مع الشروق : خيارات الشراكات الاستراتيجية
تاريخ النشر : 19:20 - 2025/11/15
في أحد أعماله الفكرية كتب المفكر الجزائري مالك بن نبي، عن مسألة المستقبل الاقتصادي للجزائر، وخلص من خلال تحليلاته إلى أن الجزائر لن تصبح قوة اقتصادية إلاّ إذا انفتحت على محيطها الاقتصادي الإفريقي وإذا توجهت نحو الشركاء الآسيويين، وكان هذا الحديث حتى قبل أن تنال الجزائر استقلالها عن الاستعمار الفرنسي.
والمسألة في بلادنا لا تختلف عما ذهب إليه مالك بن نبي وإن اختلفت الظروف. فالحديث عن شراكات استراتيجية وشاملة لا يجب أن تغفل هذا المحيط الإفريقي الواسع والثري ولا يجب أن تغفل معاقل الثروة والعلوم والتكنولوجيا الموجودة في الشرق الآسيوي. ونحن إن أردنا فعلا تحقيق ثورة اقتصادية شاملة معتمدة على العلوم والتكنولوجيا وعلى اسواق تصدير ذات مردودية عالية، فلا يمكننا أن نتعامل مع هذه الأسواق والمساحات الإقليمية على اساس مناسباتي ، بل عيلنا الذهاب في شراكات استراتيجية واضحة وصريحة على اساس المنافع المتبادلة. ولا شيء غير ذلك سيغير من واقعنا الاقتصادي من حالة «المناولة» إلى حالة الإنتاج المعرفي والصناعي والتكنولوجي وامتلاك اسرار التفوق. وحتى هذا الشرق الذي يأخذ اليوم زمام المبادرة الاقتصادية، فلن يعاملنا إلا من منطلق مصالحه الاستراتيجية والتسويقية اساسا، ولذلك إذا تقاطعات المصالح يمكن بناء الشراكات الناجعة. و لدينا من المقومات العلمية والمهارية والبشرية ما يسمح لنا بتحقيق هذا التحوّل. ولكن ما وجب علينا فعله ودون تأخر هو الثورة التشريعية التي تسمح للقدرات البشرية باستثمار مهاراتها في مجالات التكنولوجيا المتنوعة وتوطينها في أرض قرطاج. وأي تأخير هو خسارة للوقت وللمال وتأبيد لحالة اقتصاد المناولة الذي بنيت عليه الدولة منذ استقلالها.
«التوجه جنوبا وشرقا» هي محصّلة ما خلص إليه مالك بن نبي منذ عقود، ونحن نعيد هذا الطرح الآن. هناك حديث الإرث التاريخي العريق وحيث الثورة و ممكنات الاستثمار والتعاون الهائلة، وهناك خلاصة ما توصل إليه العقل البشري من منتجات التكنولوجيا والذكاء. و العاقل هو الذي عليه أن يبادر إلى حيث الثروة لا أن ينتظر بعضا ممن يمنّ عليه بمشاريع بسيطة لم تغير واقعنا طيلة عقود من الزمان. عامل الوقت لا يرحم، ومحاولات الشد إلى الوراء لن تزيد البلاد إلا أزمات، وعليه فلا يجب الخشية من إعلان هذه التوجهات الاستراتيجية وبناء شراكات عميقة على أسسها.
كمال بالهادي
في أحد أعماله الفكرية كتب المفكر الجزائري مالك بن نبي، عن مسألة المستقبل الاقتصادي للجزائر، وخلص من خلال تحليلاته إلى أن الجزائر لن تصبح قوة اقتصادية إلاّ إذا انفتحت على محيطها الاقتصادي الإفريقي وإذا توجهت نحو الشركاء الآسيويين، وكان هذا الحديث حتى قبل أن تنال الجزائر استقلالها عن الاستعمار الفرنسي.
والمسألة في بلادنا لا تختلف عما ذهب إليه مالك بن نبي وإن اختلفت الظروف. فالحديث عن شراكات استراتيجية وشاملة لا يجب أن تغفل هذا المحيط الإفريقي الواسع والثري ولا يجب أن تغفل معاقل الثروة والعلوم والتكنولوجيا الموجودة في الشرق الآسيوي. ونحن إن أردنا فعلا تحقيق ثورة اقتصادية شاملة معتمدة على العلوم والتكنولوجيا وعلى اسواق تصدير ذات مردودية عالية، فلا يمكننا أن نتعامل مع هذه الأسواق والمساحات الإقليمية على اساس مناسباتي ، بل عيلنا الذهاب في شراكات استراتيجية واضحة وصريحة على اساس المنافع المتبادلة. ولا شيء غير ذلك سيغير من واقعنا الاقتصادي من حالة «المناولة» إلى حالة الإنتاج المعرفي والصناعي والتكنولوجي وامتلاك اسرار التفوق. وحتى هذا الشرق الذي يأخذ اليوم زمام المبادرة الاقتصادية، فلن يعاملنا إلا من منطلق مصالحه الاستراتيجية والتسويقية اساسا، ولذلك إذا تقاطعات المصالح يمكن بناء الشراكات الناجعة. و لدينا من المقومات العلمية والمهارية والبشرية ما يسمح لنا بتحقيق هذا التحوّل. ولكن ما وجب علينا فعله ودون تأخر هو الثورة التشريعية التي تسمح للقدرات البشرية باستثمار مهاراتها في مجالات التكنولوجيا المتنوعة وتوطينها في أرض قرطاج. وأي تأخير هو خسارة للوقت وللمال وتأبيد لحالة اقتصاد المناولة الذي بنيت عليه الدولة منذ استقلالها.
«التوجه جنوبا وشرقا» هي محصّلة ما خلص إليه مالك بن نبي منذ عقود، ونحن نعيد هذا الطرح الآن. هناك حديث الإرث التاريخي العريق وحيث الثورة و ممكنات الاستثمار والتعاون الهائلة، وهناك خلاصة ما توصل إليه العقل البشري من منتجات التكنولوجيا والذكاء. و العاقل هو الذي عليه أن يبادر إلى حيث الثروة لا أن ينتظر بعضا ممن يمنّ عليه بمشاريع بسيطة لم تغير واقعنا طيلة عقود من الزمان. عامل الوقت لا يرحم، ومحاولات الشد إلى الوراء لن تزيد البلاد إلا أزمات، وعليه فلا يجب الخشية من إعلان هذه التوجهات الاستراتيجية وبناء شراكات عميقة على أسسها.
كمال بالهادي