الصادق شعبان يكتب: كيف نصلح المدرسة العمومية

الصادق شعبان يكتب: كيف نصلح المدرسة العمومية

تاريخ النشر : 10:29 - 2022/03/11

كيف نصلح المدرسة العمومية ... المدرسة هي المصنع الكبير لصنع الأمة... و نقصد هنا المدرسة الأساسية - او المدرسة الجمهورية كما اصبح يقال ... تلك المرحلة من حياة الطفل التي تلقن القيم ... و تعطي الكفاءات الأساسية ... و تزيل الفوارق ... و تمنح الفرص بالتساوي ... و تمسك بالمصعد الاجتماعي الذي كان سرّ النمو في تونس ... في المدرسة العمومية تعلمت الأجيال السابقة دون عناء ان الفتيان و الفتيات متساوون يجلسون في أقسام واحدة و مقاعد واحدة ... في المدرسة العمومية تعلمت الأجيال السابقة ان ليس هناك بين الأطفال غني و لا فقير كلهم تلاميذ ببدلة واحدة و بلمجة واحدة ... في المدرسة العمومية تعلمت الأجيال السابقة القيم الكبرى : حب الوطن و حب العمل و أخلاق الاحترام و حس التضامن... تغيرت الأوضاع منذ سنوات و تغيرت السياسات ... و ضاعت المدرسة العمومية لأسباب عديدة .... الملف الاستراتيجي الأكبر الان ، و بالمعني الأمني الشامل ، هو ملف التعليم ... و اذا ما لم نصلح التعليم ، لن نرى الحرية و لا الديمقراطية ، و سوف تبقى الظلامية و يبقى الانحراف، و لن ناخذ بأسباب التنمية التي أصبحت باطراد كامنة في تملك المعرفة و في القدرة على التجديد و البحث عن السبق ... ما يجري الان ضروري : اصلاح الدولة و إنهاء الفساد ... فما يحصل هام ... و منذ سنوات كنا كلنا نترقب هذا الإصلاح ... و قبل سنة ما كان أحد فينا يعتقد ان حل البرلمان سهل و تعديل الدستور ممكن و لا الخروج من التمثيلية النسبية أو تغيير تركيبة المجلس الأعلى للقضاء ... لم يكن اصلاح الدولة سهلا ... و تحصل الولادة بكلاليب الجراح ... لكن الملف الذي لا ينتظر هو ملف التعليم ... و اذا أردنا ان نبني المستقبل يجب أن نراجع منظومة المعرفة كلها ، تعليم و تكوين مهني و بحث و تجديد ... و المدرسة الأساسية هي العمود الفقري لكل فروع المعرفة الاخرى ... منهج الإصلاح الان في المدرسة يحتاج الى تصور مختلف تماما عما كان يحصل ... و اني اعتقد ان " التعلّم الذاتي " l'auto-formation هو الحل، و الاستثمار في الأدوات الرقمية و في صنع المضامين هو الذي يمكننا من اللحاق بالأمم التي سبقتنا... و بدون اللحاق بهذه الأمم في التعليم لن ننافسها في اي مجال اخر ، لا انتاج التكنولوجيا و لا الاقتصاد الجديد و لن نرتقي اليها في مجال الديمقراطية و الحريات و لا في مجال الاستقرار و الأمان ... ترتيبنا في الجداول الدولية متأخر جدا ، و هذا اهم مؤشر لقياس مستقبل الأمم... كلها الان معركة وقت، و بحث عن اقل كلفة ، و ليس ثمة في رأيي حل افضل للطفل من " التعلم الذاتي "، شرط البرمجة الدقيقة للإصلاح و المستوى الرفيع للمضامين ... الطفل قادر اليوم على سبق استاذه ... اذا نحن مكناه من الأدوات الرقمية ... و واكبنا عمله كما يجب ... عالم الغد لا يعالج بأدوات الأمس... أ.د الصادق شعبان 11 مارس 2022

تعليقات الفيسبوك

في نفس السياق

ربما لا تصح المبالغة في جدوى المؤتمر الدولي الأخير في نيويورك عن «حل الدولتين» وإقامة الدولة الفل
07:00 - 2025/08/04
بقلم: غسان الشابي (تونس)
07:00 - 2025/08/04
هكذا يوافق يوم الأحد: هياكل عظمية غزواية وخراب هيكل صهيوني، هكذا يوافق يوم الأحد ما يسمى « ذكرى خ
07:00 - 2025/08/03
من الإنجازات الصحية التي تفتخر بها بلادنا أذكر اليوم المستشفى الجامعي الكبير شارل نيكول الذي يتوا
07:00 - 2025/08/02
هكذا يوافق يوم الأحد: هياكل عظمية غزاوية وخراب هيكل صهيوني، هكذا يوافق يوم الأحد ما يسمى " ذكرى خ
20:15 - 2025/08/01
في زمنٍ يتهاوى فيه كلّ ما تبقّى من القيم، لا بدّ من تسمية الأشياء بأسمائها.
07:00 - 2025/07/31
رغم انني أعرف أغلب شوارع العاصمة التي قدمت اليها وعمري 11 سنة لاجئا من الجنوب (مدنين) لا عفوا (ان
07:00 - 2025/07/31
من خلال مسيرة الأمين السعيدي الأدبية نتبين أن للرواية تقنياتها الخاصة وأسلوبها المتفرد ولغتها الح
22:14 - 2025/07/29