الغابات تضيع من بين أيدينا تدريجياً

الغابات تضيع من بين أيدينا تدريجياً

تاريخ النشر : 18:45 - 2023/08/08

الحرائق التي أتت مؤخرا على أكثر من مساحة وبأكثر من ولاية وخاصة بمنطقة "ملولة التابعة لمعتمدية طبرقة، ،كانت فاجعة وطنية بأتم معنى الكلمة، خلفت عديد الخسائر ،حيث هجّرت السكان وقتلت الحيوان ،ولم يبق من اخضرار الغابة سوى بقايا الرماد والدخان ."الشروق " قامت بالتحقيق التالي للاطلاع على الآثار الجانبية لحرائق الغابات عامة ،وتأثيراتها على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية . 
الغابة... محمية طبيعية 
تعتبر الغابات في مجملها جزء لا يتجزأ من البيئة إذ تساهم في استقرارها،ولكن للأسف فهي تضيع من بين أيدينا تدريجياً وتتعرض للضياع ،ولا تقتصر الغابات على كونها غطاء شاسع أخضر لكن لها مغزى اقتصادي واجتماعي وبيئي ، كما أنها تمنع تدهور التربة وتآكلها، وتحمى ينابيع المياه، وتحافظ على استقرار الجبال، كما تساهم في حماية الحيوانات من الانقراض حيث تعتبر الغابة محمية طبيعية
وعلى الرغم من أهمية الغابات، فما زالت التقارير تشير إلى التدهور المستمر في هذه المساحة الشاسعة، و ذلك من خلال الحرائق التي باتت تتعرض لها هذه المساحة الخضراء من سنة إلى أخرى ،" الشروق" قامت بالتحقيق التالي للاطلاع على الآثار الجانبية لحرائق الغابات .
انعكاسات اجتماعية ....و تبعات  اقتصادية
 يقول د محمد الصالح اليوسفي أن ما تم  من انتهاك لحرمة غاباتنا من حرائق سيؤدي حتما وللأسف إلى تخفيض القيمة الاقتصادية للخشب المتبقي بعد الحريق ، كما أنها ستتسبب في تدمير جزء من النباتات الطبية التي يستفيد منها عادة بعض السكان المحليين اقتصادياً.بالإضافة إلى بعض الأعمال الأخرى التي يقتات منها سكان هذه المناطق الغابية مثل "الزقوقو " والبندق والأعشاب الطبية وصناعة التحف الخشبية والفواكه الجافة والعديد من الأعمال الأخرى مثل تربية النحل والدواجن والمواشي بأنواعها . لذلك يقول السيد اليوسفي، بان الفاتورة ستكون باهظة جدا من جميع النواحي ،خاصة وان هناك المئات بل الآلاف من العائلات الذين يستوطنون الغابات منذ عديد العقود باتوا بين عشية وضحاها في خانة التشرد والبطالة جراء ما لحقت منازلهم من هلاك ، وما أصبحوا عليه من تجويع بسبب استنزاف أرزاقهم التي أصبحت رمادا. 
 مستقبل معيشي مجهول ..... 
 الحرائق التي جدت بغاباتنا سواء هذه الصائفة أو خلال السنوات الفارطة، يقول عنها السيد اليوسفي بان لها تداعيات سلبية لا تحصى ولا تعد حيث بات العشرات بل المئات بين أحضان الفقر المدقع جراء تآكل أرزاقهم التي أصبحت رمادا في لمح البصر ، إذ باتوا بين ثنائية الفقر والتشرد .من ذلك يقول بان مستقبل جنود الغابات من متساكنيها وخاصة منه المعيشي والحياتي بصفة عامة، أصبح في طور المجهول بعد أن استنزفوا كل ما يملكونه من مؤونة وحيوانات وعتاد منزلي ،فالحالة التي أصبحوا عليها باتت مأسوية .
وفي جانب آخر يضيف أن زوال الغطاء النباتي  سيؤثر سلباً على المناخ الطبيعي ،الأمر الذي سينعكس سلباً على تشكل التربة ،كما تعمل الأشجار على تثبيت التربة والمحافظة على خصوبتها لذلك سيؤدي زوال الغابة تحت تأثير النار إلى انجراف التربة وانخفاض خصوبتها يظهر هذا التأثير بشكل جلي في المناطق الجبلية المنحدرة وتزداد الخطورة مع زيادة الانحدار وكمية تساقط الأمطار السنوية. كما إن الهطول الغزير للغيث النافع سيقود إلى انجراف التربة وتقلها إلى المناطق المنخفضة وتراكمها على الطرقات وخلف السدود. وقد تؤثر سلباً على  الممتلكات الخاصة،إذا يمكن أن تتحول التربة في هذه الحالة من نعمة إلى نقمة حقيقية ويضيف أيضا انه وللأسف أن إعادة الغطاء النباتي الغابي بالجبال التي تم حرقها يتراوح عادة بين الـ 20 و الـ 30 سنة وذلك حسب نوعية النباتات  .
كارثة بيئية... في الانتظار 
أما السيد محمد الصالح العبيدي ( أحد متساكني الغابة)، يرى بان من التأثيرات الأخرى التي ستسببها الحرائق  ،هو تدهور حالة الأرض وفقدان القدرة على الإنتاج الزراعي ودعم التنوع الحيوي النباتي والحيواني، و اندثار المساحات الخضراء سيسرّع في عملية التصحّر التي يترتب عليها خسائر اقتصادية فادحة، بعد ان كانت
جذور الأشجار تساهم  في منع انزلاق التربة وتآكلها وتحافظ على استقرارها، ويعتبر تآكل التربة وانزلاقها مشكلة بيئية وزراعية خطيرة.
ويضيف بأنها تحافظ أيضا على المياه الجوفية فالأشجار تساعد التربة على امتصاص مياه الأمطار 
كما تساعد الغابات أيضا على تلطيف المناخ عبر التأثير على سرعة الرياح وتقلل من حدوث الاعصارات والفيضانات وتمتص بعضا من أشعة الشمس وتعدل حرارة الهواء. دون نسيان أن الهكتار الواحد من الغابات يمكن أن ينتج أوكسجين يكفي لـ 40 شخص ويمتص انبعاث ثاني أكسيد الكربون الذي ارتفعت معدلاته كثيرا في السنوات الأخيرة.
كما يضيف محدثنا العبيدي  عما سبق ، أن الحرائق بصفة عامة بالغابات ستتسبب في قتل أنواع كثيرة من النباتات والأشجار وحتى بعض الحيوانات التي لم تستطع الهرب ،كما تؤثر حرائق الغابات على الاقتصاد لما تتضمنه من كلفة إعادة التشجير ، وتأثيرها على الزراعة ونوعية الحياة والسياحة البيئية. ، ولذلك فإن زوال الغابة تحت تأثير الحريق أو أي عامل آخر ستؤدي إلى ارتفاع نسبة الإشعاع الشمسي التي تصل إلى وحدة المساحة من سطح الأرض وبالتالي سيزداد جفاف الموقع مع الزمن.
 

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

تسرب سهوا خطأ في صورة تم نشرها بالصفحة الرسمية لموقع الشروق أون لاين على موقع التواصل الاجتماعي "
13:30 - 2025/05/03
ستشهد بعض المناطق بالضاحية الجنوبية للعاصمة، إضطرابا وإنقطاعا في توزيع الماء الصالح للشرب، وذلك ب
13:14 - 2025/05/03
يجتاز 143 ألفا و 935 تلميذا، انطلاقا من يوم الإثنين المقبل، امتحان البكالوريا التجريبية " البكالو
13:01 - 2025/05/03
أدى وزير التربية، نور الدين النوري، مساء امس الجمعة 2 ماي 2025، زيارة إلى فضاء معرض تونس الدولي ل
12:38 - 2025/05/03
استعدادا لعيد الإضحى المبارك ولتأمين أضاحي سليمة وحفاظا على سلامة المستهلك، أو صت المصالح البيطري
11:20 - 2025/05/03
يكون طقس اليوم السبت مغيما جزئيا على كامل البلاد فتدريجيا كثيف السحب بعد الظهر بالمناطق الغربية ل
08:12 - 2025/05/03
قال كاتب الدولة المكلف بالمياه، حمادي الحبيّب، على هامش زيارة عمل أدّاها إلى ولاية القيروان، إن و
07:00 - 2025/05/03
استقبلت تونس حوالي 2.300.250 مليون سائح، إلى غاية يوم 20 أفريل 2025 ، وفق ما كشف المدير العام للد
07:00 - 2025/05/03