ونرى ذلك في كل مكان بصفة معلنة شريطة الموازنة بين قوة القانون وقانون القوة.
لن نتطور طالما أن السياسي مجرد حكواتي conteur يلهب المشاعر ويشعل الشعارات الى درجة التهريج وعينه دائما في إتجاه الإنتخابات القادمة بدلالة مداولات مجلس نواب الشعب وما يشوبها من استهتار بأبسط النواميس الأخلاقية.
لن تسلم دواليب الدولة طالما ليس هناك توازن équilibre بين سلطات الدولة الثلاث وطالما لم تتبوأ السلطة القضائية منزلتها الحقيقية كما منحها إياها دستور 2014، فلا غالب ولا مغلوب، وطالما أن مرفق الإعلام انحرف عن الدور التوعوي والتثقيفي المناط بعهدته وأصبح مجرد فرجة فولكلورية Show folklorique غاية في الغوغاء الى حد القبح في بعض الأحيان.
ن تتخلص الدولة من أسباب التقهقر طالما أنها تبخس حق نخبتها في جميع المجالات، بداية من الفنون وصولا إلى العلم والمعرفة، فضلا عن استقالة النخبة من الخوض في السياسة أو في الشأن العام، بدعوى أن السياسة ملطخة بالقذارة ومفسدة للأخلاق.
لن ننتصر طالما لم يقع تشجيع المبادرة الحرة في جميع المجالات ولم يقع تبسيط الإجراءات الإدارية وتقريبها من طالب الخدمة بالطريقة الإلكترونية أو بغيرها من الطرق والقطع مع الطوابير المزدحمة هنا وهناك الى درجة القرف، فالبيروقراطية هي العدو اللدود للديمقراطية. La bureaucratie est l'ennemi de la démocratie
أنتهي للقول، كم من شعوب صغيرة صنعت لها ألقابا كبيرة وكم من شعوب كبيرة لازالت تبحث في دفاتر تاريخها عن إنتصارات أغلبها وهمية للتباهي بها وهي في قمة الانكسارات وفي أوج الخيبات.
ألم يحن بعد الوقت أن نقطع مع طقوس صنع التماثيل والطغاة، لماذا لا نكاد ننتهي من مراسم دفن مستبد في أي مجال حتى تأتينا الأخبار بميلاد آخر؟
ألم يحن الوقت أن نتعلم من التاريخ أن الإصلاح نهضة شعب ورغبة أمّة وإرادة حياة.
عجيب أمر هذا البلد!
بقلم القاضي: الطاهر بن تركية
رئيس دائرة جنائية بمحكمة الإستئناف بتونس

لن نتقدم طالما أن اعتمادنا على الأفراد وليس على المؤسسات باعتبار أن عمل الأشخاص مهما أكتمل يكون منقوصا ضرورة أن العمل الجماعي أنفع لتلاقح الأفكار فضلا عن كونه يؤسس لثقافة جمعية نحن في مسيس الحاجة إليها.
لن تقوم لنا قائمة طالما نحن ننتظر بفارغ الصبر القائد المنقذ أي الرجل السوبرمان superman حال كون الأنظمة الديمقراطية لا تؤمن سوى بالمجالس النيابية القوية وبالقضاء المستقل وبالحوكمة الرشيدة وبالشفافية في العمل الحكومي.
لن ننهض طالما أن المسؤولين جميعهم ليسوا مجرد خدم simples serviteurs يشتغلون تحت إشراف الدولة وفي خدمتها بأمانة وإخلاص ويتقاضون أجرة مقابل ذلك وأن الأجرة ترتفع وتنخفض بحسب طبيعة العمل كيفا وكما.
لن يستتب الأمن الاجتماعي طالما أن الفساد بجميع مفرداته لا يعد جريمة "شنيعة" تستوجب أغلظ العقوبات وأن الساكت عنه يعتبر شريكا وينال نفس عقاب الفاسد ويجب على ذلك الأساس حماية المبلغين عن الفساد بل مجازاتهم كما تفعل بعض الدول المتقدمة خصوصا في مادة الضرائب والصفقات العمومية.
لن نخرج من عنق الزجاجة طالما أن "أنا" بعض الأشخاص متضخمة الى درجة أنهم يعتبرون أنفسهم يختزلون الوطن في شخوصهم ولا سيرورة للدولة بدونهم.
لن تستقر الأحوال طالما أن هناك سطوة للنعرات الجهوية وكذلك القطاعية في كل مكان والتي تتماهى مع النعرة القبلية ولا تقل خطورة عنها فضلا عن النعرة الكامورية وهي عصبية جديدة تونسية الصنع وبمباركة الدولة الديمقراطية.
لن تنطلق البلاد طالما أن مؤسسات الدولة حبيسة الهوى والمزاجية والمطامع الشخصية والمصلحة الفئوية أو الحزبية الضيقة ومصلحة المواطن في آخر سلم اهتمامات الدولة.
لن ينصلح حالنا في غياب سيادة القانون على جميع الناس، أشخاص وتكتلات، وظهور الدولة كقوة فاعلة ورادعة puissance publique ونرى ذلك في كل مكان بصفة معلنة شريطة الموازنة بين قوة القانون وقانون القوة.
لن نتطور طالما أن السياسي مجرد حكواتي conteur يلهب المشاعر ويشعل الشعارات الى درجة التهريج وعينه دائما في إتجاه الإنتخابات القادمة بدلالة مداولات مجلس نواب الشعب وما يشوبها من استهتار بأبسط النواميس الأخلاقية.
لن تسلم دواليب الدولة طالما ليس هناك توازن équilibre بين سلطات الدولة الثلاث وطالما لم تتبوأ السلطة القضائية منزلتها الحقيقية كما منحها إياها دستور 2014، فلا غالب ولا مغلوب، وطالما أن مرفق الإعلام انحرف عن الدور التوعوي والتثقيفي المناط بعهدته وأصبح مجرد فرجة فولكلورية Show folklorique غاية في الغوغاء الى حد القبح في بعض الأحيان.
ن تتخلص الدولة من أسباب التقهقر طالما أنها تبخس حق نخبتها في جميع المجالات، بداية من الفنون وصولا إلى العلم والمعرفة، فضلا عن استقالة النخبة من الخوض في السياسة أو في الشأن العام، بدعوى أن السياسة ملطخة بالقذارة ومفسدة للأخلاق.
لن ننتصر طالما لم يقع تشجيع المبادرة الحرة في جميع المجالات ولم يقع تبسيط الإجراءات الإدارية وتقريبها من طالب الخدمة بالطريقة الإلكترونية أو بغيرها من الطرق والقطع مع الطوابير المزدحمة هنا وهناك الى درجة القرف، فالبيروقراطية هي العدو اللدود للديمقراطية. La bureaucratie est l'ennemi de la démocratie
أنتهي للقول، كم من شعوب صغيرة صنعت لها ألقابا كبيرة وكم من شعوب كبيرة لازالت تبحث في دفاتر تاريخها عن إنتصارات أغلبها وهمية للتباهي بها وهي في قمة الانكسارات وفي أوج الخيبات.
ألم يحن بعد الوقت أن نقطع مع طقوس صنع التماثيل والطغاة، لماذا لا نكاد ننتهي من مراسم دفن مستبد في أي مجال حتى تأتينا الأخبار بميلاد آخر؟
ألم يحن الوقت أن نتعلم من التاريخ أن الإصلاح نهضة شعب ورغبة أمّة وإرادة حياة.
عجيب أمر هذا البلد!
بقلم القاضي: الطاهر بن تركية
رئيس دائرة جنائية بمحكمة الإستئناف بتونس