الأستاذ عبد الحفيظ السلطاني يناشد المسؤولين إعادة أمجاد ضيعة شمتو الدولية
تاريخ النشر : 14:29 - 2025/07/18
كتب الأستاذ عبد الحفيظ السلطاني كشاهد على العصر تدوينة حول وضعية ضيعة "شمتو" الدولية. ناشد فيها السلط الجهوية و مرجع النظر التدخل لاعادة الاعتبار لهذه الضيعة.
و جاء في تدوينة الأستاذ عبد الحفيظ :
تأسست ضيعة شمتو في سنة 1881 في عهد الاحتلال الفرنسي، على يد المعمر "ميني كيتي" (mini kitti)
لتكون بعد الاستقلال مركزًا زراعيًا هامًا تابعًا لديوان الأراضي الدولية بعد أن كانت تحت استغلتل خليفة حواس.
و امتلكت الضيعة طاقة تشغيلية كبرى،امتدت على آلاف الهكتارات، واستثمرت في زراعة الفواكه، الحبوب، والعلف،
وكانت مصدر رزق رئيسي لآلاف العمال والعائلات في ولاية جندوبة،لكن اليوم، وبعد عقود من الإهمال وسوء الإدارة،
تحولت الضيعة إلى خراب مدمر، بلغت خسائرها 11 مليون دينارا...وتم اقتلاع الأشجار المثمرة، توقف الإنتاج، وتوقفت الحياة فيها كليًا.
استيقظت مذعورًا، والقلب يخفق بين الحلم واليقظة،
رأيت ضيعة شمتو كما كانت، في زمن يشبه قصة سيدنا يوسف عليه السلام،حين كانت سنوات الخير والعطاء تمتد بلا حدود،
بساتين التفاح، الإجاص، الحوامض، وحبة الملوك،
تُثمر بأيدي الكادحين، وتغذي آلاف العائلات، وترسم حياةً من الكد والتعب، من الصبر والإباء، لكن الضيعة لم تعش سبع سنوات فقط من الجدب، بل دخلت في سنين عجاف طويلة، تبدو كأنها لا تنتهي،
اقتُلعت الأشجار، جفت الأرض، صمتت الآلات، وحلّ الخراب،
وكأن الزمن الجميل لم يعد ممكنًا أبداً ..
كانت ضيعة شمتو القلب الأخضر في ولاية جندوبة، أمٌّ سخية تمتد على آلاف الهكتارات،تغطي مناطق واسعة مثل القرايرية، الدورة، وحكيم و الدخائلية و الصوادقية و الجلايلية و عبس و أولاد عيار وو، مصدر الرزق الوحيد لألاف العائلات، كانت المدرسة التي تعلم الكبار بعد الاستقلال، بساتينها وأنهارها على مجردة و الرغاي حكايات عشق للزرع والعمل، كانت مصدر الحياة في وجه الفقر المدقع، كانت الحضن الدافئ لكل من وضع ثقته بها، رغم الجوع، رغم المصاعب، ظلّ العاملون بها سدا منيعًا،يزرعون الأمل في ترابها، وينحتون مجدًا بعرقهم ودمائهم.
لم تكن ضيعة شمتو أرضًا فقط، بل كانت مدرسة الحياة،
فيها تعلم العمال معنى الكرامة، وفي ساحتها وُلد الوعي النقابي الذي صمد أمام الجوع والإهانة،
كان العمال رغم فقرهم المدقع، ولم يكونوا يملكون عشاء ليلة تم ترويعهم وتهديدهم بالطرد سنة 1978،
لكنهم لم يرضخوا، ووقفوا صامدين في وجه التهديد،
كانت المدرسة الوحيدة التي علمت الكبار القراءة والكتابة ومعنى الحياة بكرامة ....
كانت ضيعة شمتو تحوي قادة أفذاذًا، حملوا مسؤولية الأرض والإنسان في آن واحد، سي هلال، الحبيب الرويسي، الناجي الحناشي، أحمد الجلاصي، و أحمد بن عمر و سي مختار، المولدي الخميسي...وأبطال الميدان، آلاف العمال الذين حملوا على أكتافهم أحلام الضيعة، سأكتفي بذكر عائلتي وأعمامي ولكن غيرهم كثير والاغلبية رحلو عنا رحمهم الله إبراهيم بالشاوش والدي، عثمان بالشاوش، و رابح بالشاوش ، عمار بن فرحات، عبدالله بن فرحات، بلقاسم بن عمارة، المولدي بالشريف، عمر بن احمد ، الحبيب بن براهيم، عبدالله بن براهيم، محمد بن براهيم، حسين بن عبدالله...
كلهم عبروا بمشقة، سطروا قصصًا من الكفاح، سالت منهم قطرات العرق، وبذلوا كل شيء من أجل أن تبقى الأرض خضراء ...
لكن بعد كل هذا العطاء، حلت الكارثة، بالقرارات السيئة واللامبالاة، اقتلعوا آلاف الأشجار، دُمرت آلاف الهكتارات، توقفت الجرارات والشاحنات، ودخلت الضيعة في سنين عجاف طويلة، بلا أمل في عودة الحياة،
توقفت زراعة القمح والشعير والعلف، ودُمرت مدرسة الأمل التي كانت المنارة
حلّ الصمت والموت البطيء، وأصبح الخراب سيد المكان.
ضيعة شمتو كانت المدرسة الوحيدة التي أنقذت آلاف الأرواح من الجوع، واليوم، في غيابها، حلّت البطالة والخراب، والأطفال يكبرون بلا أمل، وصوتها أصبح نحيبًا في الريح.
نحن، رجال قريتي وأبناؤها، زرعنا الأمل، سقيناه بعرقنا...
أما أنتم...
أنتو دود الأرض والآفة المخيفة،
أنتو ذرة رمل في عيون الخليفة،
أنتو كرباج المظالم والمآسي،
أنتو عِلّة في جسم بلدي،
أنتو جيفة...
أيها الشباب الطموح في الجهة وفي ضيعة شمتو، أنتم رجال الغد وأمل الأرض الذي لا يموت، ندعوكم لتكونوا في طليعة من يعيد الحياة إلى هذه الضيعة، لتعيدوا بناء أحلام الأجداد، وتزرعوا مستقبلًا مشرقًا بأيديكم، لتحولوا ضيعة شمتو إلى شركة أهلية تكون ملكًا لكم ولأهاليكم، تعودون بها مصدر رزق وفخر لكل أسرة، فلنبنِ معًا غدًا أفضل، ونشعل شموع الأمل التي لم تنطفئ،
ولتكن ضيعة شمتو منارة للحياة والعمل، مكانًا تعود فيه الأرض لتغني، ويحيا الإنسان بكرامة واعتزاز. ونصدح جميعا بصوت عال :
هنغني ودايماً هنغني
ونبشر بالخير ونمني
ونلف الدنيا الدوارة
على صوت النغمة الهدارة
ومعانا المشرط والبلسم
في الكلمة الصاحية النوارة

كتب الأستاذ عبد الحفيظ السلطاني كشاهد على العصر تدوينة حول وضعية ضيعة "شمتو" الدولية. ناشد فيها السلط الجهوية و مرجع النظر التدخل لاعادة الاعتبار لهذه الضيعة.
و جاء في تدوينة الأستاذ عبد الحفيظ :
تأسست ضيعة شمتو في سنة 1881 في عهد الاحتلال الفرنسي، على يد المعمر "ميني كيتي" (mini kitti)
لتكون بعد الاستقلال مركزًا زراعيًا هامًا تابعًا لديوان الأراضي الدولية بعد أن كانت تحت استغلتل خليفة حواس.
و امتلكت الضيعة طاقة تشغيلية كبرى،امتدت على آلاف الهكتارات، واستثمرت في زراعة الفواكه، الحبوب، والعلف،
وكانت مصدر رزق رئيسي لآلاف العمال والعائلات في ولاية جندوبة،لكن اليوم، وبعد عقود من الإهمال وسوء الإدارة،
تحولت الضيعة إلى خراب مدمر، بلغت خسائرها 11 مليون دينارا...وتم اقتلاع الأشجار المثمرة، توقف الإنتاج، وتوقفت الحياة فيها كليًا.
استيقظت مذعورًا، والقلب يخفق بين الحلم واليقظة،
رأيت ضيعة شمتو كما كانت، في زمن يشبه قصة سيدنا يوسف عليه السلام،حين كانت سنوات الخير والعطاء تمتد بلا حدود،
بساتين التفاح، الإجاص، الحوامض، وحبة الملوك،
تُثمر بأيدي الكادحين، وتغذي آلاف العائلات، وترسم حياةً من الكد والتعب، من الصبر والإباء، لكن الضيعة لم تعش سبع سنوات فقط من الجدب، بل دخلت في سنين عجاف طويلة، تبدو كأنها لا تنتهي،
اقتُلعت الأشجار، جفت الأرض، صمتت الآلات، وحلّ الخراب،
وكأن الزمن الجميل لم يعد ممكنًا أبداً ..
كانت ضيعة شمتو القلب الأخضر في ولاية جندوبة، أمٌّ سخية تمتد على آلاف الهكتارات،تغطي مناطق واسعة مثل القرايرية، الدورة، وحكيم و الدخائلية و الصوادقية و الجلايلية و عبس و أولاد عيار وو، مصدر الرزق الوحيد لألاف العائلات، كانت المدرسة التي تعلم الكبار بعد الاستقلال، بساتينها وأنهارها على مجردة و الرغاي حكايات عشق للزرع والعمل، كانت مصدر الحياة في وجه الفقر المدقع، كانت الحضن الدافئ لكل من وضع ثقته بها، رغم الجوع، رغم المصاعب، ظلّ العاملون بها سدا منيعًا،يزرعون الأمل في ترابها، وينحتون مجدًا بعرقهم ودمائهم.
لم تكن ضيعة شمتو أرضًا فقط، بل كانت مدرسة الحياة،
فيها تعلم العمال معنى الكرامة، وفي ساحتها وُلد الوعي النقابي الذي صمد أمام الجوع والإهانة،
كان العمال رغم فقرهم المدقع، ولم يكونوا يملكون عشاء ليلة تم ترويعهم وتهديدهم بالطرد سنة 1978،
لكنهم لم يرضخوا، ووقفوا صامدين في وجه التهديد،
كانت المدرسة الوحيدة التي علمت الكبار القراءة والكتابة ومعنى الحياة بكرامة ....
كانت ضيعة شمتو تحوي قادة أفذاذًا، حملوا مسؤولية الأرض والإنسان في آن واحد، سي هلال، الحبيب الرويسي، الناجي الحناشي، أحمد الجلاصي، و أحمد بن عمر و سي مختار، المولدي الخميسي...وأبطال الميدان، آلاف العمال الذين حملوا على أكتافهم أحلام الضيعة، سأكتفي بذكر عائلتي وأعمامي ولكن غيرهم كثير والاغلبية رحلو عنا رحمهم الله إبراهيم بالشاوش والدي، عثمان بالشاوش، و رابح بالشاوش ، عمار بن فرحات، عبدالله بن فرحات، بلقاسم بن عمارة، المولدي بالشريف، عمر بن احمد ، الحبيب بن براهيم، عبدالله بن براهيم، محمد بن براهيم، حسين بن عبدالله...
كلهم عبروا بمشقة، سطروا قصصًا من الكفاح، سالت منهم قطرات العرق، وبذلوا كل شيء من أجل أن تبقى الأرض خضراء ...
لكن بعد كل هذا العطاء، حلت الكارثة، بالقرارات السيئة واللامبالاة، اقتلعوا آلاف الأشجار، دُمرت آلاف الهكتارات، توقفت الجرارات والشاحنات، ودخلت الضيعة في سنين عجاف طويلة، بلا أمل في عودة الحياة،
توقفت زراعة القمح والشعير والعلف، ودُمرت مدرسة الأمل التي كانت المنارة
حلّ الصمت والموت البطيء، وأصبح الخراب سيد المكان.
ضيعة شمتو كانت المدرسة الوحيدة التي أنقذت آلاف الأرواح من الجوع، واليوم، في غيابها، حلّت البطالة والخراب، والأطفال يكبرون بلا أمل، وصوتها أصبح نحيبًا في الريح.
نحن، رجال قريتي وأبناؤها، زرعنا الأمل، سقيناه بعرقنا...
أما أنتم...
أنتو دود الأرض والآفة المخيفة،
أنتو ذرة رمل في عيون الخليفة،
أنتو كرباج المظالم والمآسي،
أنتو عِلّة في جسم بلدي،
أنتو جيفة...
أيها الشباب الطموح في الجهة وفي ضيعة شمتو، أنتم رجال الغد وأمل الأرض الذي لا يموت، ندعوكم لتكونوا في طليعة من يعيد الحياة إلى هذه الضيعة، لتعيدوا بناء أحلام الأجداد، وتزرعوا مستقبلًا مشرقًا بأيديكم، لتحولوا ضيعة شمتو إلى شركة أهلية تكون ملكًا لكم ولأهاليكم، تعودون بها مصدر رزق وفخر لكل أسرة، فلنبنِ معًا غدًا أفضل، ونشعل شموع الأمل التي لم تنطفئ،
ولتكن ضيعة شمتو منارة للحياة والعمل، مكانًا تعود فيه الأرض لتغني، ويحيا الإنسان بكرامة واعتزاز. ونصدح جميعا بصوت عال :
هنغني ودايماً هنغني
ونبشر بالخير ونمني
ونلف الدنيا الدوارة
على صوت النغمة الهدارة
ومعانا المشرط والبلسم
في الكلمة الصاحية النوارة