تحدث عنه الفخفاخ...هل تنجح الحكومة في «اقتصاد الحرب»؟

تحدث عنه الفخفاخ...هل تنجح الحكومة في «اقتصاد الحرب»؟

تاريخ النشر : 08:38 - 2020/04/21

أشار الياس الفخفاخ في الحوار التلفزي الأخير إلى أن البلاد تخوض اليوم ما يُعرف بـ"اقتصاد الحرب" في إشارة إلى الوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد وهوما يثير جملة من التساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على انجاحه والشعب على تحمله.
تونس – الشروق 
أعلن رئيس الحكومة الياس الفخفاخ في الحوار التلفزي اول أمس أن وضع البلاد يستوجب اليوم تفعيل ما يُعرف ب"اقتصاد الحرب" لمجابهة أزمة فيروس كورونا. وهو مفهوم قديم وقع اعتماده على مر التاريخ من أغلب الدول التي خاضت حروبا بالمعنى التقليدي للكلمة ( حروب عسكرية وباستعمال السلاح). اليوم، لا يستبعد المراقبون مفهوم "الحرب" من الوضع الذي تعيشه أغلب الدول حاليا وهو مجابهة جائحة كورونا التي أربكت كل القواعد المعيشية للشعوب والثوابت الاقتصادية للدول ودفعتها الى تغيير أدوات عملها التقليدية في إطار شبيه ب"الحرب".


إجراءات أولية
منذ بداية جائحة كورونا، لم تكن تونس في منأى عن وضع عالمي استثنائي حتم عليها تفعيل اجراءات استثنائية عديدة شملت الجوانب الاقتصادية والاجتماعية  والامنية والإدارية.. غير أن الركيزة الأساسية لمختلف هذه المجالات كانت الجانب الاقتصادي الذي تمرّ منه مختلف الاجراءات المتخذة وهو ما شرّع الى تفعيل مفهوم "اقتصاد الحرب" الذي لمح إليه رئيس الحكومة والذي لن يكون محدودا في الزمن بل سيتواصل إلى حين انتهاء الازمة.


مراسيم الحرب
بعد الاجراءات الاولية تم المرور اليوم إلى آلية المراسيم التي يتخذها  رئيس الحكومة والتي يمكن تصنيفها في خانة "اقتصاد الحرب" أبرزها التوجه نحو التعبئة المالية .. فكانت البداية بدعوة المؤسسات والأفراد إلى التبرع وأيضا التوجه نحو الشركاء الماليين الدوليين للحصول على تمويلات مختلفة ثم الاقتطاع  من الأجور. غير أن ذلك قد لا يكفي للنجاح في مواجهة الازمة، وهو ما يُفهم منه أن الحكومة قد تتجه في الفترة القادمة إلى مزيد من اجراءات اقتصاد الحرب. حيث ذكر رئيس الحكومة إلى ضرورة استعداد الشعب الى مزيد من التضحية في الفترة القادمة وهو ما يعني أن اجراءات اخرى قد تكون في الطريق من اجل تقوية جهود الدولة في التغلب على أزمة كورونا.


مزايا اقتصاد الحرب
أثبتت تجارب مختلفة على مر التاريخ أن تطبيق اقتصاد الحرب عادة ما تكون له في الفترة الموالية مزايا عديدة أبرزها تسريع التقدم التكنولوجي.  وهو ما لوحظ في تونس في الفترة الاخيرة من خلال تحقيق بعض النجاحات غير المسبوقة من الخواص او من الدولة على غرار العمل عن بعد والتعليم عن بعد والاختراعات والابتكارات المختلفة من بعض الشبان الموهوبين .كما يؤدي اقتصاد الحرب عادة إلى خلق اقتصاد قوي وصلب ومتمكن من كل المجالات ويعيد ثقافة العمل ويشجع عليها ويسمح باكتساب خبرات عديدة ويطور مهارات العنصر البشري ويعيد التضامن بين الناس ويقوي المجتمع المدني وتتحقق  للدولة وللمجتمع مكاسب على مستوى البنية التحتية( مثلا في مجال المستشفيات او في المجال التكنولوجي) وأحيانا يمكن الدولة من توفير رصيد مالي هام ومخزون منتوجات مختلفة. ويتيح اقتصاد الحرب أيضا للدولة فرصة مراجعة عديد النقائص في ما يتعلق بالمنوال التنموي وبالعلاقات التجارية والاقتصادية مع بقية الدول وقد يخلق أسواقا عديدة للتصدير المكثف او للتوريد بأقل التكاليف. كما يؤدي اقتصاد الحرب أيضا إلى القضاء على بعض مظاهر استغلال الازمات للاثراء على حساب الدولة والشعب على غرار الناشطين في الأسواق غير النظامية والسوداء والمحتكرين..  فاقتصاد الحرب الذي اتبعته مثلا دول حروب القرن الماضي تولدت عنه في ما بعد دول قوية اقتصاديا وتكنولوجيا وصناعيا على غرار الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد السوفياتي واليابان وكوريا الجنوبية..


نجاح الحكومة وتحمل الشعــــــب
يقتضي نجاح اقتصاد الحرب توفيق الحكومة في تفعيل مختلف آلياته بكل حرفية ودون الاضرار بمصالح الشعب. كما يقتضي منها التحلي بالجرأة والشجاعة في مجابهة كل الصعوبات التي قد تحول دون تنفيذ بعض المقتضيات ومعاملة الجميع على قدم المساواة وليس بالتعويل فقط على تضحيات الفئات الضعيفة والهشة واعفاء الفئات الميسورة واصحاب الثروات من التضحيات. ويقتضي الامر ايضا تحقيق فائدة قصوى من اقتصاد الحرب في ما بعد  مع السعي الى اقتصار مدته اقصى ما يمكن حتى لا يتحول الى وسيلة اضرار بمعيشة الناس.. وبالنسبة للشعب، يقتضي اقتصاد الحرب ضرورة التكيف مع الوضع الجديد والاقتناع بأن مستوى المعيشة قد يتراجع وقد تتراجع معه بعض اشكال الرفاه وهو ما يقتضي شيئا من التضحية شريطة ان تكون محدودة في الزمن.  
 

أبرز ركائز اقتصاد الحرب

- تعبئة الدولة موارد مالية بالطرق غير التقليدية ( الاقتطاع من الاجور – فرض ضرائب جديدة –التقليص من سياسة الدعم والاكتفاء بتوجيهه الى مستحقيه – اللجوء الى التبرعات داخليا وخارجيا – اتباع سياسة تقشف عند التوريد خاصة في مجال الكماليات – ادخال تغييرات على ميزانيات الوزارات ..)     
- تعبئة الاقتصاد نحو أقصى ما يمكن من الانتاج من خلال  حث المؤسسات على التحول نحو الإنتاج الحربي ، وفي وضعية الحال المنتجات الدوائية والصحية وكل ما يرتبط بها (وهو ما وقع اتباعه مثلا بالنسبة لصناعة الكمامات الواقية والمستلزمات الطبية والدوائية وتجهيز المستشفيات وتوفير الأدوية وبناء وحدات صحية جديدة) وأيضا المنتجات الغذائية ( الفلاحة والصناعات الغذائية) مع فرض  زيادة الإنتاج وتخزين الفائض
- ترشيد الاستهلاك في بعض المجالات مثل ترشيد الواردات والحد من استهلاك الكماليات (رئيس الحكومة قال إنه يجب الخروج بعض الشيء من الرفاهية)       
- التجنيد لأغراض مدنية (مثلا في المجال الطبي وشبه الطبي)
- التسخير: يشمل الأشخاص والممتلكات الخاصة وهو ما قد يقع اللجوء الى إليه بالنسبة للمصحات الخاصة
- إدخال تغيير على نظام توقيت العمل
- التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص
- تحديد حد أعلى للأسعار  
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

أدّى رئيس الجمهورية قيس سعيّد ليلة أمس الثلاثاء، زيارة فجئية إلى مدينة حلق الوادي للاطلّاع على أش
09:45 - 2025/08/27
في حرب الابادة الجماعية المستمرة في غزة منذ قرابة السنتين لم تسقط «إسرائيل» فقط، بل سقط معها الغر
07:00 - 2025/08/27
ارموني بالجهالة و الغباء أن شئتم ، اذا أقسمت لكم    بالعرب العاربة
07:00 - 2025/08/27
انعقدت بمقر وزارة النقل مؤخرا جلسة عمل ترأسها وزير النقل رشيد عامري و سفيان تقية وزير السياحة لتد
07:00 - 2025/08/27
وسط مخاوف من تهجير سكان غزّة إلى سيناء، ومع توغل الاحتلال في القطاع، دفعت مصر خلال هذه الايام آلا
07:00 - 2025/08/27
أفادت تقارير إسرائيلية، بأن تل أبيب لا تعتزم الرد على مقترح الوسطاء لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النا
07:00 - 2025/08/27
 تتسارع وتيرة الحرب النفسية في تونس معلنة عن طور آخر ربما أكثر توحشا في أجندا «استعدوا لحكم الجول
07:00 - 2025/08/27