رغم المجهودات المبذولة..كورونا تزيد فقراءنا فقرا

رغم المجهودات المبذولة..كورونا تزيد فقراءنا فقرا

تاريخ النشر : 08:57 - 2020/04/25

كشفت أزمة فيروس كورونا في تونس مدى ضعف السياسة الاجتماعية للدولة وفشل مختلف الحكومات السابقة في اصلاحها وهو ما تسبب في معاناة كبرى للفئات الفقيرة والهشة..


تونس «الشروق»
من يوم إلى آخر تتفاقم وضعية الفقراء والفئات الهشة والمتضررين من توقف أنشطتهم بسبب أزمة كورونا.. وضعية كان بالامكان تفاديها أو على الاقل التخفيف من حدتها لو كانت للدولة سياسة اجتماعية أكثر تنظيما ونجاعة وقدرة على الاستجابة للطلبات وبالسرعة المطلوبة. لكن حصل العكس حيث جاءت أزمة كورونا لتُعري ضعف السياسة الاجتماعية للدولة على أكثر من مستوى ولتجعل جهودها في محاربة الوباء مُشتتة. ففي أغلب الدول التي اجتاحتها كورونا، كان الجهد الأساسي موجها أساسا للعمل الطبي ولم يكن الجانب الاجتماعي مطروحا كثيرا بحكم ما يتمتع به سكان تلك الدول من "صلابة" اجتماعية ومالية تجعلهم قادرين – دون تدخل كبير من الدولة - على تحمل تداعيات الازمة . لكن في تونس، ومنذ بداية الازمة كان على الدولة ان تعمل على أكثر من واجهة: جهود طبية وصحية لمعالجة المصابين وجهود اجتماعية موجهة للفئات الفقيرة المتضررة من الأزمة، وهي الجهود التي اتضح أنها تشكو من نقائص تنظيمية وهيكلية عديدة ومن هشاشة كبرى..


معرّف اجتماعي
كشفت أزمة كورونا الحاجة إلى آلية " المعرف الاجتماعية الوحيد" التي كثر الحديث عنها في عهد حكومة يوسف الشاهد لكن لم يقع تفعيلها الى الآن وتواصل العمل بآليات بالية تعتمد على دفاتر العلاج الممنوحة لهذه الفئات الاجتماعية لتوزيع المساعدات .. وقد كان بامكان هذه الآلية ان تسمح بأكثر تنظيما وسلاسة في توزيع ما أقرته الدولة من برامج مساعدات وأن يقع تفادي الاكتظاظ والتدافع امام مراكز البريد ومقرات المعتمديات وما رافق ذلك من مخاطر العدوى بالفيروس. وهو ما قد يتواصل في الفترة القادمة بحكم عدم التوصل الى حد الآن حلول ناجعة وعملية لتقديم المساعدات.


منظومة الدعم
من جانب آخر عرّت أزمة كورونا السياسة الاجتماعية للدولة في جزئها المتعلق بمنظومة الدعم والمواد المدعومة. فقد اتضح عجز الدولة المتواصل إلى حد الآن عن تأمين وصول المواد المدعومة الى مستحقيها الحقيقيين من الفقراء وأصحاب الدخل المحدود وسكان الأرياف وانتفعت بها في المقابل الفئات الاخرى التي لا تحتاجهما بشكل فعلي مثل الميسورين وسكان المدن امام صمت الدولة وضعفها تجاه المحتكرين والمضاربين الذين زادوا من معاناة الفئات الفقيرة .. فلو كانت هناك آلية قوية لتوزيع هذه المواد المدعومة على مستحقيها لما حصلت كل المشاكل والازمات التي عاشها عديد التونسيين خلال الفترة الماضية والتي بلغت ببعضهم حد الجوع والعجز عن توفير الخبز مع توقعات بتواصل الأمر نفسه خلال الفترة القادمة ما مل تتحرك الدولة أكثر لمعالجة هذا الملف.


سكن ونقل
كشفت أزمة كورونا أيضا ضعف وهشاشة سياسة الدولة الاجتماعية في مجال السكن. فقد اتضح أن نمط السكن في تونس لا يسمح مثلا بتنفيذ سياسة التباعد الاجتماعي كلما حصل طارئ صحي وكانت هناك مخاوف من العدوى على ، غرار ما حصل بمناسبة وباء كورونا. فأغلب المساكن في الاحياء الشعبية متلاصقة ولا تتوفر فيها شروط التباعد والحجر الصحي والوقاية والنظافة ( رفع الفضلات وصرف المياه المستعملة) . كما أن عديد العائلات الفقيرة تقطن منازل صغيرة مكونة من غرفة او غرفتين ولا تضمن التباعد.
 وينضاف إلى ذلك مشكل النقل العمومي الذي لا يمكن ان يضمن ايضا أسباب الوقاية من العدوى بحكم حالة الاكتظاظ.  ويتضح ايضا ان سياسة الدولة الاجتماعية الموجهة الى قطاع النقل فاشلة وهشة وىن الاوان لمراجعتها.


صحة
منذ انطلاق أزمة كورونا قبل نحو شهرين، كان الاهتمام الأبرز موجها نحو القطاع الصحي العمومي وتحديدا حالة المستشفيات والموارد البشرية والتجهيزات وهو احد ابرز قطاعات السياسة الاجتماعية للدولة.. وقد اتضح أن الحكومات المتعاقبة منذ 2011 الى اليوم لم تنجح في مزيد تطوير هذا القطاع بل حصل العكس وتم تهميشه على عدة مستويات. فأغلب المستشفيات غير مجهزة بالشكل الكافي وبنيتها التحتية غير لائقة وتفتقر الى الدواء والى المستلزمات الطبية والى الاجهزة المتطورة. وهو ما يؤكد ان السياسة الاجتماعية للدولة في المجال الصحي تحتاج برمتها الى مراجعة جذرية بطريقة قوية وجريئة لا تترك أي مجال للتلاعب او التهاون بهذا القطاع.

موارد رزق قارة أفضل من المساعدات الظرفية

من بين الوسائل التي تعتمد عليها تونس في سياستها الاجتماعية تقديم مساعدات ظرفية في المناسبات او الازمات الطبيعية وتكون إما مالية او غذائية أو غيرها. ويرى مختصون أن هذه الطريقة اثبتت عدم جدواها، فهي من جهة تشجع على التواكل وعلى عدم الرغبة في العمل وتتسبب من جهة أخرى في بعض المشاكل التنظيمية . لذلك ينادي البعض باستبدال هذه الآلية "البالية" بآليات أخرى اكثر تطورا ونجاعة على غرار توفير موارد رزق قارة للفئات الاجتماعية الهشة والاقتصار بالنسبة للمساعدات المالية والعينية على كبار السن والعاجزين.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

أفاد الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري أمس الاثنين 25 أوت
07:00 - 2025/08/26
في محاولة يائسة لحجب الحقيقة والتغطية على فظائع الإبادة الجماعية في غزّة، يواصل الاحتلال الإسرائي
07:00 - 2025/08/26
 في تطوّر عسكري نوعي ينذر بتصعيد مرتقب ، كشف الاحتلال الاسرائيلي أن الصاروخ الذي أُطلق من اليمن ا
07:00 - 2025/08/26
كشف الدكتور في علم الاجتماع حمدة كوكة، ممثل الدكاترة المعتصمين أمام وزارة التعليم العالي مؤخرا، أ
07:00 - 2025/08/26
صحيح أن ما يحدث في قطاع غزة منذ قرابة العامين هو إبادة جماعية مكتملة الأركان والشواهد والمواقف ال
07:00 - 2025/08/26
دعت الهيئة القطاعية المشتركة للتعليم الأساسي والتعليم الثانوي بجهات تونس الكبرى أمس إلى تعبئة اله
07:00 - 2025/08/26
أحب  أم كره المهرولون الرافضون لكل عودة و اعادة
07:00 - 2025/08/26
اهداف استراتيجية للشركات الأهلية
07:00 - 2025/08/26