كشفت نتائج متابعة الميزان التجاري الغذائي إلى نهاية شهر مارس 2024، تضاعف الكميات الموردة من القمح اللين اذ بلغت 475.2 ألف طن مقابل 222.3 ألف طن قبل سنة، مما يعني تسجيل زيادة من حيث الحجم بنسبة 105.7 بالمائة. 
أما من حيث القيمة، فقد ناهزت كلفة الواردات طيلة الثلاثي الأول من العام الحالي حسب المعطيات الصادرة يوم أمس الأربعاء 17 أفريل 2024 عن المرصد الوطني للفلاحة، 389.8 مليون دينار بزيادة نسبتها 55.4 بالمائة فيما شهد معدل سعر الكيلوغرام الواحد عند التوريد تراجعا بـ 24.4 بالمائة ليقدر بحوالي 0.85 دينار أواخر ماس 2024. 
وتفيد المؤشرات الإحصائية الرسمية ان حصة واردات الحبوب مثلت 60.6 بالمائة من جملة الواردات الغذائية المسجلة إلى موفي شهر مارس المنقضي مقابل 56.0 بالمائة خلال نفس الفترة من سنة 2023. 
وخصت الشراءات بالأساس القموح والتي بلغت قيمتهما 729.4 مليون دينار، لتمثل 65.6 بالمائة من واردات الحبوب، في الوقت الذي عرف فيه معدل أسعار توريد القمح الصلب انخفاضا بنسبة 15.9 بالمائة فيما انخفض متوسط أسعار توريد القمح اللين بـ 24.4 بالمائة. منذ سنوات طويلة، تقلّص عجز الميزان التجاري الغذائي لتونس، حيث سجل طيلة الثلاثي الأول من هذه السنة فائضا قدره 1088.9 مليون دينار مقابل عجز قدره 110.3 مليون دينار خلال ذات الفترة من سنة 2023، وقدرت نسبة تغطية الواردات بالصادرات بــ 159.3 بالمائة. وسجلت قيمة الصادرات الغذائية ارتفاعا بنسبة 57.5 بالمائة مقابل تراجع الواردات بنسبة 6.7 بالمائة ويعزى هذا الفائض بشكل أساسي الى ارتفاع قيمة صادرات زيت الزيتون ومنتوجات الصيد البحري، مقابل تراجع قيمة واردات السكر وذلك رغم تسجيل ارتفاع في نسق واردات الحبوب والزيوت النباتية. 
وتأتي هذه الوضعية، في سياق عام، حيث سبق وأن أكد عبد المنعم بلعاتي وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري ان تونس لطالما وضعت دائما الأمن الغذائي على رأس أولوياتها الوطنية وذلك على هامش كلمة ألقاها بمناسبة إعطائه إشارة انطلاق المؤتمر العالمي للأمن الغذائي في الوطن العربي خلال الأزمات وما بعدها الذي نظمته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الالكسو". 
واعتبر وزير الفلاحة أن القطاع الفلاحي هو من القطاعات البالغة الحساسية في اقتصاديات البلدان المتقدمة والبلدان النامية، لا سيما في ظل التحولات الاقتصادية والمشاكل المتزايدة للاقتصاد كما تعتبر الزراعة صناعة العصر والمستقبل، باعتبارها تمثل أحد عناصر التنمية الاقتصادية وعناصر تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي في أي بلد
. في جانب اخر، كثفت سلط الاشراف جهودها نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي وذلك خصوصا فيما يهم منتجات الحبوب باعتبارها منتجات حيوية للتونسيين من خلال اتخاذ عدة إجراءات تهم اساسا مادّة القمح الصّلب بالتشجيع على توسيع المساحات المزروعة وتجويد البذور وتوفيرها مع الأسمدة الى جانب تحسين اسعار قبول المحاصيل ودعم المردودية، والانتاجية، وتعزيز مرافقة الفلاحين وإرشادهم. ويؤكد الخبراء ان الإشكاليات التي تراكمت طيلة عقود وحالت دون الوصول إلى تحقيق الأمن الغذائي، يمكن مزيد تجاوزها وهي تتمثل في سوء التصرف في الثروة المائية المتراجعة، إضافة إلى ضعف حوكمة القطاع الفلاحي والإنتاج في القطاع الزراعي.
كما تعاني البلاد، من تبعية للأسواق الخارجية في بعض المواد الاستهلاكية، كالحبوب (تستورد 80 بالمائة من حاجياتها)، ومدخلات إنتاج لحوم الدجاج (تستورد 90 بالمائة من حاجياتها) ومادة السكر. ووفق أرقام لوزارة الفلاحة، فإن مجموع الأراضي القابلة للزراعة في تونس، يبلغ 5 ملايين هكتار، فيما لا تتجاوز نسبة المستغل منها 24 بالمائة.