أسباب اقتصادية واجتماعية ورائها..ارتفاع حالات الانتحار خلال الحجز الصحي
تاريخ النشر : 09:49 - 2020/04/30
شهدت تونس خلال فترة الحجر الصحّي تصاعدا في حالات ومحاولات الانتحار أقدم عليها اشخاص من مختلف الفئات العمرية لأسباب تعلقت بما هو اقتصادي واجتماعي ونفسي. موجة عكست نقاط الضعف التي وقعت فيها حكومة الفخفاخ في استراتيجية مواجهتها لجائحة كورونا.
تونس/الشروق
غابت اخبار حالات ومحاولات الانتحار عن الاعلام طيلة فترة الحجر الصحّي وكان من السهل تصديق انّ الحجر الشامل أسهم في التحكّم فيها والحد منها إلاّ ان صيحات فزع المسؤولين في مختلف المهن تواترت بخصوص زيادة هذه الحالات تحت وقع حالة انغلاق اقتصادي واجتماعي كامل فرضته جائحة كورونا.
زيادة بـ30 بالمئة
حالات الانتحار المعلنة ظهرت في معتمدية مكثر في الثالث من افريل الجاري حيث اقدم شابان على الانتحار الأول حرقا والثاني من خلال الاعتداء على نفسه بقطعة زجاج داخل مكتب رئيس البلدية. ويأتي هذا على خلفية حالة الاحتقان الاجتماعي الذي شهدته المنطقة بسبب تعطّل المعيش اليومي للمواطنين وتضرر الفئات الهشة جرّاء الحجر الصحي وفقدان المواد الغذائية الأساسية كالسميد والفرينة.
ثمّ لاحقا ظهرت الدكتورة ريم عبد الملك، عضو لجنة مكافحة فيروس كورونا، لتلفت النظر الى الزيادة في حجم الانتحار خلال فترة الحجر الصحّي. من جهته قال الدكتور ماهر البرصاوي رئيس قسم جراحة العظام بمستشفى الرابطة للشروق إنّ القسم سجّل «توافد عدد من الحالات الاستعجالية التي تطلبت عمليات جراحية لخطورتها وان اغلب هذه الحالات كانت ناجمة عن محاولات انتحار وفقا لما يتضح لاحقا».
واكد للشروق أنّ «الانتحار عبر القاء النفس من العلو زاد بنسبة 30 بالمئة خلال فترة الحجر الصحي مقارنة بالمعدلات العادية وان اغلب الضحايا هنّ إناث من الفئة العمرية دون 35 سنة وينحدر اغلب الضحايا من الحزام الغربي للعاصمة أي الاحياء الشعبية». وتمثّل هذه الفئة العمرية الأكثر اقبالا على الانتحار ومحاولة الانتحار وفقا للتقارير الشهرية التي يصدرها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول الانتحار.
25 ٪ زيادة في الاقبال على الرازي
منتصف شهر افريل كشف الكاتب العام للنقابة الأساسية بمستشفى الاعصاب الرازي ان خدمات الاستعجالي تشهد ارتفاعا في نسبة الاقبال بنسبة ناهزت 25 بالمئة مبرزا ان «الإحساس بالخوف من الإصابة كان سببا مباشرا لهذه الزيادة». كما قال إنّ ما بين 500 و600 مريض يزورون المستشفى يوميا.
وقد وفّر الحجر الصحّي المناخ الملائم للإقدام على الانتحار بالنسبة لمن يعانون من بنية نفسية هشّة بالنسبة للدكتور ماهر البرصاوي وأيضا الدكتورة انيسة بوعسكر رئيسة خلية الإحاطة النفسية بضحايا الكوارث والتي اكدت للشروق أنّ «الحجر الصحّي قد يكون ساهم بشكل مباشر في تحريض الاقدام على الانتحار او التفكير فيه».
من جهته قال الدكتور البرصاوي إنّ وزارة الصحة العمومية توقفت عند اشكال حقيقي يتمثل في الرعاية النفسية ومن هذا المنطلق تمّ تفعيل رقم اخضر للإحاطة النفسية لمساعدة الناس خلال فترة الحجر الصحي وتقديم الخدمات العلاجية النفسية مضيفا «ربما يشعر بعض الافراد بحالة احباط وهذا امر يمكن التفطن اليه داخل الاسرة إذا ما تغيّر سلوك احد افرادها» كما قال إنّ «محاولة الانتحار تكون مسبوقة بتراكمات واعراض تظهر من قبل ولا نتفطن اليها ولكنها اتضحت اكثر تحت وقع الحجر الصحي».
تراكمات ماضي حكومي
من جهته أوضح مصدر من مستشفى الحروق البليغة للشروق ردّا عن استفسارنا حول حقيقة توافد حالات ومحاولات الانتحار على الاستعجالي خلال فترة الحجر الصحي أنّ المستشفى سجّل 186 حالة عنف توافدت على المستشفى خلال شهر افريل «ولكن لا يمكن فصل الحالات الخاصة بالانتحار عن حالات العنف اذ يتم تسجيل كل الحالات الوافدة كعنف».
في المحصلة، ونحن نهمّ بمغادرة الحجر الصحّي الشامل بعد أيام قليلة، زيادة حالات ومحاولات الانتحار خلال فترة الحجر الصحّي، وإن تكشف عن هشاشة نفسية لدى الضحايا، فهي أيضا تكشف عن ثغرات ونقاط ضعف واجهت بها السلطات الرسمية جائحة كورونا فالازمة أتت على ماهو اقتصادي واجتماعي وارتكزت اغلب الإجراءات على هذا الجانب ثمّ جاء التدارك لتوفير الرعاية الصحية والنفسية. هذه الثغرات هي دون شكّ تراكمات ماضي حكومي ستتحمّل حكومة الفخفاخ وزر تبعاته إنّ لم تتحفّز للتشخيص الحقيقي لما حاصل وإن لم تكن صادقة في المعالجة الصادقة لمجمل هذه الأوضاع وفي مقدمتها اعتماد مقاربة شاملة لحماية الفئات الهشة وادماج الشباب وتغيير الخيارات الاقتصادية والاجتماعية.

شهدت تونس خلال فترة الحجر الصحّي تصاعدا في حالات ومحاولات الانتحار أقدم عليها اشخاص من مختلف الفئات العمرية لأسباب تعلقت بما هو اقتصادي واجتماعي ونفسي. موجة عكست نقاط الضعف التي وقعت فيها حكومة الفخفاخ في استراتيجية مواجهتها لجائحة كورونا.
تونس/الشروق
غابت اخبار حالات ومحاولات الانتحار عن الاعلام طيلة فترة الحجر الصحّي وكان من السهل تصديق انّ الحجر الشامل أسهم في التحكّم فيها والحد منها إلاّ ان صيحات فزع المسؤولين في مختلف المهن تواترت بخصوص زيادة هذه الحالات تحت وقع حالة انغلاق اقتصادي واجتماعي كامل فرضته جائحة كورونا.
زيادة بـ30 بالمئة
حالات الانتحار المعلنة ظهرت في معتمدية مكثر في الثالث من افريل الجاري حيث اقدم شابان على الانتحار الأول حرقا والثاني من خلال الاعتداء على نفسه بقطعة زجاج داخل مكتب رئيس البلدية. ويأتي هذا على خلفية حالة الاحتقان الاجتماعي الذي شهدته المنطقة بسبب تعطّل المعيش اليومي للمواطنين وتضرر الفئات الهشة جرّاء الحجر الصحي وفقدان المواد الغذائية الأساسية كالسميد والفرينة.
ثمّ لاحقا ظهرت الدكتورة ريم عبد الملك، عضو لجنة مكافحة فيروس كورونا، لتلفت النظر الى الزيادة في حجم الانتحار خلال فترة الحجر الصحّي. من جهته قال الدكتور ماهر البرصاوي رئيس قسم جراحة العظام بمستشفى الرابطة للشروق إنّ القسم سجّل «توافد عدد من الحالات الاستعجالية التي تطلبت عمليات جراحية لخطورتها وان اغلب هذه الحالات كانت ناجمة عن محاولات انتحار وفقا لما يتضح لاحقا».
واكد للشروق أنّ «الانتحار عبر القاء النفس من العلو زاد بنسبة 30 بالمئة خلال فترة الحجر الصحي مقارنة بالمعدلات العادية وان اغلب الضحايا هنّ إناث من الفئة العمرية دون 35 سنة وينحدر اغلب الضحايا من الحزام الغربي للعاصمة أي الاحياء الشعبية». وتمثّل هذه الفئة العمرية الأكثر اقبالا على الانتحار ومحاولة الانتحار وفقا للتقارير الشهرية التي يصدرها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول الانتحار.
25 ٪ زيادة في الاقبال على الرازي
منتصف شهر افريل كشف الكاتب العام للنقابة الأساسية بمستشفى الاعصاب الرازي ان خدمات الاستعجالي تشهد ارتفاعا في نسبة الاقبال بنسبة ناهزت 25 بالمئة مبرزا ان «الإحساس بالخوف من الإصابة كان سببا مباشرا لهذه الزيادة». كما قال إنّ ما بين 500 و600 مريض يزورون المستشفى يوميا.
وقد وفّر الحجر الصحّي المناخ الملائم للإقدام على الانتحار بالنسبة لمن يعانون من بنية نفسية هشّة بالنسبة للدكتور ماهر البرصاوي وأيضا الدكتورة انيسة بوعسكر رئيسة خلية الإحاطة النفسية بضحايا الكوارث والتي اكدت للشروق أنّ «الحجر الصحّي قد يكون ساهم بشكل مباشر في تحريض الاقدام على الانتحار او التفكير فيه».
من جهته قال الدكتور البرصاوي إنّ وزارة الصحة العمومية توقفت عند اشكال حقيقي يتمثل في الرعاية النفسية ومن هذا المنطلق تمّ تفعيل رقم اخضر للإحاطة النفسية لمساعدة الناس خلال فترة الحجر الصحي وتقديم الخدمات العلاجية النفسية مضيفا «ربما يشعر بعض الافراد بحالة احباط وهذا امر يمكن التفطن اليه داخل الاسرة إذا ما تغيّر سلوك احد افرادها» كما قال إنّ «محاولة الانتحار تكون مسبوقة بتراكمات واعراض تظهر من قبل ولا نتفطن اليها ولكنها اتضحت اكثر تحت وقع الحجر الصحي».
تراكمات ماضي حكومي
من جهته أوضح مصدر من مستشفى الحروق البليغة للشروق ردّا عن استفسارنا حول حقيقة توافد حالات ومحاولات الانتحار على الاستعجالي خلال فترة الحجر الصحي أنّ المستشفى سجّل 186 حالة عنف توافدت على المستشفى خلال شهر افريل «ولكن لا يمكن فصل الحالات الخاصة بالانتحار عن حالات العنف اذ يتم تسجيل كل الحالات الوافدة كعنف».
في المحصلة، ونحن نهمّ بمغادرة الحجر الصحّي الشامل بعد أيام قليلة، زيادة حالات ومحاولات الانتحار خلال فترة الحجر الصحّي، وإن تكشف عن هشاشة نفسية لدى الضحايا، فهي أيضا تكشف عن ثغرات ونقاط ضعف واجهت بها السلطات الرسمية جائحة كورونا فالازمة أتت على ماهو اقتصادي واجتماعي وارتكزت اغلب الإجراءات على هذا الجانب ثمّ جاء التدارك لتوفير الرعاية الصحية والنفسية. هذه الثغرات هي دون شكّ تراكمات ماضي حكومي ستتحمّل حكومة الفخفاخ وزر تبعاته إنّ لم تتحفّز للتشخيص الحقيقي لما حاصل وإن لم تكن صادقة في المعالجة الصادقة لمجمل هذه الأوضاع وفي مقدمتها اعتماد مقاربة شاملة لحماية الفئات الهشة وادماج الشباب وتغيير الخيارات الاقتصادية والاجتماعية.